من اندلاع طوفان الأقصى إلى إقرار الهدنة.. أبرز محطات الحرب في غزة
بعد 15 شهراً من عدوان الاحتلال الإسرائيلي وآلاف المجازر البشعة بحق الفلسطينيين والتدمير المستمر للمنازل والأحياء في قطاع غزة، تمكنت جهود الوساطة بمشاركة مصرية فعالة من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والذي ستنتهي مرحلته الآن. آخر 42 يومًا، بدءًا من يوم الأحد القادم الساعة 12:15 ظهرًا.
وتتمثل المرحلة الأولى في إنهاء العمليات العسكرية وسحب القوات الإسرائيلية من المناطق السكنية وتسهيل عودة المدنيين النازحين. كما يجب عدم عرقلة دخول المساعدات الإنسانية مقابل الاتفاق على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، ومن ناحية أخرى، إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ورحب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالاتفاق، وأكد أن مصر ستظل دائما وفية لوعدها، مؤيدة للسلام العادل، وشريكا مخلصا في تحقيق ذلك السلام، ومدافعا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ومع إقرار وقف إطلاق النار ودخوله الوشيك حيز التنفيذ، نلقي نظرة على أهم مشاهد ولحظات حرب غزة التي جسدت الصمود الاستثنائي للشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه التاريخية والمشروعة:
-اندلاع الفيضان.. خسائر فادحة وخرق للنظرية الأمنية الإسرائيلية
بدأت صباح يوم 7 أكتوبر 2023، بهجوم مباغت لكتائب عز الدين القسام على مستوطنات الاحتلال في قطاع غزة، استهدف في البداية آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية على مواقع عسكرية للاحتلال الإسرائيلي بعد دقائق من العملية. – طوفان الأقصى .
ويمثل طوفان الأقصى أكبر عملية مقاومة فلسطينية في التاريخ، إذ تضمنت هجومًا بريًا وبحريًا وجويًا، وتسلل مقاتلي المقاومة إلى عدة مستوطنات في محيط قطاع غزة، وأوقعت خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال، واستولت على حوالي 250 رهينة إسرائيلية
ودخل مقاتلو المقاومة الفلسطينية إلى المستوطنات المحيطة بقطاع غزة من جهة البحر عبر السياج الحدودي وعبر وحدات السباحين القتالية، بالإضافة إلى مظليين من فوج الصقر التابع لكتائب عز الدين القسام.
ويصف الصحفي حسين عبد الغني مشهد اندلاع “فيضان الأقصى”: “هؤلاء الصبية جاءوا من غزة ليدمروا هذه الأسطورة إلى الأبد. “إنهم تنظيم محدود لا يقارن عددهم وأسلحتهم بترسانة إسرائيل، وفي يوم واحد ألحقوا بالاحتلال أكبر خسائر بشرية في تاريخه مهما فعلوا”. تستطيعون أن تسرقوا لحظة النصر من الفلسطينيين في 7 أكتوبر، لقد كتبه التاريخ، ولن تتمكنوا من محو هزيمته. لقد هُزمت وانكشفت وعادت مرة أخرى إلى حالة الرعب والخوف من الاختفاء”.
لقد دمرت عملية فيضان الأقصى أسس النظرية الأمنية الإسرائيلية. ولم تمنع القوات الإسرائيلية كتائب القسام من التفكير في هجوم واسع النطاق سيشمل عشرات المستوطنات والمواقع الإسرائيلية، ولم تحصل على أي معلومات حول الهجوم مسبقا، ونجح المقاتلون الفلسطينيون في الساعات الأولى من الهجوم الهجوم للسيطرة على قواعد عسكرية إسرائيلية.
– وقف إطلاق النار الأول..
في 22 نوفمبر 2023، تم اتخاذ قرار قصير بوقف إطلاق النار ووقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام، تم تمديدها لمدة يومين آخرين. وأطلقت حماس خلال هذه الفترة سراح عدة مجموعات من الرهائن الإسرائيليين، فيما أطلق الاحتلال سراح المئات من النساء والأطفال الفلسطينيين.
وشمل وقف إطلاق النار دخول مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى قطاع غزة، مع تعثر التزام إسرائيل بشروط استيراد المساعدات إلى شمال القطاع.
واتهمت حماس إسرائيل بعدم احترام شروط الاتفاق، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين على أساس الأقدمية. واستأنف الاحتلال القصف فور انتهاء وقف إطلاق النار، ما أدى إلى تصعيد عسكري آخر.
– نيران الاحتلال تشتد بعد وقف إطلاق النار
ومع انتهاء وقف إطلاق النار في الأول من ديسمبر/كانون الأول، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية مكثفة على مناطق مختلفة من قطاع غزة، وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن الهجمات أسفرت عن مقتل أكثر من 178 شخصا وإصابة 589 آخرين. الآخرين في نفس اليوم .
يعترف الطاقم بقتل سجنائهم
وفي 15 كانون الأول/ديسمبر، قال جيش الاحتلال في بيان له إنه قتل عن طريق الخطأ ثلاثة رهائن إسرائيليين خلال عملياته العسكرية في الشجاعية لأنه تم تحديدهم بشكل غير صحيح على أنهم يشكلون تهديدا أمنيا.
وأوضح أن الرهائن كانوا عراة القمصان ويحملون عصا مربوطة بقطعة قماش بيضاء عندما أطلق أحد الجنود النار عليهم. وبدعوى شعوره بالتهديد، قتل اثنين منهم وأصاب الثالث، الذي توفي لاحقًا نتيجة إطلاق النار من قوات إسرائيلية أخرى.
-رفح.. الخط الأحمر الذي تجاوزه نتنياهو
وواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته البرية منذ ما يقرب من نصف عام، مما أدى إلى تصاعد الدعوات الداخلية لإنهاء الحرب، حيث ذكر تقرير لصحيفة هآرتس أن بعض أعضاء الكنيست المعارضين دعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات مع تحذير من استمرارها. إن استمرار الحرب قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد وتدهور الوضع الإنساني في غزة.
لكن من ناحية أخرى، واصل نتنياهو التهديد بتصعيد الحرب بدخوله مدينة رفح الفلسطينية في مايو/أيار الماضي، الأمر الذي قوبل بتحذيرات من الحلفاء الرئيسيين للاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الحكومة الألمانية، التي تعتبر أكبر داعم لإسرائيل بعد ذلك متحدون – بعد تحذير الدول من شن عملية برية كبيرة في رفح، شددوا على ضرورة منع وقوع مأساة إنسانية هناك.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية كاثرين ديشاور في مؤتمر صحفي في برلين إن أكثر من مليون شخص في رفح بحاجة إلى الحماية والمساعدة الإنسانية.
وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن الرئيس الأمريكي كرر لرئيس الوزراء الإسرائيلي مخاوف واشنطن بشأن العملية العسكرية في مدينة رفح.
وذكرت الوكالة أن بايدن أبلغ نتنياهو بأن وقف إطلاق النار مع حماس هو أفضل وسيلة لحماية حياة المعتقلين والسجناء الإسرائيليين في غزة.
عرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على إسرائيل “مساعدة قيمة” إذا امتنعت عن اجتياح واسع النطاق لمدينة رفح، بما في ذلك معلومات استخباراتية حساسة لمساعدة الجيش الإسرائيلي في تحديد مواقع قادة حماس والسرية في العثور على أنفاق للحركة تحت الأرض. بحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
رفضت الولايات المتحدة، أكبر مورد عسكري لإسرائيل، الموافقة على خطط الغزو، وأصبح هجوم الجيش الإسرائيلي على رفح كجزء من خطته خطًا أحمر لإدارة بايدن، مما تسبب في توتر مزعوم في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي أوائل شهر مايو/أيار من العام الماضي، بدأ الاحتلال دخول رفح بقصف عنيف واجتياح بري، وسيطر من الجانب الفلسطيني على معبر رفح الحدودي وممر فيلادلفيا، وهو جزء لا يتجزأ من اتفاق السلام الموقع بين مصر وإسرائيل. .
هكذا يقول معهد الشرق الأوسط في واشنطن: “يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أهمية السيطرة على هذا الممر لضمان أمن إسرائيل، في حين ترى مصر أن إحياء السيطرة الإسرائيلية على الممر هو إجراء استفزازي لا يتناسب مع الوضع في غزة وإسرائيل”. وهذه التوترات المتزايدة تهدد الأسس التي بني عليها اتفاق السلام بين البلدين.
لبنان: صواريخ حزب الله تسقط على المستوطنات في شمال إسرائيل
في اليوم الثاني من اندلاع فيضانات الأقصى، أعلن حزب الله اللبناني مشاركته في العمليات العسكرية ضد الاحتلال، حيث وجه في البداية قذائف صاروخية نحو ثلاثة مواقع عسكرية إسرائيلية في الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا. وأسفر القصف عن خروقات معينة في موقع الرادار وموقع زبدين وموقع رويسات العلم.
في 11 أكتوبر، أطلق حزب الله صواريخ مضادة للدبابات على موقع للجيش الإسرائيلي. يأمر جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان شمال إسرائيل بالبحث عن مأوى بعد تقارير عن إسقاط طائرات بدون طيار من جنوب لبنان، وتهجير عشرات الآلاف من المستوطنين، وتصبح عودتهم رهانًا لحكومة نتنياهو التي لا تزال تفشل.
وفي أيلول/سبتمبر 2023، بلغ التصعيد ذروته عندما اقتحم جيش الاحتلال أجهزة النداء وأحدث انفجارات، ما أدى إلى استشهاد العشرات من مقاتلي حزب الله والمدنيين اللبنانيين.
ثم كثف الاحتلال الإسرائيلي هجماته على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، مما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء. كما نفذت عدة عمليات ضد قادة المقاومة اللبنانية في حزب الله، أبرزها اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
ثم بدأت قوات الاحتلال هجومًا بريًا محدودًا على جنوب لبنان، قابله حزب الله اللبناني بهجمات على دبابات ميركافا، مما أسفر عن مقتل وجرح من بداخلها.
وبعد نحو شهرين ونتيجة الإرهاق الذي أصاب الجيش الإسرائيلي ونزيف آلياته العسكرية، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان لمدة 60 يوما، وهو ما أعلنه خليفة نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم. ويعتبر التوقيع الذي وقع عليه انتصارا أعظم من ذلك الذي حققه الحزب عام 2006.
وقال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لبنيامين نتنياهو، إن الاتفاق لم يرق إلى مستوى التوقعات التي حلم بها الكثير من الإسرائيليين.
وأوضح أن الاتفاق جاء على خلفية الاستنزاف الكبير لمخزون الذخيرة الإسرائيلي وزيادة الضغط على قوات الاحتياط، مؤكدا أن إسرائيل لا تستطيع تحمل سنة أخرى من الحرب على الجبهة الشمالية بالوتيرة الحالية.
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن حجم الخسائر البشرية والمادية التي تسبب بها الاحتلال الإسرائيلي شمال البلاد، وسط تصعيد عسكري مع حزب الله على الحدود اللبنانية.
وذكرت القناة 14 الإسرائيلية أنه تم تقديم نحو 6000 مطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمنازل جراء قصف المستوطنات الشمالية. كما أفادت القناة أنه تم إطلاق نحو 10 آلاف صاروخ وقذيفة على هذه المناطق منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، بحسب 1031 موقعا.
وأوضحت أن المطالبات بالتعويضات كلفت خزينة إسرائيل نحو 15 مليار شيكل “ما يعادل 4 مليارات دولار”.
من جهته، قدر اتحاد المقاولين في إسرائيل أن عملية إعادة تأهيل مناطق الشمال بعد انتهاء الحرب مع حزب الله قد تستغرق ما بين 8 و10 سنوات، مشيراً إلى أن الأضرار التي لحقت بالمباني والبنية التحتية بلغت نحو 1.4 مليار دولار المبلغ يعكس حجم الأثر الاقتصادي والهيكلي لهذا الصراع، بحسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت.
– الفيتو الأمريكي يحمي الاحتلال في الأمم المتحدة
وإلى جانب الدعم المالي والعسكري والسياسي، يشكل الدعم الدبلوماسي الأمريكي لإسرائيل عنصرا أساسيا في تعزيز مكانتها على الساحة الدولية، حيث تعتبر الولايات المتحدة الحليف الأكبر لدولة الاحتلال في المنظمات الدولية.
منذ السبعينيات، استخدمت الحكومات الأمريكية حق النقض (الفيتو) لإحباط مشاريع قرارات تدين ممارسات الاحتلال الإسرائيلي أو تدعو إلى انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
بين عام 1970 ونوفمبر 2024، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) 49 مرة لصالح إسرائيل، واستخدمته 92 مرة في مجلس الأمن، مما يعكس انحيازًا واضحًا.
وفي العام الأخير من الحرب، عرضت واشنطن على إسرائيل الحماية الدبلوماسية من خلال هزيمة أربعة قرارات لمجلس الأمن تدعو إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة. كما أنها منعت قراراً يسعى إلى الاعتراف بفلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة.
– الحصار الدبلوماسي والملاحقة الدولية ضد الاحتلال وقياداته
وسط التصعيد العسكري للاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، اتخذت عدد من الدول خطوات دبلوماسية قوية احتجاجا على ما وصفته بالجرائم والانتهاكات الإنسانية.
وكانت بوليفيا من الدول التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قوة الاحتلال، حيث أعلنت نهاية هذه العلاقات في 31 أكتوبر 2023، متهمة قوة الاحتلال بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.
وفي السياق ذاته، قامت دول أخرى باستدعاء سفرائها من فترة الاحتلال أو خفضت حجم تمثيلها الدبلوماسي. ومن بين هذه الدول كولومبيا التي استدعت سفيرها للتشاور، وتشيلي التي اتخذت خطوة مماثلة احتجاجا على تدهور الأوضاع الإنسانية. كما استدعت هندوراس سفيرها في عهد الاحتلال في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، بينما أعلنت في الوقت نفسه أن جنوب أفريقيا استدعت سفيرها، بالإضافة إلى رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وفي عام 2023، رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية للحصول على رأي قانوني بشأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الحصار على قطاع غزة والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
وأكدت المحكمة في قرارها أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بحصار غزة الذي وصفته المحكمة بـ”العقاب الجماعي غير القانوني”، والتوسع الاستيطاني الذي ينتهك حقوق الإنسان. اتفاقية جنيف الرابعة.
وطالبت المحكمة إسرائيل بالالتزام بالقوانين الدولية وإنهاء كافة أشكال الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددة على ضرورة تعويض الفلسطينيين المتضررين. وعلى الرغم من الطبيعة غير الملزمة للفتوى، إلا أن القرار يمثل دعمًا قانونيًا ودبلوماسيًا للقضية الفلسطينية.
وفي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وبحسب بيان المحكمة، فإن نتنياهو وغالانت متهمان بالإشراف على هجمات على مدنيين وقعت بين 8 أكتوبر 2023 و20 مايو 2024، وهو تاريخ تقديم طلبات مذكرة الاعتقال.
وأكد البيان أن “هناك أسباب منطقية للاعتقاد بأنهم ارتكبوا جرائم تشمل القتل والاضطهاد والأعمال اللاإنسانية”، وشدد على أن اعتراف حكومة الاحتلال باختصاص المحكمة ليس ضروريا لإصدار الأوامر.
وقال البيان إن إعلان هذه الأوامر يهدف إلى تعزيز العدالة الدولية وضمان حقوق الضحايا في مواجهة ممارسات الاحتلال.