منشق عن نظام الأسد: قادة الأمن عبّروا عن ولائهم بتصوير جثث الضحايا.. أخفيت الأدلة في ثيابي

منذ 3 ساعات
منشق عن نظام الأسد: قادة الأمن عبّروا عن ولائهم بتصوير جثث الضحايا.. أخفيت الأدلة في ثيابي

كشف الملازم أول فريد المدهان رئيس قسم الأدلة الجنائية في الشرطة العسكرية بدمشق، الملقب بـ”القيصر”، عن هويته لأول مرة، وأفاد بتفاصيل الوثائق المسربة التي كشفت للعالم جرائم التعذيب والقتل في سجون نظام الأسد الذي أطاحت به المعارضة السورية في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي.

جاء ذلك خلال حلقة خاصة من برنامج “الحكاية مستمرة” على قناة الجزيرة القطرية، مساء الخميس.

نشر المنشق المضهان صوراً لنحو 11 ألف جثة لأشخاص قتلوا تحت التعذيب بين مايو/أيار 2011 وأغسطس/آب 2013، كاشفاً عن أساليب التعذيب التي استخدمت على المعتقلين في سجون نظام البعث البائد.

وفي أول تصريح علني له، قال المدهان، وهو من درعا في جنوب سوريا: “الأوامر بتصوير وتوثيق جرائم نظام بشار الأسد تأتي من أعلى هرم السلطة لضمان تنفيذ عمليات القتل فعليا”.

وتابع: “تم التقاط أول صورة لجثث المعتقلين في آذار/مارس 2011 في ثلاجة مشفى تشرين العسكري للمتظاهرين من درعا”.

وأضاف: “تم جمع جثث ضحايا الاعتقال وتصويرها في ثلاجات الموتى في مشفيي تشرين وحرستا العسكريين بدمشق”.

وأشار إلى أن “كراج سيارات مشفى المزة العسكري تحول إلى مكان لجمع الجثث وتصويرها مع تزايد أعداد القتلى”.

وأوضح أن “قيادة الأجهزة الأمنية عبرت من خلال صور جثث ضحايا الاعتقال عن ولائها المطلق لنظام الأسد”.

وأشار إلى أنه “في بداية الثورة السورية كان عدد الجثث يتراوح بين 10 إلى 15 يومياً، ويصل إلى 50 جثة يومياً”.

وفي السياق ذاته، كشف المدهان: أن “النظام كتب أن سبب وفاة من قتلهم هو توقف القلب والتنفس”.

وتابع: “تم ابتزاز آلاف من أهالي الأسرى بشكل ممنهج دون الحصول على أي معلومات”.

وعن خطواته في تسليم الوثائق قال: “كنت أحمل بطاقة عسكرية رسمية وبطاقة مدنية مزورة حتى أتمكن من التنقل بين مكان عملي في دمشق ومكان إقامتي في مدينة التل”.

وأضاف: “كان يتم تهريب الصور بشكل شبه يومي من مكان عملي في دمشق إلى مقر إقامتي في مدينة التل”.

وأضاف: “تم تفتيشي في مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة الجيش السوري الحر”.

وأضاف: “أخفيت وسيلة نقل الصورة في ملابسي ورغيف خبز وجسدي خوفاً من تفتيشي على نقاط التفتيش الأمنية”. واستمرت عملية تهريب اللوحات بشكل يومي تقريبًا لمدة ثلاث سنوات تقريبًا.

وقال: “قرار الانشقاق كان معي منذ بداية الثورة، ولكنني أجلته حتى أتمكن من جمع أكبر قدر ممكن من الصور والأدلة”.

وفي إشارة إلى لقبه وارتباطه بقانون “قيصر” الذي فرضته الولايات المتحدة على بلاده عام 2019 ودخل حيز التنفيذ عام 2020، دعا المدهان واشنطن إلى إلغاء القانون ورفع العقوبات عن الشعب السوري.

في 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأمريكي، بمجلسيه الشيوخ والنواب، قانون قيصر لمعاقبة النظام السوري ورئيسه على جرائم الحرب ضد المدنيين.

وينص القانون على سلسلة من العقوبات الاقتصادية ضد النظام السوري وحلفائه والشركات والأفراد المرتبطين به. وتهدف هذه الخطوة إلى معاقبة الأسد وقطع التمويل عنه حتى يتمكن من العودة إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب في سوريا، جارة الأردن الشمالية.

وعن هروبه من سوريا، قال المضان: “سافرت إلى قطر عبر الأردن، وهناك قام مكتب محاماة بإعداد ملفي لمحاسبة النظام السوري”.

وقال إنه يعيش حاليا في فرنسا مع عائلته، مشيرا إلى أن الإجراءات الأمنية حوله تمنعه من ممارسة حياة طبيعية، وحتى حضور دروس اللغة، على حد تعبيره.

ودعا الحكومة الجديدة في بلاده إلى “فتح المحاكم الوطنية لملاحقة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب”.

وفي نهاية شهر يناير/كانون الثاني، أفادت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا أن الممارسات غير القانونية مثل الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري “استخدمت بشكل منهجي لقمع المعارضة” أثناء حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وجاء ذلك بحسب تقرير نشرته اللجنة التابعة للأمم المتحدة بعنوان “شبكة الألم: الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة في الجمهورية العربية السورية” بعد إجراء مقابلات مع آلاف الشهود حول انتهاكات حقوق الإنسان في عهد نظام الأسد المخلوع.

وجاء في التقرير: “إن الحكومة السورية السابقة (نظام الأسد) استخدمت بشكل منهجي الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري لقمع المعارضة. وتشكل هذه الأفعال جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وبعض أسوأ الانتهاكات المنهجية للقانون الدولي المرتكبة أثناء النزاع”.

وأشار إلى أن المعتقلين خرجوا من غرف التعذيب بعد سقوط النظام السابق، وقال إن هذا يشير إلى “تغيير لدى السوريين لم يكن من الممكن تصوره قبل شهرين”.

وأكد التقرير أن انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالاعتقالات في عهد الأسد كانت بمثابة “صدمة للشعب السوري”. وأضافت أن “الألم مستمر لدى عشرات الآلاف من العائلات التي لم تتمكن من العثور على ذويها المفقودين بين الأسرى المفرج عنهم”.

في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق، منهيةً 61 عاماً من نظام حزب البعث الدموي و53 عاماً من حكم عائلة الأسد.

وفي اليوم التالي، أعلن رئيس الحكومة السورية الجديدة أحمد الشرع، الذي أصبح رئيساً قبل أسبوع، تكليف محمد البشير بتشكيل حكومة لقيادة الفترة الانتقالية.


شارك