إعلاميون وخبراء يناقشون أزمة المهنية من طوفان الأقصى إلى سقوط الأسد
وأكد إعلاميون وسياسيون أن الحرب على غزة والأحداث في سوريا أظهرت درجة معينة من الانحياز الإعلامي الرأسمالي، حيث إن وجود تيار إعلامي صحفي مستقل كان أقرب إلى الخيال العلمي. وأشاروا في الوقت نفسه إلى أنها ليست وسيلة محايدة تجاه القضايا، لكن الموضوعية تقتضي غياب التضليل أو التضليل.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها اليوم الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي والمنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار بعنوان: “أزمة مهنية تحاصر الإعلام العربي والعالمي.. من طوفان الأقصى إلى إسقاط الأسد”. والتي أدارها الأمين العام للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، باسم كامل.
قال الكاتب الصحفي والإعلامي حسين عبد الغني، إن الاستقلالية شبه الكاملة لوسائل الإعلام فقدت بشكل شبه كامل، معتبرا أن وسائل التواصل الاجتماعي تمكنت من تغطية قصة أحداث طوفان الأقصى بأقل قدر من الانحياز.
وأضاف عبد الغني أن وسائل التواصل الاجتماعي نجحت في إيصال رسالته، لافتا إلى أن عدد الذين أيدوا الرواية الفلسطينية كان أكبر بعشرة أضعاف من أيدوا الرواية الإسرائيلية في السابق.
واعتبر أن انحيازات بعض وسائل الإعلام أدت إلى حرمان بعض القنوات التي كانت أكثر مساندة للمشهد الفلسطيني من الاهتمام، إذ كانت اهتمامات هذه القنوات تنصب على الاهتمام بالأحداث والمتغيرات السورية.
بدوره، أشار الصحفي ياسر ثابت، إلى أن القنوات التلفزيونية وقنوات التواصل الاجتماعي والصحف أصبحت شركاء في إنتاج الأخبار وليس نشرها فقط.
وأضاف أن الصياغة والتحيز تباينت، إذ كان هناك تحيز من حذف أو حذف الخبر، قائلا: “نرى ذلك اليوم في طوفان الأقصى أو في ما يحدث في سوريا، وكذلك التركيز”. التحيز، مثل القصص التي تظهر في العناوين الرئيسية وفي أعلى الساعة، تحدد ما “يظهر وما يخفى ويدفن”.
وأشار إلى أن التحيز يمكن أن ينشأ من خلال استخدام اللغة والتورية مثل “الثوري” و”المتطرف” و”الإرهابي”، بالإضافة إلى التحيز في الصور، والذي يعتبر من أهم وأخطر أشكال التحيز. معتبرين أنهم في طوفان الأقصى ينسون الضحايا في غزة ويسلطون الضوء على ما حدث يوم 7 أكتوبر واختطاف الدبابات وغيرها.
وتابع: “هناك نوع آخر من الانحياز، وهو الاعتماد على مصادر معينة لخدمة الاتجاه المطلوب، والانحياز التكراري، والتلاعب بالأرقام والإحصائيات، وتضخيم بعض الأرقام والتعتيم على البعض الآخر، واستخدام الكلمات لوصف الأحداث نفسها”. مثل مصطلح الحرب بين حماس وإسرائيل، حتى لا تظهر الصورة على شكل حرب ضد أهل غزة”.
وفي نفس السياق؛ دكتور. قال محمد أحمد المخلافي، وزير القانون اليمني الأسبق ونائب رئيس الحزب الاشتراكي اليمني: الحديث عن الإعلام مرتبط بالحديث عن الأيديولوجيا، مؤكداً أنه لا يوجد إعلام محايد في القضايا، لكن الموضوعية هي غياب التضليل أو الأكاذيب أو الكذب. يتطلب الخداع.
وتابع: “أزمة الإعلام العالمي ومنه الإعلام العربي؛ وعلى الجانب المهني فإن الأمر لا يتوقف عند أحداث 8 تشرين الأول والأحداث في سوريا، بل هو تعبير عن اعتماد الإعلام على شركات أو جهات أخرى لها مصالح محددة، وهذا واضح في وسائل الإعلام الغربية والعربية. تعرفون عليه وليس ببعيد عنه.”
وتحدث عن قضية غزة قائلا: “سنجد أن معظم وسائل الإعلام العربية منحازة لغزة وتهينها. “إنها تتحدث عن غزة وكأن بقية فلسطين غير موجودة” مقابل الإسلام السياسي والمبالغة في دوره بما أفاد إسرائيل واستطاع أن يجعل الرأي العام الغربي يتفق مع رواياته.
وتابع: “أما الغرب فبحديثه عن إسرائيل وحقها في الأرض، وبحديثه عن السامية، وبحديثه عنهم، فقد انتهك الحقوق الأساسية وشوه الحقائق إلى درجة الاعتماد على الأساطير والخرافات”. “إن التحيز هو سمة من سمات الصراع الحالي وسمة من سمات سيطرة الرأسمالية على كل شيء.”
في حين يرى الصحافي سمير عمر أن وجود تيار إعلامي صحافي مستقل أقرب إلى الخيال العلمي. ولأنه لا توجد شركة إعلامية بلا هدف، قال: “إن المقاومة التي يقدمها الصحفيون والإعلاميون تبقى ضد فرض المسار الذي تحدده المؤسسة الإعلامية أو أصحابها أو الدولة”.
وأضاف: “نحن نعاني من بعض القيود، كما نعاني من بعض الزملاء الذين يحاولون الوفاء بكل واجبات الولاء والطاعة لأصحاب الإعلام”، على حد وصفه.
وأشار إلى أنه خلال التغطية الإعلامية للحرب الروسية الأوكرانية؛ لقد قرأت بأم عيني وسمعت بأذني كم من الأكاذيب التي ينشرها الإعلام الغربي. معتبرا أن الحفاظ على المعايير المهنية في التغطية الإعلامية يمثل نضالا كبيرا للصحفيين.
وأشار الصحفي محمد صلاح الزهار إلى أن الحرص على إظهار ونقل الظلم الطائش قلل من تأثير الصور والمشاهد على الرأي العام، وخاصة الرأي الغربي، إذ إن تكرار صور المآسي والقتل والدمار وغيرها ضاع تماماً تأثيره.
بدوره، أكد الصحافي محمد مصطفى أبو شامة، أن الندوة لم تكن تهدف إلى ملاحقة الإعلاميين. نظرا للوعي بعدد العوامل التي تدخل في العملية الإعلامية، ومراعاة أن العامل الحاسم الحقيقي يكمن في صانع المحتوى الإعلامي وقدرته على الموازنة بين المهنية والموضوعية والاعتبارات والسياسات المختلفة للمؤسسة الإعلامية.
وتابع: «نجد أنفسنا في موقف صعب بين تحيزات ومصالح المالك وبين المهنية والموضوعية. وهذا يذكرنا بمشهد الربيع العربي وارتباك وسائل الإعلام في تقاريرها حول ما حدث بالضبط مع إسقاط نظام الأسد. وسائل الإعلام العالمية والعربية في حيرة من أمرها حول اتجاه الأحداث واتجاهها.
ورأى أن جزءا كبيرا من فلسفة الندوة يقوم على الاعتراف بأن المهنة في أزمة. لكن من أهدافها أيضًا توعية المجتمع حتى يدرك حجم الضغوط والارتباك الذي يواجهه الإعلاميون نتيجة الارتباك السياسي الذي تشهده المنطقة.