خطة ترامب لـ غزة.. هل تدفع العالم نحو الفوضى؟

منذ 2 ساعات
خطة ترامب لـ غزة.. هل تدفع العالم نحو الفوضى؟

في مساء الرابع من فبراير/شباط، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم ــ بما في ذلك العديد من المشرعين الجمهوريين ــ بإعلانه أن الولايات المتحدة سوف “تسيطر” على قطاع غزة.

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده البيت الأبيض، ظهر ترامب إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووعد بأن تصبح غزة “ريفييرا الشرق الأوسط”. وزعم أن الدول العربية ستوافق على قبول النازحين الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية تقريراً ناقشت فيه آراء المحللين حول تأثير خطط ترامب بشأن غزة.

التطهير العرقي لن يجعل الشرق الأوسط أكثر أمنا

وقال يوسف منير، مدير برنامج فلسطين وإسرائيل في المركز العربي في واشنطن، إن ترامب أضاف الآن غزة – إلى جانب جرينلاند وبنما وكندا – إلى قائمة الأراضي التي يريد السيطرة عليها.

ووصف منير مشهد دخول “مجرم مدان” و”متهم بارتكاب جرائم حرب” – يقصد بهما ترامب ونتنياهو – إلى قاعة المؤتمر الصحفي بأنه “مزحة”. وأشار إلى أن هذا هو ما حدث بالضبط عندما أعلن الرئيس الأميركي عن خطته لما وصفه بـ”التطهير العرقي” في قطاع غزة وسعي الولايات المتحدة إلى السيطرة على ما يعتبره “عقارات رئيسية”.

وبعد 15 شهراً من الدمار الشامل في قطاع غزة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي، أوضح منير أن آخر ما تريده دول المنطقة هو المزيد من التهجير والتشريد للفلسطينيين.

وأضاف أن الحكومة السعودية رأت ضرورة إصدار بيان رسمي في الرابعة فجرا يعبر عن رفضها القاطع لهذه الفكرة. لقد عانت منطقة الشرق الأوسط من الصراع وعدم الاستقرار لعقود من الزمن نتيجة التطهير العرقي للفلسطينيين في عام 1948 وتأسيس دولة إسرائيل. وسيكون من غير المنطقي أن نستمر على هذا النهج لمجرد إرضاء رئيس أميركي لن يبقى في منصبه سوى لبضع سنوات.

وحذر منير من أن سياسات ترامب لن تقوض فرص تمديد اتفاقيات إبراهيم إلى دول أخرى مثل السعودية فحسب، بل قد تؤدي أيضا إلى إنهاء اتفاقيات السلام الأساسية بين إسرائيل والدول العربية التي سبقت تلك الاتفاقيات.

وأشار إلى أن تأثير هذه الخطوة المخطط لها لن يقتصر على منطقة الشرق الأوسط، متسائلا: “ما هي الرسالة التي ستفهمها قوى مثل الصين وروسيا عندما ترى واشنطن تحاول السيطرة على كل ما في وسعها دون مراعاة للسيادة أو القانون الدولي أو حق الشعوب في تقرير المصير؟”.

ويعتقد منير أن ترامب قد يصبح في أفضل الأحوال عنصرا من عناصر الفوضى، وفي أسوأ الأحوال قد يغرق العالم في حروب الدمار الشامل مثل تلك التي شهدناها في القرن الماضي.

ماذا يريد ترامب حقًا في غزة؟

وكتب محلل غزة والباحث البارز في المجلس الأطلسي أحمد فؤاد الخطيب أن رؤية ترامب لغزة، كما حددها في مؤتمره الصحفي، كانت بمثابة “قنبلة يدوية” ألقيت في المشهد السياسي الخارجي غير المستقر بالفعل في الشرق الأوسط.

وأشار الخطيب إلى أن فكرة السيطرة الأميركية على قطاع غزة غير عملية إلى درجة أنه لا ينبغي اعتبارها خياراً موثوقاً في المستقبل القريب.

وأضاف أن المحللين وخبراء السياسة الخارجية سيركزون الآن على فهم من يحاول ترامب الضغط عليه بموقفه الصارم. وقد يؤدي هذا إلى تغيير قواعد اللعبة وإحباط الخطط التي وضعت بعد الحرب في غزة.

وأوضح الخطيب أن هذه التصريحات تأتي في الوقت الذي تبدأ فيه المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، وهي المرحلة التي ستتناول قضايا استراتيجية أكثر ارتباطاً بمستقبل غزة وتعافيها.

ورأى أن ترامب ربما يحاول من خلال هذه التهديدات الضغط على الدول العربية لتحمل مسؤولية أكبر تجاه غزة، وألمح إلى أن الولايات المتحدة قد تتدخل إذا لم تتخذ تلك الدول خطوات جدية.

ولكن بغض النظر عن النوايا الحقيقية لترامب، يعتقد الخطيب أن تصريحاته سيكون لها تأثير مدمر على سمعة الولايات المتحدة الدولية والإقليمية، وتعزز الانطباع بأن واشنطن لم تقدم أي مساعدة خلال حرب غزة.

ترامب يشجع المتطرفين على استهداف الأميركيين

قد لا تتحول دعوة ترامب لاحتلال غزة وطرد مليوني فلسطيني إلى دول أخرى وبناء “ريفييرا شرق أوسطية” إلى حقيقة أبدًا، لكنها تشكل خطرًا كبيرًا في حد ذاتها، كما يقول روبرت بايب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو.

وأوضح أن مجرد إثارة مثل هذه الفكرة من شأنه أن يضع الأميركيين في مرمى نيران المتطرفين ــ ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في مختلف أنحاء العالم.

وأشار بابي إلى أن الأبحاث تؤكد أن الاحتلال العسكري من قبل القوات الأجنبية هو السبب الرئيسي في أسوأ أشكال الإرهاب، بما في ذلك الهجمات الانتحارية، ويساهم بشكل كبير في صعود الجماعات الإرهابية التي تستخدم هذه التكتيكات.

وأشار إلى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في التاريخ، عندما نفذ 19 متطرفا جندهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن تفجيرا انتحاريا أسفر عن مقتل نحو 3 آلاف أمريكي.


شارك