تقرير: من الأجدر بإدارة المهرجانات.. النقاد أم السينمائيون؟

منذ 1 يوم
تقرير: من الأجدر بإدارة المهرجانات.. النقاد أم السينمائيون؟

طارق الشناوي: الصناعيون أهم في إدارة المهرجانات وليد سيف: الخبرة هي العامل الحاسم.. والطرفان يكملان بعضهما البعض محمود قاسم: أفضّل الشخص الذي لا يبحث عن مكاسب شخصية مهما كان انتمائه

“من هو الأجدر والأنسب لقيادة المهرجانات السينمائية؟ مبدعوهم ومخرجوهم ومنتجوهم وغيرهم من عناصر صناعة السينما، الذين بكل همومهم ومشاكلهم غارقون في أروقتهم وكواليسهم، أم نقاد الفن الذين تعتمد أعمالهم على تحليل العمل وتقييمه وتقديره؟

سؤال طرح بعد اختيار المخرجة هالة جلال، رئيس مهرجان الإسماعيلية، لفريق مساعد من صناع السينما لقيادة الدورة الـ26، التي تقام في الفترة من 5 إلى 11 فبراير الجاري. هذا هو المهرجان الذي اعتدنا فيه على الدمج بين النقاد وصانعي الأفلام في فريق عمله.

ولأن الدورة التالية اعتمدت على صناع السينما في بناء بنيتها الفنية، تعامل بعض النقاد مع الأمر بحساسية شديدة، بينما أساء آخرون تفسيره على أنه يقلل من أهمية الدور الذي لعبه النقاد في نجاح مهرجان الإسماعيلية وغيره من المهرجانات المصرية.

“الشركة المصنعة تأتي أولاً”

وطرحت «الشروق» السؤال على عدد من النقاد وصناع السينما، وبدأ الأمر بالناقد طارق الشناوي، الذي قال: «فريق المهرجان السينمائي نفسه يجب أن يتكون من أهل الصناعة، سواء كان ناقدًا أو أي شخص». إذا تولى النقاد الإدارة، فيجب أن يكون أولاً وقبل كل شيء رجل صناعة.

وللعلم، إذا انخرط الناقد بشكل كبير في التعاون مع شركات الإنتاج وموازنتها والاختلاط الوثيق مع المبدعين، فإنه يصبح واحداً منهم لأنه يفقد حياده. ولو رجعنا بالزمن إلى الوراء سنجد أن نجيب ساويرس عندما قرر تنظيم مهرجان الجونة السينمائي اختار أنشال التميمي، رغم أن ذلك سيكلفه أموالا كثيرة، لكنه اختاره لسبب مهم وهو أنه أنشال هو أحد كبار الصناعيين. ولا ينبغي التعامل مع الموضوع بحساسية وعنف مهني من قبل بعض النقاد. أنا على دراية بالهدف الذي تسعى إليه هالة جلال وكلامها لا يحتوي على أي تعالي تجاه المنتقدين. تتحدث عن صناعة المهرجانات وكيف أن تعاونها مع صانعي الأفلام من حولها سيساعدها على تحقيق الأفضل. ليس المقصود من هذه الكلمات تشويه مهنة الناقد، فهو نفسه، وأنا أعلم ذلك جيدًا، يثمن بشدة دور النقاد والصحفيين.

لكن علينا أن ندرك أن متطلبات من يقوم بتنظيم مهرجان سينمائي قد تغيرت. على سبيل المثال، رغم كل خبرتي، لا أستطيع إدارة مهرجان مثل مهرجان القاهرة السينمائي. هذا المهرجان يحتاج إلى رجل صناعي كبير يعرف تفاصيل شركات الإنتاج وكيفية الحصول على فيلم وما إلى ذلك. كما أنه ليس من مؤهلات الناقد أو الصحفي أن ينجح في تنظيم مهرجان. ولهذا أؤكد أن من يفهم صناعة السينما يستحق أن ينظم مهرجانا.

“التعاون مطلوب”

دكتور. وبدأ وليد سيف، الناقد والسيناريست ومدير مهرجان الإسكندرية السابق، إجابته على السؤال المطروح بالتأكيد على حق كل رئيس مهرجان في اختيار فريقه من المساعدين، قائلا: «من حق كل مدير مهرجان أن يسأل. ” دعم فريق عمل متعاون ومتناغم يحقق الهدف الذي يسعى إليه دون أن نفرضه على أحد ويدير أعماله بالشكل الذي يراه مناسبًا.

وتابع: وفيما يتعلق بسؤال من هو الأجدر بإدارة المهرجانات السينمائية في مصر، أعتقد أن الحضور المشترك للطرفين «النقاد والصناع» ضروري. ورغم أن الناقد قد يكون بعيداً عن أروقة وكواليس الصناعة، إلا أنه يمتلك عيناً ثاقبة تؤهله للعمل في المهرجانات، وفي لجان التحكيم، وفي المكتب الفني، وفي إدارة الندوات وغيرها. هناك بعض النقاد “الأذكياء” الذين لديهم اتصالات واسعة النطاق مع شركات الإنتاج ويمكنهم إلى حد كبير القيام بدور المبرمج.

لكن في النهاية، يجب على كل من يدير مهرجانًا أن يتمتع بخبرة واسعة في العديد من المجالات، وأن يكون كفؤًا ولديه القوة والقدرة على الاعتراف بالأخطاء. وللأسف هذه آفة بعض مديري المهرجانات: الغطرسة. الأخطاء ممكنة وتحدث في كل المهرجانات الكبرى، لكن الفرق بين الأجنبي وبيننا أن الأول يتعلم من أخطائه فيصحح الأمر ويصححه. ولكن للأسف هناك من لا يعترف بالخطأ ويستمر في ارتكابه.

وقال: هدفنا جميعا هو تنظيم مهرجانات سينمائية مهمة ومرموقة لـ«صناع السينما والنقاد»، وهو ما أراه محليا في الوقت الحالي. شهدت المهرجانات السينمائية تغيرات كبيرة وأصبحت تدار بشكل أكثر احترافية من ذي قبل. وأتمنى أن نشهد تطورا ملحوظا في مهرجان الإسماعيلية، الذي أشعر به كثيرا لقيادته الجديدة هالة جلال، وأتمنى لها كل التوفيق. أنت تعمل في ظل ظروف صعبة للغاية. ويعاني المركز الوطني للسينما الذي ينظم المهرجان من شغور منصب المخرج بعد انتهاء ولاية حسين بكر، كما يعاني المركز نفسه من انقسامات داخلية تعيق عمل جميع المعنيين.

“إنه يحب السينما”

واستذكر الناقد والمؤرخ محمود قاسم في رده أصول المهرجانات السينمائية في مصر قائلا: “في البداية أسس كمال الملاح جمعية للنقاد، وسمير فريد أسس جمعية أخرى للنقاد أيضا، وكلاهما حاولا أن إقامة مهرجانات سينمائية، من ناحية لقدرتها على جذب المعلنين، ومن ناحية أخرى بسبب قدرتها على الضغط على وزير الثقافة لتقديم دعمه لها، فضلاً عن قدرتها على الضغط على أصحاب الأفلام. لذلك، لديهم ما يلزم لإقامة مهرجان. ولذلك نلاحظ أن رئيس المهرجان مثل كمال الملاح شكر جميع الرعاة بالاسم في كلمته ومن بينهم صاحب مطعم المأكولات البحرية الذي دعا ضيوف المهرجان لتناول الطعام. ثم يفرح الرجل كثيراً عندما يذكر اسمه وسط هذا الحشد من الفنانين ويرعى المهرجان مرة أخرى.

وتابع محمود قاسم: تغيرت الأسماء والآراء بمرور الوقت، كما تغيرت طبيعة النقاد أنفسهم. لدينا الآن نقاد يعتمدون على الخبرة دون دراسة أو معرفة في عملهم. المهرجانات أصبحت نقمة ونعاني من القاعات الفارغة. يتم التركيز على الأفلام المصرية ونجومها لأنها تجذب الجمهور ووسائل الإعلام. ونتيجة لذلك، أصبح الفيلم المصري المشارك في المهرجان هو المقال الأكثر تداولا في الصحف.

وتابع قاسم: لذلك كان لا بد من تغيير من يدير المهرجان السينمائي. بالمناسبة، أنا لست قلقًا من أن يصبح ناقدًا أو ناقدًا سينمائيًا. فكم من خريجي معهد السينما لا يستحقون العمل في هذه المهنة وليس لديهم رؤية ووجهة نظر. لكن لدينا، في المقابل، نقاد حققوا نجاحاً ملموساً، مثل الناقد عصام زكريا والراحل علي أبو شادي. ورغم أن الجميع يعلم مدى الخلافات الجسيمة بيني وبينه، إلا أنه تمكن من إدارة مهرجان الإسماعيلية بكفاءة كبيرة.

ولهذا السبب أريد أن يكون لدى كل من يدير مهرجانًا فنيًا شغفًا وشغفًا بالسينما. لقد حضرت العديد من المهرجانات في أوروبا التي نظمها شباب لا ينتمون إلى أي فصيل. إنه ببساطة عاشق للسينما، ولا يرى في المهرجان كعكة عليه أن يحصل على نصيبه منها، بل تعبيراً عن الاحتفاء بالسينما وصناعها. أفضّل الشخص الذي لا يبحث عن مكاسب شخصية بغض النظر عن انتمائه، يحب السينما، ملتزم بإسعاد الناس وتقديم أفلام جيدة الصنع تسلي الجمهور.


شارك