في ظل التطورات المتلاحقة.. هدنة غزة في مهب الريح
![في ظل التطورات المتلاحقة.. هدنة غزة في مهب الريح](https://www.egy-press.com/uploads/images/202502/image_870x_67a5e0e762099.webp)
وصلت المحادثات بشأن المراحل المتبقية من اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس إلى طريق مسدود. والآن يتجه الاهتمام إلى اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب طرد الفلسطينيين من أرضهم واحتلال قطاع غزة وتداعيات هذا الاقتراح ــ وكأن ترامب قد وجه بذلك الضربة القاضية لأي أمل في بقاء الاتفاق.
تتوارد أنباء أولية عن عملية تبادل الأسرى الخامسة المخطط لها يوم السبت. ولكن هناك حالة من عدم اليقين بشأن نتائجها وما إذا كانت حماس ستلتزم بالتفاصيل بعد أن عبرت تصريحات الرئيس الأميركي ليس فقط عن رغبته في خروج الحركة من المشهد، بل وأيضاً في إجلاء الفلسطينيين من قطاع غزة بالكامل ــ وهي القضية التي لاقت معارضة دولية واسعة النطاق.
وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن من المنتظر أن يتم الإفراج عن ثلاثة أسرى إسرائيليين غدا السبت، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. وهذا هو اليوم الحادي والعشرون منذ بداية المرحلة الأولى وبالتالي نصفها. لا يزال 79 أسيراً في سجون حماس.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين يخشون من أن تكون لتصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة تداعيات سلبية، وأن توفر لحماس ذريعة لتأخير أو تعطيل العملية.
وكتبت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أن “تصريحات ترامب لها تداعيات على وقف إطلاق النار الحالي وصفقة الأسرى”، ونقلت عن مسؤول لم تسمه قوله “أعتقد أن المرحلة الأولى ستخفف من الضجيج الدائر”.
وفي مواجهة الرغبة الإسرائيلية الأميركية اليائسة في إطلاق سراح جميع السجناء، يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو تمديد المرحلة الأولى بهدف إجراء جولات أخرى من إطلاق سراح السجناء مقابل إطلاق سراح سجناء أمنيين فلسطينيين.
وأشارت الصحيفة إلى مخاوف إسرائيلية من أن تمديد المرحلة الأولى فقط من شأنه أن يؤدي إلى جولة أخرى من الإفراجات بعد الموعد النهائي الأصلي الذي حدد بـ42 يوما. وهذا صحيح بشكل خاص لأن الجانب الفلسطيني ليس لديه ما يخسره، حيث يصر ترامب على استلام غزة من إسرائيل “بعد انتهاء القتال”، كما قال في تغريدة على منصة Truth Social يوم الخميس، في إشارة إلى استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة.
وترافقت هذه التصريحات مع الإعلان عن أن الجيش الإسرائيلي قدم لوزير الدفاع يسرائيل كاتس خططا أولية لإعادة توطين سكان غزة طوعيا.
كما أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن تل أبيب تدرس بجدية نقل الفلسطينيين منذ أشهر: “كنا منشغلين بإعداد خطط لنقل سكان قطاع غزة منذ أشهر، وتم ذلك خلف الكواليس خوفًا من رد فعل الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن”.
وتزداد احتمالات فشل اتفاق وقف إطلاق النار بسبب تصريحات سموتريتش بأن إسرائيل ستعود إلى القتال “المكثف” في قطاع غزة بعد استكمال المرحلة الأولى من الاتفاق. وأشار إلى الجهود المبذولة لتمديد هذه المرحلة “حتى يكون لدينا الوقت الكافي للاستعداد للقتال من جديد، وتدريب الجنود الجدد والحصول على الذخيرة”. “وبهذه الطريقة سنعود إلى القتال بقوة”.
في الوقت نفسه، نقلت صحيفة اليوم الإسرائيلية عن مصادر مقربة من نتنياهو قولها إن رئيس الموساد لن يحضر المحادثات في الدوحة، حيث من المقرر أن تناقش تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق. وبالإضافة إلى ذلك، سيقتصر الوفد على مشاركة فرق عمل مهنية ليست على مستوى عال.
وبينما يبدو هدف إسرائيل واضحا ـ وهو إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من السجناء في المرحلة الأولى ـ نقل موقع “والا” العبري عن مسؤول إسرائيلي قوله: “ستكون هناك مرحلة ثانية من الاتفاق إذا وافقت حماس على التخلي عن السيطرة على قطاع غزة”.
ونقل الموقع عن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية استبعادهم إمكانية تخلي حماس عن جناحها العسكري وأسلحتها: “تشير تقديراتنا إلى أن احتمال موافقة حماس على إجلاء قادتها من قطاع غزة منخفض للغاية. “إذا لم توافق حماس، فقد يؤدي ذلك إلى فشل الاتفاق وتجدد القتال”.
وبالإضافة إلى التقارير التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية حول رغبة نتنياهو في إدخال تعديلات على الاتفاق، يظل نتنياهو يعارض بشدة انسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا، أي الحدود بين غزة ومصر، بحلول اليوم الخمسين بموجب شروط الاتفاق. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي وسياسيين آخرين أشاروا إلى أن الأمور قد تتغير إذا وافقت قيادة حماس على مغادرة قطاع غزة والذهاب إلى المنفى.
وفي ظل هذه التطورات المتلاحقة وحالة عدم اليقين التي تسيطر على المشهد، نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية تحذيره من أن الوضع الأمني السياسي سيصبح أكثر خطورة في الفترة المقبلة، عقب تصريحات ترامب بشأن خطته لطرد سكان قطاع غزة.
وسلطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء على الصدمة التي أصابت عائلات السجناء، الذين أصبح مصيرهم الآن على المحك. وقالت الصحيفة إن “إسرائيليين تجمعوا قبل نحو أسبوع في ساحة الأسرى في تل أبيب ولوحوا بلافتات تشكر الرئيس ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط على دورهما في تأمين وقف إطلاق النار المؤقت في غزة والإفراج عن بعض الأسرى”.
وأضافت الصحيفة أن “العديد منهم كانوا يأملون في أن يجبر السيد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الموافقة على المفاوضات لإنهاء الحرب مع حماس وإطلاق سراح السجناء المتبقين عندما التقى الزعيمان في واشنطن يوم الثلاثاء”. “وبدلاً من ذلك، استيقظوا على أخبار حول فكرة السيد ترامب الخيالية لإبعاد سكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة من المنطقة المدمرة لإفساح المجال أمام ريفييرا شرق أوسطية متلألئة مملوكة لأميركا”.
وأشارت الصحيفة إلى أن رؤية ترامب ربما تكون بعيدة المنال، وأن العالم العربي يرفضها رفضاً قاطعاً. وحذرت من أن أي إخلاء قسري للسكان يعد انتهاكا للقانون الدولي. علاوة على ذلك، فإن هذه الرؤية تحول الانتباه فجأة عن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار.
وبناء على هذه الحقائق، يتساءل كثيرون عن الدوافع التي تدفع حماس إلى دعم اتفاق يريد الطرف الآخر تغيير شروطه. وهذا صحيح بشكل خاص الآن بعد أن أصبح من الواضح أن هذا الاتفاق لن ينهي الحرب ولن يترك للفلسطينيين وطناً يعيشون فيه. كما أن هناك مجالاً واسعاً للتوقعات بشأن الأيام المقبلة والسيناريوهات المرتبطة بها.