بعد زيارة وفد روسيا لدمشق.. ما مصير قواعد موسكو في سوريا؟
في زيارة لم تقتصر على البروتوكول الدبلوماسي، وبعد أن هبط وفد روسي رفيع المستوى في دمشق لأول مرة في عهد الحكومة الجديدة، أثيرت قضية حساسة مرة أخرى بشأن مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا بعد انسحاب القوات الروسية. تم سحبها. وكان يقودها مسؤولون رفيعو المستوى في الكرملين. وهذا يضع موسكو ودمشق عند مفترق طرق من شأنه أن يعيد تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية.
أصبحت القواعد الروسية في سوريا، التي كانت على مدى سنوات رمزاً لقوة موسكو ونفوذها في الشرق الأوسط، موضوعاً لأسئلة مصيرية. ويطرحون تساؤلاً حول ما إذا كانت موسكو تعيد النظر في حساباتها في سوريا، وما إذا كانت هذه الزيارة تشكل بداية لانسحاب تدريجي أم إعادة تموضع تكتيكي.
مستقبل القواعد الروسية
على مدى سنوات، شكّلت القواعد العسكرية الروسية في سوريا مركزاً رئيسياً للقوة والنفوذ الروسي في المنطقة، لكن التغييرات الأخيرة تثير تساؤلات حول مستقبل هذه القواعد. وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي المتخصص في الشأن السوري د. وقال محمد هويدي في تصريحات خاصة لايجي برس: “كانت هناك اتفاقات قبل وبعد سقوط النظام السوري السابق للحفاظ على الاتفاقات العسكرية الروسية الجديدة”، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة أرسلت إشارات إيجابية لروسيا في أعقاب التطورات.
دكتور. وأضاف هويدي أن العلاقات بين روسيا وسوريا مبنية على المصالح المشتركة وهو ما أكدته الزيارة الروسية الأخيرة وأعادت تحديد إطار التعاون بين البلدين وخاصة فيما يتعلق بالقواعد العسكرية في طرطوس واللاذقية. وأكد أنه لن يكون هناك تغيير جذري في موضوع القواعد وأنها ستبقى في مكانها رغم بعض الضغوط الغربية على الحكومة الحالية.
وأكد الهويدي حسن نوايا الحكومة الجديدة فيما يتعلق بالقواعد الروسية، بقوله إن هذه القواعد لم تتعرض لهجمات عسكرية منذ سقوط نظام الأسد. علاوة على ذلك، لا تزال السفارة الروسية موجودة في دمشق ولم تتعرض لأي هجوم على الإطلاق. وأشار إلى أنه لا توجد أي مؤشرات على تغيير في السياسة الروسية أو انسحابها من وجودها العسكري في سوريا.
من جانبه، قال المحلل السياسي قصي عبيدو، المتخصص في الشأن السوري، في تصريحات خاصة لايجي برس، إنه لم يتم التوصل إلى رؤية واضحة بشأن الوجود العسكري الروسي في مطار حميميم باللاذقية أو ميناء طرطوس، لافتاً إلى أن المشاورات بين الطرفين لم تحسم بعد. ويواصل المعنيون العمل من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا.
وقال عبيدو إن الاتفاقات الموقعة بين روسيا والنظام السوري السابق لم يتم تنفيذها بشكل كامل ولم يتم الاعتراف بها بشكل كامل. وتحاول الحكومة السورية الحالية ممثلة بأحمد الشرع التوصل إلى اتفاق مع موسكو حول هذه المسألة بما يحقق مصالح الطرفين.
وفي الوقت نفسه، أشار عبيدو إلى أن هناك مطالبات من دول مثل ألمانيا بسحب القوات الروسية من سوريا، ما يوحي بأن هناك جهوداً للتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، بما في ذلك الدولة السورية وروسيا، لتحقيق المصالح المشتركة. . مثل الوجود الروسي في المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط.
وأكد عبيدو أن التصريحات الصادرة من سوريا عقب الزيارة الأخيرة للوفد الروسي كانت غامضة واعتبرها دليلاً على فشل التوصل إلى اتفاق نهائي يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل. وتوقع عدة لقاءات وخطوات وشروط من الطرفين. للوصول إلى اتفاق.
وأشار عبيدو إلى أن شروط الدولة السورية ستكون الأقوى والأصعب خلال المفاوضات المتوقعة مع روسيا حول القواعد. وفي حال تم الالتزام بهذه الالتزامات، سيتم التوصل إلى اتفاقيات جديدة وتوقيعها مع الحكومة السورية، وقد يتم التوصل إليها في شهر أبريل/نيسان المقبل. هذا العام.
الغرب أو روسيا
خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الألماني إلى سوريا، أكد الوفد الألماني للحكومة السورية بوضوح رغبة برلين في خروج القواعد الروسية من سوريا، في وقت لم يتم فيه رفع العقوبات المفروضة على دمشق بعد، ولم يتم رفع ممثلي الحكومة الجديدة. ولم يتم إزالة الحكومة من قوائم الإرهاب. وفي هذا الصدد، يقول الهويدي إن الاختيار بين موسكو والغرب سيكون صعباً، إذ يتعين على دمشق حالياً الموازنة بين الطرفين.
وأشار هويدي إلى أن العقوبات الغربية القائمة والتي لم ترفع بعد تشكل قضية كبرى بالنسبة لدمشق، حيث أن أي تنازلات تقدمها الحكومة السورية مرتبطة باتفاقيات معينة لم يتم السعي إليها، خاصة بعد إعلان أحمد الشرع كرئيس جديد لسوريا في الفترة الانتقالية، وهو ما لا يتماشى مع الاتفاقيات مع أوروبا التي تتطلب قرارات معينة مثل القرار 2254، مما يعني أن الحكومة الجديدة لا تريد وضع كل بيضها في سلة واحدة، سواء كانت أوروبا أو روسيا.
وإذا اضطرت دمشق إلى الاختيار بين الجانب الروسي والجانب الغربي، يرى هويدي أن الحكومة الجديدة، إذا اضطرت في النهاية إلى الاختيار بين الجانبين، ستختار بالتأكيد الجانب الغربي، فهي بحاجة ماسة إلى رفع العقوبات عنها. أن يتم إزالة مسؤوليها من قوائم الإرهاب، لأن هذا هو ما قصدته. لا أعتقد أنني أؤيد الجانب الروسي الذي اختاره الأسد لسنوات والذي خسره في النهاية.
ورغم الزيارات المكثفة التي قام بها سياسيون غربيون إلى سوريا في الآونة الأخيرة، إلا أن رؤية الغرب تجاه سوريا لا تزال غير واضحة، بحسب هويدي، الذي قال إن قضية هيئة تحرير الشام تحتاج إلى قرارات دولية لتنظيم وجودها في سوريا، ولروسيا دور مهم في دعمها. دور في هذا السياق. ويحمل هذا الملف أيضا تداعيات على مجلس الأمن، وخاصة في ما يتصل بمكافحة الجماعات المتطرفة.
وشدد هويدي على أنه من غير المرجح أن يكون هناك انهيار في العلاقات بين موسكو ودمشق، مشيراً إلى دعوة روسيا لوزير الخارجية السوري للسفر إلى موسكو. وقال إن هذا يمثل علامة على استمرار التعاون بين البلدين.
من جانبه، يرى قصي عبيدو أن الحكومة السورية الحالية ستعمل على تحقيق التوازن بين المنافع من روسيا والغرب، وإذا رأت أن التوازن بين الطرفين ممكن فإنها ستحافظ بدورها على القواعد الروسية وتحد من النفوذ الروسي في المنطقة. الوجود السوري، ولكن مع فرض قيود على التدخل في الشؤون الداخلية السورية، وتعزيز علاقاتها مع الغرب.
وأوضح عبيدو أنه في حال استمرار الوجود الروسي في سوريا فلا بد من الاتفاق على مقابل للوجود الروسي على الأراضي السورية، أي إبرام معاهدات تؤكد حقوق الطرفين وتعطي الشرعية للوجود الروسي في سوريا. ، كما كانت. في الحقبة السابقة، لكن الفرق بين الماضي والحاضر هو أنه في السابق كان هناك وجود عسكري للمشاركة في الحرب، أما الآن فإن الوجود سيخدم مصالح مشتركة، مثل اكتساب الخبرة وتدريب المقاتلين والطيارين السوريين، حماية المصالح الروسية في المنطقة.
وأكد عبيدو تصميم أوروبا على الوجود العسكري الروسي في سوريا وقال إن هناك عقبات واضحة أمام عدم السماح بإبرام هذا الاتفاق لأنه لا يخدم المصالح الأوروبية في سوريا.
وفي حال وصول قرار الحكومة الجديدة إلى طريق مسدود بين روسيا والغرب، يعتقد قصي أن دمشق ستعرض على الغرب التعاون مع روسيا من أجل جعل قضية رفع العقوبات هدفاً أعلى وأكثر نجاحاً لصالح سوريا. ويعني عودة سوريا إلى مكانتها الجيوسياسية في العالم العربي وعلى المستوى الدولي.