بعد عام ونصف تقريبا.. هل فشلت الشركات المحلية في استغلال حملات المقاطعة لصالحها؟

منذ 4 ساعات
بعد عام ونصف تقريبا.. هل فشلت الشركات المحلية في استغلال حملات المقاطعة لصالحها؟

– خبراء: الشركات المحلية فشلت في استغلال فرصة مقاطعة الشركات الأجنبية

– الشركات ترفض تطوير منتجاتها أكثر وتعتمد على حملات المقاطعة للحفاظ على الأسواق.

المنوفية: الشركات المحلية استغلت الفرصة.. والطلب عليها اختفى تماما

منذ نحو عشرين شهراً، بدأت حملات مقاطعة عدد من المنتجات الأجنبية بدعوى أنها تدعم قوات الاحتلال الصهيوني أثناء شنها حرب إبادة ضد قطاع غزة. وحاول البعض الاستعانة بشركات محلية في هذه الحملات كبديل للمنتجات غير المرغوبة، لكن هذا لم يحدث وبدأت الحملات تخفت لأن المنتجات المصرية المعروضة كانت ضعيفة والشركات لم تستغلها بالشكل الأمثل، حسب رأي عدد من الخبراء.

منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعالت دعوات واسعة النطاق للامتناع عن شراء المنتجات من الشركات الأجنبية والدولية المتهمة بدعم إسرائيل.

وأصر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ممن تبنوا حملات المقاطعة، على تداول قوائم تحتوي على أسماء منتجات شركات أجنبية متهمة بدعم إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، ذكروا أيضًا أسماء المنتجات المحلية البديلة.

وشملت قوائم المقاطعة المشروبات الغازية ومنتجات الشاي والقهوة ومطاعم الوجبات السريعة ذات العلامات التجارية الأميركية والأوروبية.

ومع انتشار حملات المقاطعة، بدأت العديد من الشركات المحلية باستغلال الوضع لصالحها والحصول على حصص كبيرة في السوق. قاموا بتوسيع حملاتهم الإعلانية لإعلام المستهلكين بمنتجاتهم. ومع ذلك، فقد انخفض الطلب على هذه المنتجات في الآونة الأخيرة بسبب جودتها الرديئة مقارنة بالمنتجات الأجنبية.

ويقول حازم المنوفي، عضو مجلس إدارة شعبة الأغذية باتحاد الغرف التجارية، إن الأطفال كانوا يدخلون السوبر ماركت بتطبيق على هواتفهم المحمولة يساعدهم في التعرف على المنتجات المدرجة على قائمة المقاطعة والبدائل المحلية لها. لكن اليوم لم يعد أحد يهتم بهذا الأمر، على حد قوله.

وأضاف المنوفي في تصريحاته لـ«الشروق» أن الطلب على المنتجات المحلية كبديل لمنتجات الشركات الأجنبية والمتعددة الجنسيات اختفى تماما، وتابع: «الوضع عاد إلى ما كان عليه قبل حملات المقاطعة».

ويرى أن الشركات المصرية فشلت في استغلال فرصة مقاطعة الشركات المنافسة. ويضيف: «الشركات المصرية تعاملت بشكل خاطئ مع الوضع، واعتمدت على مقاطعة الشركات الأجنبية، بغض النظر عن المنتج البديل».

وعزا المنوفي تراجع الطلب على المنتجات المحلية وتراجع تأثير حملات المقاطعة إلى عدة أسباب: السبب الأول هو عدم قدرة الشركات المصرية على زيادة حجم إنتاجها وفتح مصانع جديدة لتلبية احتياجات السوق. وأظهرت الشركات المصرية أيضًا عدم قدرتها على تغطية السوق المحلية. وذكر على سبيل المثال المشروبات الغازية لإحدى الشركات التي كانت تباع في السوق السوداء بأسعار أعلى من سعرها الحقيقي بأكثر من 12% بسبب عدم توفرها في السوق رغم الطلب الكبير عليها.

وأشار إلى أن رد فعل الشركات الأجنبية كان أقوى من المتوقع. لقد خفضوا أسعارهم إلى مستوى أصبح من الصعب عليهم المنافسة. على سبيل المثال، عرض أحد مصنعي المشروبات الغازية بيع زجاجة سعة 1.5 لتر بسعر 15 جنية مصري بدلاً من 30 جنية مصري.

وتساءل المنوفي: “كيف يمكن أن يكون سعر زجاجة سعة 1.5 لتر 15 جنية مصري فقط بينما يبلغ سعر زجاجة سعة 250 مل من البديل المحلي نفس السعر؟”، موضحًا أنه بعد فترة من المقاطعة، لجأ المستهلكون إلى المنتج الذي يمكنهم من خلاله توفير المال.

وقال إن الشركات المحلية ارتكبت خطأ كبيرا آخر، وهو عدم تحسين جودة منتجاتها. وأضاف أنه يتعين على الشركات مراعاة أذواق المستهلك المصري وتحسين جودة منتجاتها بعد أن رصدت شكاوى العملاء من رداءة الجودة، لكن هذا لم يحدث على الإطلاق.

وأوضح المنوفي أن المعروض الحالي من المنتجات المحلية لا يتجاوز 1% من إجمالي السلع المتوفرة في المحلات التجارية والهايبر ماركت. ويشير إلى أنه في حال استمرار المستهلكين في مقاطعة المنتجات الأجنبية، فلن يجدوا أي بديل.

وكشفت جولة ميدانية أجرتها الشروق على محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، أن المنتجات المحلية البديلة، سواء المشروبات الغازية أو القهوة وغيرها، اختفت من الأسواق، باستثناء عدد قليل للغاية من منتجات البطاطس المصنعة والبسكويت.

وقال محمد أحمد، صاحب أحد الأكشاك بمحافظة القاهرة، إن العديد من الشركات المحلية التي تقدم منتجات بديلة للشركات الأجنبية لم ترسل مندوبين إلى الأكشاك على الإطلاق، وبالتالي فإن هذه المنتجات غير متوفرة حتى لو كان هناك طلب عليها.

وأضاف: «بسبب قلة المعروض من هذه المنتجات المحلية، أصبحت هناك سوق سوداء لها وكأنها «عملة صعبة». ولكن مع مرور الوقت اختفى الطلب على هذه المنتجات». وأشار إلى أن المستهلكين أصبحوا يتجهون إلى شراء السلع المتوفرة حتى لو كانت على «قائمة المقاطعة».

من ناحية أخرى، قال منير مسعود، عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية ورئيس مجلس إدارة شركة مصر كافيه، لـ«الشروق»، إن حملات المقاطعة الشعبية لبعض العلامات التجارية العالمية الشهيرة لا تزال مستمرة، وأن الشركات المحلية تعول على ذلك في العام الجاري.

ولا يرى مسعود وجود مشاكل كبيرة في جودة المنتجات المحلية، وهو ما يدفعه إلى زيادة حجم الإنتاج بدلاً من تحسين الجودة. ويقول: «منذ البداية كان المستهلكون يعتقدون أن المنتجات المحلية أقل جودة، والتجربة أثبتت ذلك».

وعن رد فعل الشركات المحلية في مواجهة تخفيضات الأسعار والخصومات التي تقدمها الشركات المنافسة، أجاب: «في الوقت الحالي يميل المستهلكون إلى مقاطعة منتجات الشركات الأجنبية، حتى لو كانت مجانية». وأوضح أن الشركات المصرية لن تغير كثيرا في آلية التسعير لديها، مشيرا إلى أن أسعار أغلب المنتجات المحلية حاليا تنافسية للغاية محليا وعالميا.

وأكد مسعود أن حملات المقاطعة ستستمر في تحقيق تأثير إيجابي على الشركات المحلية. ويشير إلى أن حصة شركته من المبيعات ارتفعت بنحو 15% في عام 2024 بفضل المقاطعة، ويتوقع أن يستمر التطور الإيجابي في عام 2025.

وأشار إلى أن الشركات المصرية في مختلف القطاعات قادرة على تلبية الاستهلاك المحلي دون الحاجة إلى فتح خطوط إنتاج جديدة في الوقت الحالي. وأشار إلى أن معظم المصانع تعمل حالياً بنحو 50% فقط من طاقتها الإنتاجية، لكن معظم الشركات تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية بنحو 25% خلال العام الجاري.


شارك