لبنان.. عراقيل دستورية في طريق ترشيح قائد الجيش للرئاسة وخلافات تهدد الانتخابات

منذ 12 ساعات
لبنان.. عراقيل دستورية في طريق ترشيح قائد الجيش للرئاسة وخلافات تهدد الانتخابات

السمة الأبرز في الانتخابات الرئاسية اللبنانية هي أن الساعين إلى الرئاسة لا يكلفون أنفسهم عناء القيام بحملة أو حتى تقديم بيان، والأكثر من ذلك أنهم لا يضطرون حتى إلى إعلان ترشحهم للمنصب الأول.

المفارقة هي أنه على الرغم من أن الرئيس يتم انتخابه من قبل أعضاء البرلمان، إلا أن هذا الرئيس لا ينتمي في كثير من الأحيان إلى أي كتلة برلمانية معينة، وخاصة في أعقاب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في عام 1990.

وفي معظم الحالات، لا يتمكن أي حزب في البرلمان من الحصول على العدد المطلوب من الأصوات لانتخاب الرئيس، لأنه يصعب على أي حزب، بغض النظر عن حجمه التمثيلي، فرض قراراته بشكل كامل على الأحزاب الأخرى.

وبحسب العرف اللبناني، يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحياً مارونياً حصراً، مما يجعل لبنان الدولة العربية الوحيدة التي يرأسها مسيحي.

وما يجعل الوضع أكثر تعقيدا هو عدم وجود قوة مهيمنة، سواء داخلية أو خارجية، قادرة على فرض خيارها وإرغام من يرفض الاستسلام – وهو الوضع القائم منذ حوالي عامين وثلاثة أشهر والانتخابات قائمة ويعيقه رئيس لخلافة ميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 تشرين الأول 2022.

ولهذا السبب أيضاً تأخر انعقاد دورة جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية أكثر من سنة ونصف منذ الدورة الانتخابية الأخيرة في حزيران/يونيو الماضي، والتي لم تكن تهدف، كسابقاتها، إلى انتخاب رئيس للجمهورية. الرئيس المتغير الذي من شأنه أن يكسر الصراع السياسي في اتجاه أو آخر.

الحرب الأخيرة كانت بين حزب الله وإسرائيل، تكبد فيها الحزب خسائر فادحة، وأسفرت عن دمار هائل في عدة مناطق من البلاد، وجعلت انتخاب رئيس جديد خطوة أساسية في المرحلة المقبلة في البلاد ومن أجلها.

معوقات أمام انتخاب عون

1_11zon

في هذا السياق، يبدو أن هناك ترقباً بالفعل قبل ساعات قليلة من جلسة التصويت، رغم أن اسم قائد الجيش الحالي جوزف عون في المقدمة.

وهذا ليس مجرد صدفة، إذ أن كلا المنصبين يشغلهما تقليديا مسيحي ماروني.

لكن الظروف الحالية تعزز رمزية وصول قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية. واليوم أصبح لبنان تحت المراقبة الأميركية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، مع الاعتماد بشكل كبير على دور الجيش.

ويعتبر قائد الجيش الحالي جوزف عون من الأشخاص الذين يحتفظون بعلاقات وثيقة مع الأميركيين ويشيدون بدور الجيش وإنجازاته حتى الآن في تنفيذ الاتفاق.

وتعتبر الولايات المتحدة الداعم الأبرز للجيش اللبناني وهي الجهة التي تقدم له أكبر قدر من المساعدات، رغم أن الحجم الإجمالي لهذه المساعدات صغير ولم يتم أخذ أسلحة محددة بعين الاعتبار. كما ساهموا في مرحلة سابقة في دعم أجور أعضائه.

ونُقل عن الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوشستين، الذي زار لبنان مطلع الأسبوع، قوله إن جوزيف عون يملك المواصفات اللازمة للمرحلة المقبلة، رغم أنه ليس الوحيد الذي يمتلك تلك المواصفات.

كما أنها تأتي من مؤسسة تعتبر جامعة ووطنية ومتجاوزة للانقسامات السياسية وخالية من مزاعم الفساد.

وفي هذا السياق، تقول معظم الكتل النيابية، حتى تلك التي لم تعلن تأييدها له، إنها لا تعارض ترشيحه، وحتى حزب الله أعلن عبر عدد من مسؤوليه أنه ليس لديه «فيتو» ضد عون.

لكن الأمر لن ينضج إلا بموافقة عدد كبير من النواب على التصويت له، الأمر الذي لن يتضح إلا في الساعات الأخيرة التي تسبق جلسة التصويت.

وبرزت جهود السعودية ووجود مبعوثها في لبنان للإشراف على العملية الانتخابية، وسط تقارير إعلامية عن دعمها الصريح لتولي عون رئاسة الجمهورية.

ويزور المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان لبنان أيضا ويجري محادثات مع كتل مختلفة قبل ساعات قليلة من اللقاء.

تحديات الرئيس القادم

3_11zon

وسواء أسفرت جلسة الخميس عن انتخاب رئيس أو هوية الرئيس المنتخب أم لا، فإنها تجري في ظروف حساسة للغاية.

ومن المتوقع أن يتناول عهده العديد من القضايا الحساسة، بدءاً من قانون إعادة الإعمار بعد الدمار الهائل الذي خلفه القصف الإسرائيلي، إلى تحديات الوضع على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، إلى استشراف التغييرات القادمة في سوريا، وليس مع نهايتها للبدء. التعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية الهائلة التي تمر بها البلاد.

كل هذا يحدث على خلفية ظهور علاقات سياسية داخلية جديدة في سياق نتائج وتداعيات الحرب بين إسرائيل وحزب الله.

وفي هذا السياق، يعتبر وصول رئيس بدعم خارجي مسألة أساسية لتسهيل حصول البلاد على الدعم والمساعدة التي تشتد الحاجة إليها.

ومع ذلك، يجب علينا أولاً أن نكون قادرين على انتخاب رئيس ومن ثم يجب أن نكون قادرين على الاتفاق على رئيس وزراء جديد، وهو ما يمكن أن يشكل في حد ذاته تحدياً آخر.

في هذا الإطار، تقول كتلة الكتل النيابية حتى لم تعلن وتذهب لها، إنها لا تعارض ترشحه، حتى حزب الله الرسمي على لسان كيت مسؤول فيه أن لا “فيتو” لديه ضد عون.

لكن الأمور لن تنضج إلا في حال توافق عدد كبر من النواب على تم اختياره، وهو ما لن يحدث حتى آخر لحظة قبل جلسة الانتخابات.

وقد كان ملحوظاً الجهد الذي قام به السعودية ووجود موفد لها في لبنان لمواكبة الأحداث الاحداث، وسط تقارير إخبارية تتحدث عن دعمها الصريح لوصول عون إلى الرئاسة.

كما أن الموفد مؤهل لودريان، موجود في لبنان، ويجري محادثات مع مختلف الكتل قبل ساعات من الموعد النهائي لا.

التحديات أمام الرئيس القادم

3_11zon

وبصرف النظر عما إذا كانت الجلسة، الخميس، ستسافر عن اختيار الرئيس أم لا أو عن هوية الرئيس المنتخب، فهي تأتي بشروط دقيقة للغاية.

ويتوقع أن تشهد عهده تماما من الملفات الشائكة، بداية من ملف إعادة الإعمار بعد الدمار الذي خلفه القصف، مروراً بتحديات الوضع على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وترقب لما يحدث من متنوعات في سوريا، وليس انتهاء بالبدء بمعالجة بيروت المالية المالية في جميع أنحاء العالم.

وكل هذا في ظل تبلور علاقات سياسية داخلية جديدة تربط معًا بالآلات الحرب بين إسرائيل وحزب الله ونتائجها.

وفي هذا الإطار، يعتبر وصول الرئيس انطلاقا من انطلاقة أساسية تسهيل اكتساب البلاد على الدعم والمساعدات هي بأمس الحاجة إليها.

إلا أن بداية لا بد من التمكن من اختيار الرأس، وبعد ذلك التمكن من التوافق على الرئيس الجديد، وهو ما قد يكون بحد ذاته أخيرا.


شارك