الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم بسبب تقاعس المجتمع الدولي المستمر

منذ 3 ساعات
الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم بسبب تقاعس المجتمع الدولي المستمر

وقالت الأمم المتحدة في أحدث تقرير لها، إن 16 يوما مرت منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. ومع ذلك، لا يزال الوضع الإنساني في قطاع غزة كارثيا، حيث ظلت جميع أشكال المساعدات تقريبا منقطعة، ولم يعد من الممكن تلبية الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحا لسكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة.

وأضاف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقريره أنه رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي خفض من شدة القصف المدفعي الإسرائيلي اليومي والقتلى، فإن الوضع الإنساني والظروف المعيشية لا تزال كارثية، مع تدمير المنازل وجميع أنواع البنية التحتية بشكل خطير.

وتابع: “على الرغم من زيادة عدد الشاحنات الداخلة إلى قطاع غزة، إلا أن التحليل الأولي الذي أجراه فريق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حول كمية ونوع المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة يظهر أن بعضها عبارة عن سلع للتجار، أي مواد غير أساسية مثل الوجبات الخفيفة، وهي ليست أولوية بالنسبة لسكان غزة. وينطبق هذا أيضًا على المساعدات الإنسانية الأخرى التي يتم تسليمها في الشاحنات إلى المنظمات الدولية داخل قطاع غزة.

وكشف التقرير أن مئات الآلاف من سكان قطاع غزة يعيشون واقعاً مأساوياً يومياً، إلا أن الوضع الإنساني في قطاع غزة يواصل التدهور. ولكن حتى الالتزامات الدولية لم تنجح في تخفيف معاناة السكان بشكل كبير، إذ لا تزال المشاكل الإنسانية العاجلة دون حل.

نصف احتياجات القطاع

منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، دخلت نحو 8500 شاحنة إلى قطاع غزة، لكن حوالي 35% فقط منها وصلت إلى الجزء الشمالي من القطاع. وتشير التقديرات إلى أن هناك حاجة إلى نحو 1000 شاحنة يومياً للاستجابة لحالات الطوارئ، إلا أن عدد الشاحنات التي تستطيع الوصول إلى القطاع لا يتجاوز نصف هذا الاحتياج اليومي.

وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن العديد من الشاحنات التي دخلت البلاد لم تكن تحمل مساعدات إنسانية بل بضائع للتجار، وأن الكثير من هذه المساعدات غير ضرورية.

وقد فشلت إسرائيل حتى الآن في الوفاء بالتزاماتها.

وأوضح التقرير الحاجة الملحة إلى توفير مأوى طارئ على شكل خيام ومنازل متنقلة، والتي من المقرر توفيرها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وعاد مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين من الجنوب إلى منازلهم في الجزء الشمالي من وادي غزة، لكن إسرائيل لم تنفذ بعد التزاماتها بموجب الاتفاق.

“وقد تم تقدير الاحتياجات الأولية بنحو 120 ألف خيمة، ولكن لم يصل إلى قطاع غزة سوى 9500 خيمة فقط، معظمها صغيرة الحجم وذات نوعية رديئة. وأضاف أن “هذا يعني أن الخيام التي وصلت تمثل 8% فقط من إجمالي الاحتياجات الطارئة وأن مئات الآلاف من السكان أصبحوا بلا مأوى مؤقت مناسب بسبب الدمار الواسع النطاق للمنازل والمباني في جميع أنحاء قطاع غزة، وخاصة في رفح وشمال غزة وأجزاء كبيرة من مدينة غزة وخان يونس”.

نصف المبلغ المتفق عليه

وبحسب تقرير الرصد فإن القطاع يحصل على نصف الكمية المتفق عليها من الوقود والبنزين اللازمة لتشغيل قطاع الخدمات الأساسية. ونظرا للحاجة الملحة لدعم خدمات الطوارئ فإن هذه الكمية تصل بمعدل 30 شاحنة يوميا وبمعدل 14 شاحنة يوميا.

وأشار التقرير إلى أنه لم يتم تسليم الأدوات الصحية وأنابيب المياه والطاقة الشمسية ومواد البناء اللازمة لإصلاح المنازل. وهناك حاجة ماسة إلى هذه الأجزاء لأنها ستمكن الأسر من البقاء في منازلها المدمرة جزئيًا أثناء تركيب الأجزاء ذات الصلة.

إسرائيل تحظر استيراد الإمدادات

تم تدمير حوالي 85% من آبار المياه في قطاع غزة، ومنعت إسرائيل استيراد المواد اللازمة لإصلاح وترميم هذه الآبار. وبحسب تقديرات بلدية غزة وبلديات شمال قطاع غزة فإن 100 بئر في وادي شمال غزة بحاجة إلى إصلاح وترميم فوري، ولم يتم إصلاح أي منها حتى الآن.

وذكر التقرير أنه بالإضافة إلى بطاريات الكهرباء، تحتاج البلديات وقطاعات الخدمات إلى تركيب الألواح الشمسية وخزانات المياه وأنابيب توصيل المياه والمضخات الغاطسة للآبار لتلبية الاحتياجات الأساسية للأشخاص الذين يعيشون في المناطق السكنية البديلة.

ولكن حتى الآن لم يُسمح باستخدام الأدوات أو الأنظمة المناسبة لإزالة الأنقاض أو انتشال الجثث أو تنظيف الشوارع أو إزالة المباني المتداعية التي تعرض حياة سكان غزة للخطر.

تم إحضار أربع قطع فقط من المعدات، بما في ذلك المعدات الصغيرة؛ ومن أجل إصلاح معبر رفح والطريق المؤدي إليه، تضمن وقف إطلاق النار أيضا الاتفاق على توفير 100 قطعة من المعدات الثقيلة لفتح الطرق وانتشال الجثث.

لا يشمل السعر المعدات الطبية اللازمة للمستشفيات.

وفيما يتعلق بالمعدات والمستلزمات الطبية، قال التقرير إنه لم يصل أي من المعدات والمستلزمات الطبية اللازمة؛ استئناف عمليات المستشفى، على سبيل المثال من خلال تسليم معدات التصوير بالرنين المغناطيسي إلى قطاع غزة.

وتابع: “هذا ينطبق بشكل خاص على مستشفى الشفاء الذي تعرضت مبانيه ومعداته للتدمير والحرق على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي”.

في هذه الأثناء، يحتاج المستشفى الأوروبي بشكل عاجل إلى استبدال جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي المعطل، في حين لم يتسلم مجمع ناصر الطبي في خان يونس جهازاً بعد.

وينطبق الأمر نفسه على المعدات الإشعاعية، حيث يفتقر القطاع إلى أجهزة الأشعة السينية وغيرها من المعدات لأن مولداتها دمرت أو أحرقت أثناء الإبادة الجماعية. وتحتاج المستشفيات أيضًا إلى مولدات الآن.

الفشل في حماية ضحايا الإبادة الجماعية

ويقول التقرير إن غياب هذه المكونات الأساسية يدل على عدم قدرة الأطراف على حماية ورعاية ضحايا الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل منذ أكثر من 15 شهراً. ويؤدي هذا إلى تفاقم معاناة السكان المدنيين، فضلاً عن التأخير في تقديم المساعدات الإنسانية التي يطلبها السكان بشكل عاجل.

“ويجب على المجتمع الدولي ووسطاء اتفاق وقف إطلاق النار التحرك فوراً وبشكل عاجل لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً. ويجب عليهم تفعيل آليات الدعم والمساعدة لضمان سلامة وكرامة مئات الآلاف من الأشخاص المتضررين. ويجب عليهم ضمان المراقبة الدقيقة والتحقيقات المستقلة لضمان تنفيذ الالتزامات الإنسانية والقانونية. وأضاف أن “الهدف الوحيد هو حماية السكان المدنيين وضمان حقوقهم الأساسية”.

وأوضح أنه يجب اتخاذ إجراءات عاجلة لتلبية الاحتياجات الفورية للسكان الذين يعيشون في قطاع غزة بشكل ملائم، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات النساء والأطفال وأفراد الفئات الأكثر ضعفا. ويتضمن ذلك توفير السكن المؤقت المناسب وضمان دخول ووصول كافة المساعدات الإنسانية. وإزالة أي قيود أو حواجز تعوق إيصال المساعدات إلى المدنيين، بما في ذلك الرعاية في المستشفيات، والحصول على المياه والتعليم.

وعلاوة على ذلك، لا بد من توفير الدعم الاجتماعي والنفسي لمواجهة التأثير النفسي المدمر للإبادة الجماعية، وخاصة بين الأطفال والناجين من الهجمات المباشرة.

وقال التقرير إن الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم بسبب استمرار تقاعس المجتمع الدولي وعدم اكتراثه بتأخير وصول السلع الأساسية. وبدلاً من ذلك، يتعين على المجتمع الدولي أن يتصرف موحداً ويتخذ إجراءات فورية لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين في أسرع وقت ممكن.


شارك