ماذا نعرف عن الاشتباكات في قرية قرب الحدود السورية اللبنانية؟

منذ 3 ساعات
ماذا نعرف عن الاشتباكات في قرية قرب الحدود السورية اللبنانية؟

وشهد الوضع الأمني في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا تصعيداً خطيراً في الأيام الأخيرة، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السورية ومسلحين من عشائر لبنانية في بلدة حويك السورية على الحدود اللبنانية، ما أدى إلى مقتل لبنانيين اثنين على الأقل، ووقوع عمليات خطف متبادلة بين الطرفين.

وجاءت هذه المواجهات بعد فشل مبادرة قبلية مخططة لتنظيم الحدود بين البلدين والسيطرة عليها. وفي وقت سابق، دعت عشائر سورية علوية ممثلي عشائر لبنانية إلى اجتماع في مدينة السماقيات لبحث سبل الحد من التهريب عبر المعابر الحدودية غير الشرعية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام سورية ولبنانية محلية.

لكن الاجتماع لم يعقد، ووقع تصعيد أدى إلى اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بما في ذلك قذائف المدفعية والطائرات المسيرة. وأدى ذلك إلى أضرار في الممتلكات وسقوط قنابل يدوية على الأراضي اللبنانية.

وأفادت مصادر ميدانية أن القرى السورية القريبة من الحدود والتي يقطنها لبنانيون من عشائر آل جعفر وزعيتر ومدلج شهدت عمليات عسكرية مكثفة من قبل قوات الأمن السورية، أدت إلى السيطرة على 17 قرية ومزرعة، بينها حويك والسماقيات وزيتا وبالوزة وسقرجة، حيث دارت معارك عنيفة في الفترة الماضية.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن قوات حرس الحدود السورية نفذت عملية عسكرية ضد “مطلوبين متورطين بتجارة الأسلحة والتهريب”. وتمكنت الوكالة خلال العملية من تحرير عنصرين من قوات الأمن السورية كانا قد اختطفا خلال الاشتباكات.

وأكدت الوكالة أيضاً إلقاء القبض على عدد من المطلوبين وضبط أسلحة وكميات كبيرة من المواد المهربة.

وفي رد فعل، أعلنت العشائر اللبنانية اعتقال عدد من عناصر القوات المسلحة السورية ونشرت صوراً لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مدعية أنهم من عناصر قوى الأمن السورية. كما تمكنوا خلال الاشتباكات من السيطرة على سيارة عسكرية تابعة للقوات المسلحة السورية.

وبعد تصاعد المعارك، سقطت قذائف على بلدة القصر اللبنانية الواقعة على الحدود مع سوريا. قُتل شخصان وأصيب آخرون. وعزز الجيش اللبناني بعد ذلك تواجده في المنطقة لمنع محاولات التسلل من الجانب السوري.

2

وفي هذا السياق أصدرت عشائر الهرمل بياناً دعت فيه الدولة اللبنانية والجيش إلى التدخل لحماية البلدات الحدودية في ظل التصعيد العسكري المستمر على الأراضي السورية وانعكاساته على المناطق اللبنانية المجاورة.

وظلت الحدود اللبنانية السورية التي يبلغ طولها 330 كيلومترا بمثابة نقطة اشتعال بين الجانبين منذ فترة طويلة، وخاصة في المناطق الشمالية الشرقية، حيث تظل أجزاء كبيرة منها غير محددة وبالتالي تكون عرضة لعمليات تهريب واسعة النطاق، سواء كانت أسلحة أو وقود أو مخدرات.

تعد المنطقة الواقعة بين الهرمل في لبنان والقصير في سوريا من المناطق الأكثر حساسية بسبب التداخل السكاني والعلاقات القبلية الوثيقة بين جانبي الحدود.

وفي الأشهر الأخيرة، شددت السلطات السورية الإجراءات الأمنية في المناطق الحدودية للحد من التهريب واستعادة السيطرة على القرى التي يسكنها اللبنانيون. وأدى ذلك إلى سلسلة من الاشتباكات مع مسلحين محليين، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بشأن التصعيد.

في ظل تصاعد التوترات، يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان من الممكن احتواء الأزمة. ويصدق هذا بشكل خاص لأن العلاقات اللبنانية السورية لا تزال في مرحلة دقيقة، على الرغم من اللقاءات الرسمية التي جمعت الجانبين في الأشهر الأخيرة.

وفي كانون الثاني/يناير الماضي، التقى رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع مع رئيس الحكومة الانتقالية اللبنانية نجيب ميقاتي في دمشق. وبحث الجانبان القضايا الإشكالية بين البلدين، ومنها ترسيم الحدود، وأوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، وقضية المفقودين اللبنانيين في السجون السورية.

وألقت الاشتباكات الأخيرة بظلالها على العلاقات الثنائية. وأكدوا على الحاجة إلى تفاهم مشترك بشأن الأمن لتجنب المزيد من التصعيد، خاصة في ظل الوضع المضطرب في المنطقة والضغوط الدولية المتزايدة على لبنان وسوريا للسيطرة على حدودهما ومنع استخدام المناطق الحدودية كممرات للتهريب والتسلل.

ومع استمرار التوترات على الأرض، ينتظر المراقبون بقلق عواقب التصعيد على الأرض وإمكانية حدوث وساطة قبلية أو حكومية لاحتواء تأثير الأزمة. في الوقت نفسه، يخشى سكان المناطق الحدودية من اندلاع المزيد من أعمال العنف، مما قد يحول المنطقة مرة أخرى إلى مسرح للصراع الدموي.


شارك