أحمد العودة: صانع التسويات أو منافس للشرع في سوريا؟

منذ 5 ساعات
أحمد العودة: صانع التسويات أو منافس للشرع في سوريا؟

ويوصف أحمد العودة برجل “روسيا في الجنوب” ومهندس التسويات مع النظام السوري السابق. وحارب ما يسمى بـ “تنظيم الدولة الإسلامية” قوات النظام، لكنه عمل أيضًا لصالح الجيش السوري، حتى لو نأى بنفسه بوضوح عن محور حزب الله وإيران.

تقلبات كثيرة وعلاقات متشابكة ومعقدة شكلت سيرة أحمد العودة على مدى أكثر من عقد من الزمن. من هو؟ لماذا يتم الحديث عن هذا في الآونة الأخيرة؟

في الساعات الأولى من يوم 8 كانون الأول/ديسمبر، عندما استيقظت دمشق على خبر مفاده أن الجيش السوري أبلغ ضباطه بسقوط النظام، كان المقاتل الأربعيني أحمد العودة محاطاً بعناصر من فصيله يتجولون في المنطقة الفارغة. شوارع العاصمة . ولم يكن عناصر غرفة العمليات العسكرية قد وصلوا بعد، فيما اعتبره البعض محاولة لصرف الأنظار عن أحمد الشرع القائد القادم من الشمال.

وكانت هذه اللحظة التاريخية لما أسمته الجبهة الجنوبية بـ”إزالة القيود” عن العاصمة بمثابة انقلاب على الاتفاقات التي توصل إليها العودة على مدى سنوات مع النظام السوري السابق المدعوم من روسيا.

تقلبات مفاجئة وتحالفات متذبذبة

وبحسب المصدر فإن أحمد العودة من أبناء بلدة بصرى الشام في محافظة درعا. ودرس الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق وأكمل خدمته الإلزامية في الجيش السوري قبل أن يسافر إلى الإمارات مع عائلته، حسبما قال رجل مقرب منه لبي بي سي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته.

لكن بعد مرور عام على انطلاق الثورة السورية، عاد من درعا للمشاركة في الأعمال المسلحة ضد النظام. انضم إلى الجيش السوري الحر وأصبح قائداً لـ”لواء الشباب السني”. والتي توسعت وغيرت اسمها أكثر من مرة حتى تم التوصل إلى اتفاق مع النظام السوري بهذا الشأن في تموز 2018.

وقد فقد ثلاثة من إخوته في معركة مع الجيش السوري الحر أثناء قتاله مع فصيله في درعا، قبل أن يصبح جزءاً من الجبهة الجنوبية للجيش نفسه في عام 2014، ثم يوسع سيطرته لاحقاً على بصرى الشام. حسبما نقله موقع “الذاكرة السورية”.

ومن المعروف أن العودة لم تكن علاقاته جيدة مع جبهة النصرة أو غيرها من الفصائل الإسلامية المتطرفة في المدينة، رغم أنه قاتل إلى جانبها من أجل الهدف الأكبر: إسقاط النظام.

ومن دعم «وزارة التجارة» إلى التمويل الروسي «الخجول».

وبمرور الوقت، برز فصيل العودة كأحد أهم الفصائل وأكثرها تمويلاً في محافظة درعا، حيث حصل على دعم من غرفة التجارة العسكرية الأجنبية ومقرها الأردن. وبحسب تقارير إعلامية، فإنه تلقى أيضاً دعماً وأموالاً من الإمارات بسبب علاقته برجل الأعمال السوري المحلي خالد المحاميد.

وبحسب مصدر مقرب من العودة، توقف الدعم نهاية عام 2017، وأصبح التمويل “شحيحا، يغطي معظمه رواتب موظفي الخدمة المدنية”. هذه المرة جاء التمويل من روسيا.

صورة 1_1

وبحسب المصدر نفسه، أطلقت قوات الحكومة السورية عام 2018 حملة عسكرية لاستعادة السيطرة على الجنوب، تزامنت مع اتفاق تسوية مع روسيا الداعمة للنظام السوري، بشأن تسليم الأسلحة الثقيلة وتسوية المعتقلين. شروط. ثم أصبح العودة قائداً لما يسمى “اللواء الثامن” التابع تنظيمياً للجيش السوري النظامي. كما انضم إلى تشكيل “الفيلق الخامس” التابع لإدارة الأمن العسكري، نهاية عام 2020، إلا أنه بقي مستقلاً عن قوات النظام وقاد عدة آلاف منها بمفرده.

ولم تكن الفترة التي تلت ذلك هادئة تمامًا، حيث شهدت البلدات الجنوبية بريف درعا اشتباكات متفرقة ومتقطعة، سواء بين عناصر الجيش النظامي والأمن العسكري أو بين بعض فصائل المعارضة المحلية وقوات النظام. خلال هذه الفترة، تنقل العودة بين درعا والأردن، حيث تعيش عائلته. كان متزوجا من امرأتين وله ستة أبناء وبنتان. لكن اسمه عاد إلى الظهور في تشرين الأول/أكتوبر 2022 عندما شارك فصيله في حملات ضد خلايا داعش، أسفرت إحداها عن اغتيال زعيم التنظيم أبو الحسن الهاشمي القرشي في بلدة جاسم.

دمشق لساعات فقط

ومع انطلاق عملية ردع العدوان بقيادة هيئة تحرير الشام بدعم تركي ضد النظام السوري نهاية تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، بدأت الفصائل في الجنوب بالتحرك والسيطرة على مواقع حكومية ومقرات أمنية وعسكرية. .

وفي 6 كانون الأول/ديسمبر، تم تشكيل غرفة عمليات الجنوب التي ضمت فصائل مسلحة من درعا والسويداء والقنيطرة. وبدأت القوات المشتركة مسيرتها نحو العاصمة.

وفي 8 كانون الأول/ديسمبر، كان العودة ورفاقه أول قوات المعارضة التي دخلت ساحة الأمويين قبل الساعة السادسة صباحاً، وعلم السوريون بخبر سقوط نظام الأسد بعد أقل من نصف ساعة. وبدأ عناصر الفصيل بالتمركز حول بعض أهم المنشآت الحيوية في العاصمة، لكن مرت ساعات قبل أن يعودوا جنوبا بقيادة زعيمهم.

صورة 2_2

ويعلق المصدر المقرب من العودة بأن ذلك تم “تجنباً لمشاكل أو اشتباكات في الساعات الأولى من النصر”، مضيفاً أنه “لم يكن لدينا جيش قادر على حماية العاصمة”، مستشهداً بضعف إمدادات الحي. في تحرير الشام.

وبعد الانسحاب من دمشق، قرر تحالف “غرفة عمليات الجنوب” التمسك بسلاحه، رغم مطالبات السلطات الجديدة بحل كافة التشكيلات المسلحة، لكنه في الوقت نفسه لم يستبعد استعداده لوضع نفسه تحت الرعاية. من وزارة الدفاع.

دور قيادي أكبر في المستقبل

ويصف المصدر المقرب من العودة رفيقه بأنه “رجل فكر وشخصية قوية ولديه القدرة على التأثير على من حوله”، آملا أن يتولى دورا قياديا أكبر في المستقبل. رغبات قد لا ترتاح لها القيادة الحالية، خاصة في ظل التكهنات المتداولة حول طموحات العودة إلى دولة تعززها تحالفاتها الإقليمية بعد سقوط النظام واحتمال تشكيل خطر على الوجه الجديد لسورية أحمد الذي يمثلها. ويحاول الشرع الحصول على اعتراف ودعم دولي لمهمته الجديدة.

وبحسب عبد الله علي، الصحفي في صحيفة النهار اللبنانية أحد متابعي التنظيمات الإسلامية، فإن الملفت للنظر هو مدى “سلاسة” انسحاب الفصائل من دمشق إلى الجنوب، حيث كانت “على مستوى السيطرة” على أحد المعابر. بعد أشهر من القتال، والدماء أصبحت نهراً، لكن الآن انسحبت الفصائل على المستوى الحكومي بسلاسة، ما قد يشير إلى وجود اتفاقيات دولية أقوى منها”.

ويتابع: “لو كانت مهمة العودة تشكل خطراً على الشريعة، لما خرج من دمشق، لكن بما أنه خرج فهذا يعني أن دوره يقتصر على درعا والجنوب”.

ويرى علي أن العودة وفصيله ملتزمون بإدارة درعا وغير راضين عن تشكيل الجيش السوري الجديد والترقيات التي تجاهلها قادة الفصائل الجنوبية والجيش الحر والضباط المنشقين، لكن أي ومن الممكن أن يؤدي التوتر مع الفصيل إلى تفاقم القضايا العالقة التي تواجه الشرع على أكثر من صعيد، دون تجاهل حساسية الجبهة الجنوبية المتاخمة لإسرائيل.

ويضيف علي أنه ليس سرا أن هناك دلائل تشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية “غير راضية عما يحدث في سوريا”. ونظراً للدعم الإقليمي العربي الذي يتمتع به، والذي سيكون “مرتبطاً بتوجهات الدول المحيطة”، فإن ذلك قد يثير تساؤلات حول دور العودة المستقبلي في مواجهة الزعيم الحالي. ويضيف علي أن هذه الدول “إما أن تسهل على الحكومة الجديدة السيطرة على البلاد وحكمها أو الترويج لثورة مضادة”.


شارك