دونالد ترامب ودول الخليج.. مسار جديد أم استمرار للسياسات السابقة؟
مع دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تعود إلى الواجهة من جديد العديد من القضايا المتعلقة بعلاقات واشنطن مع دول مجلس التعاون الخليجي. علماً أن وزن دول الخليج في ولاية ترامب الأولى ليس كما هو اليوم، حيث تمكن بعضها، ولا سيما المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، من فرض نفسها في قضايا السياسة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. المستوى الدولي لفرض أبعاد استراتيجية بالغة الأهمية.
ما هي أبرز الملفات التي عليه التعامل معها فيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي؟
التطبيع السعودي الإسرائيلي
ويأتي قانون التطبيع في مقدمة أولويات إدارة ترامب التي تميز عهدها السابق بإبرام اتفاقيتي تطبيع مع دول مجلس التعاون الخليجي ضمن ما يسمى بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية”. الأولى كانت بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والثانية بين إسرائيل ومملكة البحرين في سبتمبر 2020 في البيت الأبيض.
لكن التركيز اليوم ينصب على السعودية، خاصة وأن قضية التطبيع الإسرائيلي السعودي كانت تغلي في عهد سلفه جو بايدن لكنها تركت دون حل لعدة أسباب، من بينها الحرب بين حماس وإسرائيل، وربط التطبيع باتفاق الدفاع، الذي الرياض تريد التوصل إلى اتفاق مع واشنطن.
وأدت الحرب بين حماس وإسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى تأخير محادثات التطبيع الجارية برعاية أميركية. وتزامن ذلك مع الرفض السعودي لشرط تحقيق التطبيع وهو حل الدولتين.
إن رفض السعودية للتطبيع مع إسرائيل ما لم تعترف إسرائيل بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة أدى بدوره إلى تأخير إبرام صفقة دفاعية بين الرياض وواشنطن، والتي رُسمت خطوطها العريضة دون أن ترى النور، ناهيك عن أنها وهو اتفاق لا يحظى بإجماع في الأروقة الأميركية بسبب رغبة معارضيه في احتكار التفوق العسكري الإسرائيلي. وفي منطقة الشرق الأوسط، ينبغي أن يكون الاتفاق الدفاعي مرهوناً باتفاقية تطبيع مع إسرائيل تضمن أمنها في المنطقة.
كما أن الملف الإيراني بأبعاده النووية لا يقل أهمية عن مسألة التطبيع. إن تقويض نفوذ إيران والقوى الحليفة لها في المنطقة ليس مجرد أمنية ذات أبعاد خليجية لإدارة ترامب التي تهدف إلى قمع ما يسميها “إيران النووية” في أول مائة يوم له في منصبه لتنتهي بالتزامن مع عودة المفاوضات الإيرانية الأوروبية في هذا الشأن. علماً أن العلاقات بين طهران وبعض العواصم الخليجية أخذت منحى إيجابياً.
وبحسب الأكاديمي عبد الله باعبود، فمن المرجح أن تركز إيران على شؤونها الداخلية في ضوء ما وصفه بالرغبات الإسرائيلية والغربية في زعزعة الاستقرار وهز الداخل الإيراني. ورأى أن على إيران أن تقلل من سياستها السابقة في الاعتماد على حلفائها وتأكيد هيمنتها، خاصة بعد الأحداث مع حركة حماس في غزة، ومع حزب الله في لبنان، ومع نظام الأسد في سوريا.
ويتوقع أن تستجيب إيران لضغوط ترامب بتحويل برنامجها النووي إلى برنامج عسكري. وهذا أمر لا تريده دول الخليج بقيادة الرياض، التي سبق أن أكدت على لسان رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان أن بلاده ستطور سلاحا نوويا إذا فعلت إيران ذلك.
من هنا، رأى باعبود أن من مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي تخفيف التوتر الأميركي الإيراني، لأن ذلك من شأنه حماية المنطقة من صراع مستقبلي.
هل ستبقى الدوحة حليفا استراتيجيا لواشنطن في عهد ترامب؟
وبينما اتسمت العلاقة الأميركية القطرية بتوترات كبيرة في عهد ترامب، لا سيما بسبب المقاطعة الخليجية لقطر، تمكنت قطر من الحصول على لقب «الحليف الاستراتيجي لواشنطن خارج حلف شمال الأطلسي» في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يعود برؤية مختلفة تجاه العاصمة الخليجية، صغيرة المساحة ولكنها فعالة في دبلوماسيتها الخارجية، بالنظر إلى جهودها في السنوات الأخيرة لتأكيد نفسها كقوة وساطة دولية في القضايا الحساسة مثل الأزمة الروسية. القضية الأوكرانية واحدة والحرب بين إسرائيل وحماس. قطر اليوم ليست كقطر الأمس.
وفي هذا الصدد، توقع المستشار السابق للخارجية الأميركية وعضو الحزب الجمهوري حازم الغبرة، أن تتضمن المرحلة المقبلة حوارا جديا بين واشنطن والدوحة، من شأنه أن يرسي الأساس لعلاقة جديدة تتوافق مع الوضع الجديد. يتوافق مع الدور القطري.
وقال الغبرة: “هناك انتقادات كثيرة في أمريكا لدور قطر السياسي والإعلامي بعد أحداث 7 أكتوبر، لذلك أتوقع أن يكون هناك حوار مباشر بين واشنطن والدوحة، يؤدي إلى التناغم بين البلدين”. سيقود الطرفان.” إقامة العلاقة بينهما.”
أما باعبود، فاستبعد أن تبتعد إدارة ترامب عن تصنيف الإدارة السابقة لقطر كحليف استراتيجي، بسبب دور قطر البارز في القضايا الإقليمية الحساسة، وفي مقدمتها الحرب بين حماس وإسرائيل إلى دوره المتوقع في سوريا في ظل الاتفاق النووي. الحكومة السياسية الجديدة للعب دور الوساطة التي أدت إلى نهاية الحرب التي استمرت أكثر من 15 شهرا.
فهل ينجح ترامب في سحب البساط من تحت التنين الصيني؟
تتصارع إدارة ترامب مع العديد من المشاكل في منطقة الخليج، ولكن ربما يكون أصعبها، كما يقول الكثيرون، هو عدم قدرتها على الحد من الانفتاح الروسي والخليجي الصيني على أساس أساسيات اقتصادية سليمة.
يأتي هذا في وقت تعتقد فيه دول الخليج أن إدارة ترامب السابقة “خذلت” سكان الخليج عندما فشلت في الدفاع عن الرياض بعد الهجوم على منشآتها في أرامكو. وقال الرئيس ترامب بصراحة حينها: “على السعوديين الدفاع عن أنفسهم لأنني لا أريد خوض حرب مع إيران”.
والحدث الآخر الذي تقول دول الخليج إنه أظهر أن واشنطن حليف غير موثوق به هو انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والتخلي عن حلفائها هناك في عهد الرئيس السابق جو بايدن. واعتبرت هذه الدول الخليجية الانسحاب الأميركي من أفغانستان إشارة واضحة إلى ضرورة عدم الاعتماد على الولايات المتحدة لحماية أمنها.
ووصف عبد الله باعبود، الباحث العماني المتخصص في العلاقات الدولية وشؤون الخليج والشرق الأوسط، العلاقات الخليجية الصينية بأنها معضلة بالنسبة لترامب لأنه، في تقديره، تعتمد دول الخليج بشكل أكبر على الصين في صادرات النفط والغاز أكثر اعتمادا على نفسها. ومن الناحية الاقتصادية، يعتمد الاقتصاد الصيني والآسيوي على الغرب، وهو ما يجعل اقتصاد الخليج، في رأيه، ذا أهمية أمنية.
وتوقع باعبود أن تضغط الإدارة الأميركية الحالية على العواصم الخليجية لعدم الدخول في اتفاقيات استراتيجية مع بكين من شأنها التأثير على أمن منطقة الشرق الأوسط.
وقال الغبرا: “هناك كتب كبيرة في المطبخ الأمريكي الأوروبي الضخمة الفاخرة والإعلامية بعد أحداث السابع من أكتوبر، وهي مملوكة للمشروع أن يكون هناك حوار مباشر بين واشنطن والدوحة وينتج عنه لوند بين التعاون وينظم للعلاقة الأخرى”.
أما باعبود فاستبعد أن تتراجع إدارة العمل عن إدارة الشركة التالي لقطر كحليف لها بسبب دورها في تحديدها ملفات أكبر حاسة في متهمتها الحرب بين حماس وإسرائيل، إذ ومن رأى أنه بريء من دور الوساطة فضى إلى اتفاق جنيف لحرب أكثر من 15 شهرًا، إضافة إلى دورها المرتقب في سوريا في ظل الإدارة الكلاسيكية الجديدة.
هل سيتعين على الأطفال أن يسحبوا البساط من تحت التنّين الصيني؟
ملفات بسيطة في إدارة التعامل معها خليجيًا، لكن الأصعب ربما، لسببين كثيرين، في عدم القدرة على الحدّ من الانفتاح الأوكراني الأوكراني والخليجي الأوكراني الذي بُني على أسس اقتصادية مساعد.
يأتي ذلك في الوقت الذي يعتبر دول خليجية أـ الخليجين حاليا لم يدافعوا عن الرياض بعد أن أصبحت منشآتها في أرامكو للهجوم. وقال الرئيس ترامب للوصول بكل صراحة: “على السعوديين أن يدافعوا عن فهم لا يقاتلون في خوض حرب مع إيران”.
محطة أخرى ترى الدول الخليجية أنها ستفكر في واشنطن كحليف لا يجوّل عليها، وهي التي انسحبت القوات الأمريكية من تحددها حلفاءها هناك في عهد الرئيس السابق جو. واعتبرت هذه الدول الخليجية يكفي من اجل تحديدها تسديد مدفوعاتها على حساب الولايات المتحدة الأمريكية الواضح حماية ضدها.
عبد الله باعبود الأكاديمي العُماني المختصر في العلاقات الدولية وشؤون الخليج الجديدة، وصف المشير الخليجى الصينى بالمعضلة بالنسبة لترامب، ذلك أن الدول الخليجية تعتمد حسب معتمدة منه، على الصين، في تصديرها للنفط وأكثر من يثق بها الغرب، ما برأيه هو الاقتصاد الخليجي مرتبطًا تمنىًا واقتصاديًا بالاقتصاد الصيني والأمان.
ووقّع باعبود أن تضغط الإدارة الأمريكية الحالية على العواصم الخليجية كي لا تبرم اتفاقيات استراتيجية مع تؤثّر على الحماية منطقة الشرق الأوسط.