اغتيال هنية و شكر.. هل شجعت حفاوة استقبال الكونجرس لنتنياهو على مزيد من التصعيد؟
قبل نحو أسبوع، سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن العاصمة، حيث ألقى كلمة أمام الكونغرس والتقى بالرئيس الأميركي جو بايدن وعددا من كبار المسؤولين في إدارته، وسط أنباء عن ضغوط من واشنطن لتحقيق اتفاق سلام. وقف إطلاق النار في غزة واتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
لكن التطورات الميدانية وعلى مستوى المفاوضات السياسية وقفت أمام هذا المسار. اتجهت تل أبيب إلى مزيد من التصعيد في غزة والمنطقة من خلال تنفيذ هجوم على كل من لبنان وإيران، حيث اغتالت فؤاد شكر، أحد كبار القادة العسكريين في حزب الله، في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وإسماعيل هنية، رئيس حركة حماس. مكتب سياسي في طهران، ما أثار مخاوف عربية ودولية من جر المنطقة إلى حرب شاملة.
وفيما يلي الأحداث الرئيسية التي أعقبت زيارة نتنياهو إلى واشنطن والاستقبال الحار الذي لقيه بعد خطابه أمام الكونجرس الأمريكي في 24 تموز/يوليو:
• خطاب نتنياهو أمام الكونغرس
أثارت كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، في 24 تموز/يوليو الماضي، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الود المفرط الذي أبداه المسؤولون الأميركيون.
واستمر خطاب نتنياهو 55 دقيقة. وخلال تلك الفترة، وقف الحاضرون وصفقوا عشرات المرات، فيما رفض أكثر من 80 نائبا ديمقراطيا حضور الخطاب.
وركز نتنياهو في خطابه على اصطفاف أمريكا وإسرائيل في مواجهة ما أسماه “محور الشر الإيراني”، وقال إنه يسعى وسيسعى إلى التحالف مع الأصدقاء في المنطقة “تحالف أبراهام”.
وتضمن خطاب نتنياهو العديد من الأكاذيب حول عدم ارتكاب جرائم حرب في غزة وعدم استهداف المدنيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى حديثه عن تقديم مساعدات كبيرة، وكل ذلك لاقى النواب وقفة وصفقوا حتى طلب منهم نتنياهو التوقف عن التصفيق والاستماع إلى ماذا قال.
وأكثر ما لفت الانتباه في الخطاب هو التصفيق الحار الذي تلقاه من النواب الأميركيين الذين حطموا الرقم القياسي 81 مرة، أي مرة كل 40 ثانية، أثناء وقوفهم على أقدامهم 58 مرة.
لكن بينما ألقى نتنياهو خطابه وحظي بتصفيق حار من النواب، خارج قاعة الكونغرس، تظاهر آلاف الأميركيين واليهود، مطالبين بوقف الحرب في غزة ومنع توريد الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.
وفي قاعة الكونغرس، احتجت النائبة الديمقراطية رشيدة طليب على خطاب نتنياهو، وارتدت الكوفية الفلسطينية وحملت لافتة كتب عليها “مجرمة حرب”.
• هجوم مجدل شمس… والتهديد الإسرائيلي المستمر بالانتقام
وبالتزامن مع زيارة نتنياهو إلى واشنطن، سقط صاروخ، مساء السبت الماضي 27 تموز/يوليو، على ملعب لكرة القدم في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، بينما كان يلعب فيه عدد من الصبية.
وسقط الصاروخ، مما أسفر عن مقتل 12 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عامًا وإصابة حوالي 30 قرويًا درزيًا آخرين.
وقطع نتنياهو زيارته للولايات المتحدة، وبعد وصوله إلى إسرائيل، ذهب إلى اجتماع لمجلس الوزراء الأمني لمناقشة الرد على حزب الله، الذي نفى بدوره مسؤوليته عن الهجوم.
وبعد ذلك، أعلنت إسرائيل أنها رفعت جاهزيتها القتالية في الشمال وهددت حزب الله بـ “دفع الثمن” رداً على مقتلهم في مجدل شمس، حيث زعمت تل أبيب أنهم قتلوا بصاروخ أطلق من جنوب لبنان.
أخذ حزب الله زمام المبادرة وأخلى بعض المواقع الرئيسية في جنوب لبنان وسهل البقاع في شرق البلاد تحسبا لهجوم إسرائيلي.
وقالت إسرائيل أيضًا إن الصاروخ الذي انفجر في ملعب كرة القدم كان صاروخًا إيرانيًا من طراز فلق-1 برأس حربي يزن 53 كيلوغرامًا. وأشار إلى أن الصاروخ أطلق من جنوب لبنان وأن “حزب الله وحده” يملك هذا النوع من الصواريخ.
• استهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت واغتالت شكر
وعلى ضوء هذه التطورات، أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل القيادي في حزب الله فؤاد شكر فجر الأربعاء بعد مهاجمته الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الثلاثاء.
وقال جيش الاحتلال إنه بناء على معلومات استخباراتية من الاستخبارات العسكرية، هاجم طائرات حربية في منطقة بيروت واغتال شكر القيادي الأبرز في حزب الله والمسؤول عن الشؤون الاستراتيجية فيه، قائلا إنه يعتبر اليد اليمنى لحزب الله الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. ومستشاره لشؤون التخطيط والإدارة.
وأشار الطاقم إلى أن شكر كان يقود القتال ضد إسرائيل منذ 8 أكتوبر، ووفقا للطاقم، كان مسؤولا عن عملية مجدل شمس ومقتل العديد من الإسرائيليين والأجانب على مر السنين.
بدوره، أعلن حزب الله اللبناني، تواجد فؤاد شكر في المبنى الذي تعرض لغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الثلاثاء. وأفادت مصادر لاحقاً أنه تم العثور على جثة شكر وسط الأنقاض نتيجة قصف إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت.
من جهتها، أفادت قناة “سي إن إن” الأميركية أن إسرائيل أبلغت واشنطن مسبقاً بالهجوم على الرجل الثاني في حركة حزب الله اللبناني فؤاد شكر المعروف باسم “الحاج محسن”، في غارة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
• اغتيال هنية في مقر إقامته بطهران
أعلنت حركة حماس الفلسطينية، الأربعاء، اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بعد استهدافه بغارة إسرائيلية في طهران. وأكدت السلطات الإيرانية مقتله وقالت إنها تحقق في ملابسات الحادث.
وجاء الهجوم بعد أن تعرض هنية لغارة إسرائيلية لمقر إقامته في طهران بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الجديد مسعود بيزشكيان.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن مقتل هنية وقع حوالي الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي يوم الأربعاء، مشيرة إلى أنه كان يقيم في مقر خاص لقدامى المحاربين في طهران.
وأضافت الوكالة أن هنية استشهد مع أحد حراسه الشخصيين. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن هنية اغتيل بصاروخ بلد-بلاد وليس من إيران.
فيما قالت الإذاعة الإسرائيلية إن هنية قُتل بصاروخ أطلق من دولة خارج إيران وليس من الأجواء الإيرانية. ورفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق على الحادث، قائلا إنه لا يستجيب لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية.
ونفى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن علم بلاده المسبق باغتيال هنية في طهران، وأكد أن الولايات المتحدة لم تتلق أي تحذير مسبق بشأن الهجوم على هنية ولم تلعب أي دور فيه.
ونقلت شبكة “سي بي سي” عن مسؤول أميركي قوله إن واشنطن تعتقد أن هنية والقيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر قتلا في غارات إسرائيلية.
ويأتي مقتل هنية في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل، بدعم أميركي كامل، حربها على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 130 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود.
• مفاوضات روما بين حماس وإسرائيل.. لقاء من أجل لقاء
وتأتي هذه الهجمات بعد مناقشات حضرها يوم الأحد الماضي في العاصمة الإيطالية روما مديرو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) ويليام بيرنز، وجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد بارنيا، والدول الوسيطة. مصر وقطر بشأن إبرام اتفاق تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مسؤولين مطلعين على المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين قولهم إنه على الرغم من أشهر من المفاوضات، فإن محادثات روما ظلت في طريق مسدود بشأن عدد من القضايا بسبب إصرار نتنياهو على بعض الشروط.
وقالت الصحيفة إن المفاوضات في روما كانت تعمل على قضايا مثل مدى بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة خلال وقف إطلاق النار، وما إذا كانت ستخرج من محور فيلادلفيا، وإقامة نقاط تفتيش لضمان عودة من تصفهم بـ”المسلحين”. “أطلق عليه اسم “المتشدد” لمنعه من الوصول إلى طريق مسدود. في شمال قطاع غزة.
وأفاد مسؤولون مطلعون على الصفقة أنه بعد إبداء المرونة بشأن السماح لسكان شمال غزة بالعودة إلى المنطقة، أكدت إسرائيل معارضتها خلال المحادثات في روما. ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن نتنياهو كان السبب الرئيسي لموقف إسرائيل المتشدد في محادثات روما، مضيفين أن مسؤولين أمنيين كبار يضغطون عليه لإظهار المرونة التي من شأنها أن تسمح بالتوصل إلى اتفاق.
وأكدت هيئة البث نقلا عن مصدر إسرائيلي، عدم إحراز أي تقدم خلال اللقاء مع الوسطاء في روما، مشيرة إلى أن “الاجتماع في روما عقد لغرض الاجتماع فقط”. وقالت أيضًا إن نتنياهو أضاف شرطًا جديدًا وهو الحصول على أسماء الأسرى الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم.
وعاد بارنيع من اجتماعه مع ممثلي الدول الوسيطة في روما، مضيفا أن المفاوضات حول القضايا الرئيسية المتعلقة بمقترح الصفقة ستستمر في الأيام المقبلة.
وفي وقت سابق، قال مسؤول إسرائيلي إن نتنياهو ناقش مطالبه الجديدة مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض للتوصل إلى اتفاق، وتعهد بإرسال مقترح محدث إلى الوسطاء المصريين والأميركيين والقطريين خلال يومين من تسليمه لحركة حماس. .
واعتبرت قناة “سي إن إن” الأميركية أن مقتل هنية، أحد المحاورين الرئيسيين في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، “يمثل ضربة خطيرة لحركة حماس، حيث تقضي على أهم شخصية عامة لها تقود العمليات السياسية من الخارج مباشرة”. “في تقييمه.