توغلات وإنذار للبنانيين.. هل تراجعت إسرائيل عن اتفاق التهدئة مع حزب الله؟
وشهدت الأيام الأخيرة توغلات وهجمات إسرائيلية متفرقة في جنوب لبنان، مع بقاء جنود الاحتلال متواجدين في جنوب لبنان، في حين تزايدت المعارضة للانسحاب أو وقف العدوان في تل أبيب، مما أثار مخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل وحزب الله. ووقف إطلاق النار الذي لم ينته بعد.
حذر الجيش الإسرائيلي سكان 73 قرية في جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم على طول الخط الأزرق، محذرا من الخطر الذي قد يشكله ذلك على حياتهم عند عودتهم إلى إسرائيل.
هل سيفشل الاتفاق؟
وفي هذا الصدد، قال الخبير العسكري العميد خالد حمادة، في تصريحات خاصة لـ”ايجي برس”، إنه لا يعتقد أن إسرائيل على وشك الانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأوضح العميد خالد أن من مصلحة إسرائيل الحفاظ على الاتفاق لأنه يمنحها ضمانات دولية بدعم أميركي وفرنسي ولبناني، كما يضمن عدم وجود بنية تحتية لحزب الله لا في جنوب الليطاني ولا في شماله. أو في أي منطقة أخرى.
وتابع حمادة: الاتفاق يمنح إسرائيل حرية التحرك إذا اكتشفت تهديدا يعده حزب الله، بشرط إبلاغ اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار مسبقا. وأكد أنه بناء على هذه المعطيات، فإنه لا يعتقد أن اتفاقا آخر يمكن أن يضمن لإسرائيل مثل هذه الضمانات، بالإضافة إلى الحفاظ على حرية تنقلها دون قيود، يسير جنبا إلى جنب مع الرغبة الأمريكية في استبعاد طهران بشكل كامل من المسرح و دور الوكلاء لإنهاء.
دكتور. من جهته، يرى المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي غسان معلوف، مقتنعا بأن تل أبيب لا تريد نقض اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، فهي تدرك عواقب وتداعيات هذه الخطوة إذا اتخذت في الوقت الحاضر.
ومن ناحية أخرى، قال المحلل السياسي د. وقال أمين قمورية، لايجي برس، إن التطورات الأخيرة دفعت البعض إلى التخوف من سعي إسرائيل إلى توسيع احتلالها لبعض مناطق الجنوب أو نقاط أخرى.
وتابع قمورية: تأكيدات أميركية بأن انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان سيتم في الوقت المناسب. ولا يزال هو العامل الحاسم في هذا الأمر، وقال إن الأمور ستتغير بشكل كبير في لبنان، بحيث سيواجه لبنان احتلالاً حقيقياً آخر للأراضي اللبنانية. وسيؤدي ذلك إلى تغيير آلية التعامل مع الوضع بسبب شدة التأثير.
تفسير الحركات الحالية
ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يدعو إلى انسحاب سريع للجيش الإسرائيلي، إلا أن مصادر أميركية تقول إن التحركات الأخيرة أثارت في الآونة الأخيرة مخاوف بشأن رغبة إسرائيل في البقاء. وفي هذا السياق، يقول العميد خالد إن المسؤولين الإسرائيليين ترددوا في الإدلاء ببعض التصريحات العسكرية، معتبراً أن إسرائيل استندت في تحركاتها الأخيرة إلى أن أداء الجيش اللبناني لم يصل إلى المستوى المطلوب وأنه لا يزال يفتقر إلى البنية التحتية لحزب الله. كما يزعمون.
وتابع حمادة أن زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان عاموس هوشستين، أثمرت في الضغط على إسرائيل للانسحاب من القطاع الغربي، بما في ذلك منطقة الناقورة، وهي نقطة استراتيجية على الحدود اللبنانية وفلسطين المحتلة.
وبحسب حمادة، حاول هوكشتاين إرسال تطمينات بالقول إن “يوماً واحداً يكفي لإتمام الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان بضمانة أميركية”، وشدد على أن التطورات تشير إلى أن الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيسي في المنطقة بقدرتها لإجبار إسرائيل على الانسحاب والالتزام بالقرار.
النفوذ السوري
بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد واستيلاء الجماعات المسلحة على السلطة، حدثت بعض التغييرات العسكرية على الأرض، والتي انعكست، إلى جانب الاحتلال، في سيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة. المنطقة العازلة مع سوريا على جبل الشيخ، وهي ذات أهمية استراتيجية حيث أنها تطل على أربع دول عربية: لبنان وفلسطين والأردن وسوريا.
وفي هذا السياق قال د. وقال غسان إن الوضع في سوريا أثر بالتأكيد على التحركات الإسرائيلية الأخيرة في جنوب لبنان، نظرا لرغبة إسرائيل في نشر الفوضى في سوريا، مستشهدا بتصريحات سابقة لمحلل إسرائيلي عندما قال إن من مصلحة إسرائيل مواصلة الحرب والقتال في سوريا من أجل سوريا. سنوات عديدة.
ومضى معلوف يقول إن الوضع في سوريا، كما هو الحال في لبنان، كان دائما مصدر قلق كبير لإسرائيل على مدى العقود الماضية. يشير إلى رغبة إسرائيل المستمرة في إقامة ما يسمى بـ “الشرق الأوسط الجديد” أو “المنطقة النظيفة والهادئة” حتى تتحقق المصالح الإسرائيلية في لبنان وسوريا والمنطقة ككل.
من جهته، قال المحلل العسكري خالد حمادة إنه لا شك أن لبنان وسوريا يمثلان مشهدا أمنيا واحدا بالنسبة لإسرائيل، مشددا على ضرورة اليقظة، لكن المهم أن يكون هناك قرار دولي مهم، قرار إسرائيل صدر عن إسرائيل. الأمم المتحدة عام 1701، مما يلزم إسرائيل بالامتثال لهذا القرار في لبنان.
وتابع العميد خالد أن إسرائيل حاولت استخدام نفس الأسلوب فيما يتعلق بالجولان السوري كما فعلت في جنوب لبنان، حيث لم تلتزم بقرار وقف انسحاب القوات الموقع عام 1974، بل حاولت تبرير تجاوزاتها على الأراضي السورية. بحجة أن السلطة السورية الجديدة قد لا يكون لها وجود فعال على الحدود، وهو ما سمح لها بالدخول إلى الأراضي السورية وتجاوز المنطقة العازلة، مما يوحي أن التحركات الإسرائيلية الحالية مرتبطة بسلوك إسرائيلي دائم يهدف إلى الالتفاف على الاتفاقات ويبدو دائما أنه يفعل ذلك بسبب القوة العسكرية المتفوقة.