الصراع يتجدد حول أبيي.. جنوب السودان يثير التوترات مع الخرطوم

منذ 2 أيام
الصراع يتجدد حول أبيي.. جنوب السودان يثير التوترات مع الخرطوم

ووسط التوترات التي يعيشها السودان منذ أكثر من عام نتيجة الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، يبدو أن البلاد المنهكة تعيش أزمة جديدة فيما يتعلق بمنطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها مع جنوب السودان. والذي بناءً عليه تم الاستعداد لعقد اجتماع غداً الأربعاء للاعتراف بشرعية سيادة جوبا على الإقليم.

وتأتي خطوة جوبا في هذا الوقت بعد هدوء دام أكثر من عقد من الزمن في أعقاب استفتاء من جانب واحد أجرته قبائل دينكا نقوك في جنوب السودان عام 2013، دون الاعتراف بالخطوة رسميًا.

يعقد اجتماع استثنائي لمجلس وزراء حكومة جنوب السودان برئاسة رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار، بعد أن اتفقا على وضع نتائج الاستفتاء المزعوم على جدول أعمال مجلس الوزراء المنعقد في أكتوبر 2013. وينتظر الاجتماع نتائج هذه الخطوة وينتظر في الوقت نفسه الرد. وتشهد الخرطوم توترات عسكرية وأمنية، مما يجعل من أزمة أبيي ورقة ضغط يمكن استخدامها ضد البلاد.

صورة 1

ورق الطباعة

وفي هذا الصدد، قال عطاف محمد، المحلل السياسي المتخصص في الشأن السوداني، في تصريحات خاصة لـ”ايجي برس”، إن جنوب السودان يريد الاستفادة من الضغوط الكبيرة والوضع الأمني والتقلب السياسي الذي يعيشه السودان حاليا. وأعرب عن استغرابه من طرح موضوع الاستفتاء مرة أخرى في هذا الوقت، خاصة أنه تم قبل عقد من الزمان، وأشار إلى أن الخرطوم ترفضه بشكل قاطع.

وأشار عطاف إلى أن مساعي الاعتراف بهذا الاستفتاء تأتي في وقت تدعم فيه بعض دول المنطقة قوات الدعم السريع وهو ما يتماشى مع التغيرات التي طرأت على الأجهزة الأمنية في جوبا وانسحاب الاحتلال المدعوم. علاقات السلام مع الخرطوم والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين. وأضاف أن كل ذلك جاء بعد التحريض والقتل ضد السودانيين في مدن مختلفة بجنوب السودان وإجلاء المواطنين السودانيين إلى بورتسودان.

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتغيير في السودان، محمود الجمال، في تصريحات خاصة لـ”ايجي برس”، إن جوبا قد تستخدم العديد من الضغوطات ضد الخرطوم، بما في ذلك إلقاء خطابات داعمة لأطراف معينة داخل السودان أو القيام بمهام إقليمية. خطوات سياسية لاستغلال التوترات لصالحه.

3

ولفت الجمال إلى خطورة التصعيد الذي قد يؤثر سلباً على استقرار السودان والجنوب، بالإضافة إلى تداعيات إقليمية غير مرغوب فيها قد تضر بمصالح البلدين، مؤكداً أن مصلحة الطرفين هي تحقيق ذلك. وهذا الاستقرار والتعاون المستمر.

إحياء الأزمة

ويأتي إحياء أزمة “أبيي” والاعتماد على التوتر في الخرطوم بسلسلة من الانتصارات المتتالية التي يحققها الجيش السوداني على الأرض ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، مثل إعلان القوات السودانية انسحابها. السيطرة على مصفاة “الجيلي” بالخرطوم التي كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب، وتوقف العمل على إثرها.

كما تم فك الحصار عن معسكر فيلق الإشارة الذي لعب دوراً مهماً في السيطرة على مصفاة الجيلي، حيث انضمت القوات المحاصرة إلى بقية العناصر في هذه الخطوة.

من جانبه، يرى المتحدث الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتغيير في السودان، محمود الجمال، أن الصراع على منطقة “أبيي” ليس أمراً جديداً، لكن جهود جنوب السودان لتجديد الصراع على هذه المنطقة مثل يمكن أن يكون وسيلة ضغط لزيادة التوترات في ظل الظروف الحالية.

صورة 4

واعتبر المتحدث الرسمي باسم جبهة التغيير التوترات المستمرة في منطقة أبيي محوراً جديداً للصراع، وقال إنه لا يعتقد أن السودان أو جنوب السودان يخططان حالياً بشكل مباشر للتصعيد في هذه المناطق الداخلية الكثيرة والتحديات التي قد يواجهها السودان، تجعل من الصعب عليه التعامل مع أي نزاع حدودي جديد.

وأوضح الجمال أن الوضع الحالي يشير إلى أن جنوب السودان قد يسعى للحفاظ على الاستقرار لتحقيق مصالحه الخاصة بسبب علاقاته مع شمال السودان، خاصة أن الجنوب يعتمد بشكل كبير على استقرار علاقاته مع الخرطوم.

خطر في الجنوب

من ناحية أخرى، حذر الخبير السياسي عطاف محمد من أن الخطوة التي تسعى إليها جوبا حاليا هي سيف ذو حدين قد يعمل بسرعة ضد جنوب السودان نفسه، قائلا إنه ليس من مصلحة الجنوب تفاقم الأوضاع الأمنية. في الشمال لأن هذا يشكل تهديدا للجنوب.

يقول عطاف إن محاولة جنوب السودان إحياء الصراع على أبيي تأتي في وقت يعاني فيه من أزمة اقتصادية حادة، ويبدو أن الشمال قد وصل إلى نهايته.

ورغم حالة الانهيار التي يعيشها السودان حاليا، يقول محللون إن الجيش السوداني بدأ يستعيد قوته ويفرض نفسه في مناطق رئيسية. ويرى المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتغيير أن الأمر ليس كذلك، وسيكون من الحكمة والمنطق أن يأخذ جنوب السودان زمام المبادرة ويخلق أزمة جديدة من خلال استغلال هذه المشكلة.

5

وقال محمود الجمال إن الافتراض بأن الجيش السوداني ضعيف أو في حالة انهيار هو تقييم غير صحيح تماما، واصفا حالة القوات المسلحة السودانية بأنها حاليا في أقوى حالاتها حيث زاد عدد أفرادها بالمئات من أفرادها. الآلاف، وخضع تسليحها مرات عديدة لتطور كبير، سواء من حيث المعدات أو القدرات الميدانية أو البشرية.

وتابع الجمل أن المعارك الحالية زادت من قوة الجيش السوداني، الأمر الذي ستكون له عواقب وخيمة على الولاية الجنوبية إذا تم تدخل غير محسوب، معتبراً أنه ليس من الحكمة أن تتخذ جوبا مواقف متهورة ومتهورة يمكن أن تؤدي إلى مواجهة خاسرة.

استراتيجية الخرطوم

وأكد رئيس جبهة التغيير أن السودان يختار النهج الذكي والعقلاني رغم قدرته على استعادة السيطرة على المناطق التي شهدت فيها الولاية الجنوبية تدخلات أو تصعيد، لافتا إلى أن الخرطوم تنتهج استراتيجية التهدئة التي تعتمد على ضبط النفس والعمل. برؤية واضحة تضمن حماية المصالح الوطنية مع الحفاظ على استقرار المنطقة برمتها.

وردا على تحركات جوبا عقدت وزارة الخارجية السودانية اجتماعا في بورتسودان مع ممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدة لدى السودان لبحث أوضاع السودانيين في جنوب السودان وتطورات الأوضاع في منطقة أبيي.

6

وطرح وكيل وزارة الخارجية حسين الأمين، خلال اللقاء، القضايا المتعلقة بالهجمات التي تعرض لها السودانيون الأسبوع الماضي في جنوب السودان، موضحا أن الهجمات جاءت مع تحرير الجيش السوداني مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، لافتا إلى أن هناك ووقعت أعمال عنف ضد مواطنين سودانيين في عدة مناطق بجنوب السودان.

من جانبه، كشف السفير أنس الطيب مدير عام التعاون الدولي بوزارة الخارجية، أن “القرارات الأحادية” التي اتخذتها حكومة جنوب السودان بشأن منطقة أبيي المتنازع عليها، وصفت هذه القرارات بأنها مثيرة للقلق. مؤكداً تأثيرها السلبي على العلاقات الثنائية بين البلدين وعلى جهود قوات الأمن التابعة للأمم المتحدة في المنطقة (اليونيسفا).

ما هي أهمية منطقة أبيي؟

وتعد منطقة أبيي الحدودية من أكثر القضايا حساسية في العلاقات بين السودان وجنوب السودان، في صراع معقد لا تزال نتائجه غير واضحة. وتقع المنطقة على الحدود بين السودان وجنوب السودان وتضم مناطق ذات أهمية استراتيجية نفطية.

وكانت المنطقة جزءا من السودان حتى استقلال جنوب السودان عام 2011، لكن الخلافات حول ملكيتها وسيادتها استمرت، حيث يطالب السودان بالمنطقة بسبب ارتباطها بقبيلة المسيرية العربية التي تعيش في الشمال، بينما يطالب جنوب السودان بأنها موطن لسكان المنطقة. قبيلة دينكا نقوك الأفريقية التي تعيش في الجنوب.

صورة 7

وفي يوليو/تموز 2009، استأنف الطرفان أمام محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي، التي أعادت رسم حدود المنطقة واستثنت حقول النفط في الشمال من ولاية أبيي، وتركتها تحت سيادة السودان، ورغم هذا القرار ظل الوضع على حاله في ظل التوترات المستمرة بين الخرطوم وجوبا.

وينص اتفاق السلام الشامل بين الطرفين على إجراء استفتاء لسكان أبيي لتقرير مصير المنطقة، التي ينبغي إما أن تظل تحت سيادة السودان بوضع خاص أو تنضم إلى الكتلة الانتخابية المؤهلة لجنوب السودان، وخاصة بين دينكا نقوك. وقبائل المسيرية، أدى إلى تأجيل الاستفتاء عدة مرات.

وفي خطوة أحادية، أجرت قبائل دينكا نقوك استفتاء شعبيا في أكتوبر 2013 صوتت فيه لصالح الانضمام إلى جنوب السودان بأغلبية 99.9% بين الطرفين.

واليوم، تقوم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بمراقبة المنطقة لمنع تصاعد الصراع. عددهم حوالي 5000 شخص.


شارك