اتفاق غزة.. مكاسب المقاومة الفلسطينية تضع إسرائيل في مأزق دولي ومحلي
يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره يقترب من التوقيع منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، منهيا الحرب بعد أكثر من عام من المفاوضات المستمرة التي فشلت باستثناء اتفاق واحد في نوفمبر 2024، لتطرح التساؤلات حول أرباح وخسائر الطرفين المتحاربين بعد ذلك. ولم تكن المعادلة واحدة على كافة المستويات.
ورغم الدمار الواسع الذي ضرب قطاع غزة، بدءاً من تدمير أكثر من 50% من البنية التحتية في القطاع أو تجاوز عدد الشهداء عتبة الأربعين ألفاً و100 ألف جريح، إلا أن المقاومة الفلسطينية تمكنت أيضاً من تحقيق بعض المكاسب. مستويات متعددة سواء كانت محلية أو دولية.
وعلى المستوى المحلي، تتزايد المقاومة
وفي هذا السياق قال د. وقال علي العور، المحلل المتخصص في الشأن الإسرائيلي، في تصريحات خاصة لـ”ايجي برس”، إن المقاومة الفلسطينية تحقق النجاح دائمًا في كل جولة من جولاتها، مؤكدا أن هذه المشكلة لا يمكن اختزالها في معادلة حسابية بين الفوز والخسارة.
وتابع العور قائلا إن أي مواجهة تثبت وجود وصمود الشعب الفلسطيني بعد 7 أكتوبر، وأن المفاوضين الآن ممثلون لقوى عالمية وإقليمية مثل قطر وجمهورية مصر العربية وإسرائيل وهم يتفاوضون. مع حماس التي لا تزال تؤكد على خيار المقاومة.
وذكر العور أنه بعد تجاهل الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني لفترة طويلة، أعادت المقاومة القضية الفلسطينية إلى الواجهة وجعلت العالم أجمع يفرح باسم فلسطين بحلم الدولة الفلسطينية الذي تحقق. تم تحقيقها.
وذكر العور أن من أبرز النجاحات المحلية للمقاومة الفلسطينية هو تزايد أعداد المنتسبين إلى صفوفها سواء في كتائب القسام أو سرايا القدس أو غيرها، وأشار إلى أن الآلاف يتواجدون باستمرار ويعكس دخول مقاتلين جدد إلى صفوف المقاومة الروح القتالية المتجددة لدى الشعب الفلسطيني.
ومن ناحية أخرى قال د. وأشار علي إلى أنشطة المقاومة في المخيمات الفلسطينية بالضفة الغربية كمخيم جنين ومخيم الفارعة ومخيم نور شمس ومخيم بلاطة في نابلس، مؤكدا أن هذه المخيمات تعتبر جزءا من التبادل المقاومة.
ومن جهة أخرى قال د. كامل البحيري أن 7 أكتوبر أحدث ديناميكية جديدة على المستوى الفلسطيني الداخلي فيما يتعلق بقضية الانقسام الفلسطيني، والتي اشتدت منذ مؤتمر مدريد واتفاقيات أوسلو عام 1992، وأصبحت أكثر وضوحا منذ عام 2006، ويشير إلى أن الأقصى وأكدت السيول أن هذا التقسيم لم يعد مقبولاً.
وأضاف البحيري أن اللقاءات التي عقدت في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية والتي جرت ضمن نتائج 7 أكتوبر كانت خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية موحدة للقضية الفلسطينية وإنهاء الخلاف الذي يعود إلى 25 أكتوبر تقريبا. وأشار إلى أن هذه الوحدة وإن لم تكن ذات طبيعة تنظيمية بحتة، إلا أنها أصبحت رؤية مشتركة تجمع كافة الأطراف.
وأشار البحيري إلى أن الحديث عن جسر الانقسام وبدء حوار حول جهود التوحيد في إطار جديد لن يكون بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية، بل العمل على تحويل فريق التحرير بما يلبي احتياجات منظمة التحرير الفلسطينية التنوع منظمة التحرير الفلسطينية تعكس الفصائل وتوحد الجهود الوطنية.
وعندما يتحدث البحيري عن عملية فيضان الأقصى التي كبدت الشعب الفلسطيني في قطاع غزة خسائر فادحة، يقول إن ما شهده العالم من إبادة وتهجير خلال الحرب الأخيرة ليس جديدا ويشير إلى القتل والطرد السياسة الإسرائيلية تمارس شيئاً مختلفاً منذ 76 عاماً. وسيكون هناك اختلاف في حجم هذه الجرائم ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
على المستوى الدولي
في العام الأول بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية لإدانة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. وبالإضافة إلى ذلك، اعترفت عدة دول بفلسطين كدولة مستقلة. وفي هذا السياق قال د. وقال علي العور إن المقاومة الفلسطينية نجحت في إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام العالمي في وقت سعت المبادرات الدولية مثل “صفقة القرن” إلى تهميش القضية الفلسطينية.
وأضاف العواودة أن المقاومة الفلسطينية حققت إنجازات مهمة على المستوى الدولي، أهمها الاعتراف المتزايد بفلسطين كدولة ذات سيادة من قبل عدة دول مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج، لافتا إلى أن هذه الاعترافات تعكس تأثيرها. المقاومة، للفت انتباه العالم إلى عدالة القضية الفلسطينية، خاصة بعد تأثير “فيضان الأقصى”.
دكتور. من جانبه يرى أحمد فؤاد، الباحث في الشؤون الإسرائيلية، مقتنعا بأن المقاومة الفلسطينية أجبرت المجتمع الدولي على إعادة التفكير في مهام محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، اللتين كانتا في السابق أداة ضد أعداء الغرب. مثل كوريا الشمالية والرئيس الليبي السابق معمر القذافي وحتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لافتا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة رئيس وزراء دولة مثل إسرائيل. عن سياسته.
وتابع فؤاد أن المقاومة تمكنت من كسر أحد ركائز إسرائيل ألا وهو سياسة الردع، حيث اعتمدت إسرائيل دائما على سياسة التخويف من خلال المجازر لردع السكان وإجبارهم على الهروب من بلدهم، وأشار إلى أن هذه المرة السياسة لم تنجح. وواصلت المقاومة إظهار قدرتها على مهاجمة أراضي 1948 بالصواريخ حتى الأيام الأخيرة من الحرب، الأمر الذي أبطل قدرة إسرائيل على حماية نفسها.
إلى ذلك، قال فؤاد كامل إن المقاومة أظهرت للعالم فشل أنظمة الدفاع الإسرائيلية مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داود” التي روجت لها إسرائيل بشكل كبير لكنها أثبتت عدم قدرتها على احتواء كل الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها. لصد قطاع غزة، بالإضافة إلى خسائر فادحة في المدرعات والقوات الإسرائيلية من جنود وضباط.
وتابع فؤاد أنه يعد أيضًا إنجازًا من خلال فضح تضحية إسرائيل بحياة مواطنيها، قائلاً إن إسرائيل تسوق نفسها كدولة تحترم قيمة الفرد، لكنها تظهر استعدادها لسجن الإسرائيليين لقصف أهداف عسكرية بشكل تعسفي من أجل لتحقيق هذا الهدف.
دكتور. وأكد فؤاد أن المقاومة الفلسطينية لم تحقق انتصارات عسكرية فحسب، بل تمكنت أيضًا من تغيير معادلة الردع ووضع إسرائيل في مأزق داخلي ودولي.