كيف سيؤثر قرار ترامب ضد الجنائية الدولية على عمل المحكمة؟
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بيان، مبررا قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية التي لا تنضم بلاده إلى عضويتها: “لقد انخرطوا في أعمال غير قانونية ولا أساس لها ضد أميركا وحليفتنا الوثيقة إسرائيل”. وبذلك، يكون قد أوفى بوعد قطعه لتل أبيب قبل انتخابه، وهو الانتقام من المحكمة بمجرد توليه منصب رئيس البيت الأبيض.
وجاء توقيع الرئيس الجمهوري على قراره ردا على إصدار المحكمة العليا مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت. ويتهمون بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وعلق ترامب فور صدور مذكرة الاعتقال قائلا: “الجواب سيأتي في يناير”، الشهر الذي تولى فيه منصبه.
ما هي العقوبات المهددة؟
وفي بيان صادر عن البيت الأبيض، قال ترامب: “اتخذت المحكمة الجنائية الدولية إجراءات لا أساس لها وغير قانونية ضد الولايات المتحدة وحليفتها الوثيقة إسرائيل”، وأضاف أن المحكمة “مارست ولايتها القضائية بشكل غير قانوني وبدأت تحقيقات أولية ضد أفراد من الولايات المتحدة وبعض حلفائها، بما في ذلك إسرائيل”.
وأضاف البيان أن المحكمة ليس لها ولاية قضائية على الولايات المتحدة أو إسرائيل لأن أي من البلدين ليس طرفا في نظام روما أو عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. ولذلك، لم تعترف الولايات المتحدة ولا إسرائيل بشرعية المحكمة.
وتشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر رداً على التحقيقات القضائية في تصرفات السلطات الأميركية أو حلفائها دون موافقة حكوماتهم.
وبموجب الأمر، سيتم تجميد جميع الأصول والمصالح المالية في أصول الأهداف الموجودة في الولايات المتحدة أو تحت سيطرة أشخاص أمريكيين، ولا يمكن نقلها أو تصفيتها. وتمتد العقوبات أيضًا إلى جميع الأشخاص الأجانب الذين يثبت أنهم قدموا الدعم المالي أو التكنولوجي أو اللوجستي للمحكمة في عملها لمقاضاة الأشخاص المحميين بموجب ولاية حكومة الولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، يُحظر على الأفراد المدرجة أسماؤهم في قائمة العقوبات، بما في ذلك موظفو المحكمة أو ممثلوها، دخول الولايات المتحدة ما لم يمنحهم وزير الخارجية استثناءً خاصًا.
وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية أيضًا إرشادات تحظر أي معاملات مالية تهدف إلى التحايل على العقوبات. وسيتم فرض إجراءات صارمة على الأطراف التي تحاول انتهاك القرار.
وأكدت الحكومة الأميركية أن هذه الخطوات تأتي في إطار حماية أمنها القومي ومصالحها الخارجية، وأكدت أنها لن تتسامح مع محاولات استهداف مواطنيها أو مسؤوليها من خلال المحكمة الجنائية الدولية.
ما هو تأثير العقوبات؟
ومن المتوقع أن يتم فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة كريم خان، وكذلك على القضاة الذين أصدروا أوامر الاعتقال، وجميع الأشخاص المتورطين في التحقيق الجاري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويمكن أن تؤثر العقوبات أيضا على المحكمة نفسها، مما يؤدي إلى تعطيل عملها بشكل شبه كامل، وفق ما ذكرت صحيفة تايم البريطانية.
ولم يكن هذا التهديد جديدا: إذ فرضت إدارة ترامب بالفعل عقوبات على المدعية العامة السابقة للمحكمة، فاتو بنسودا، ونائبها خلال فترة ولايتها الأولى لإجراء تحقيقات في جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها حركة طالبان والقوات الأمريكية وعملاء الاستخبارات الأجنبية في أفغانستان منذ عام 2002.
ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مصادر في المحكمة الجنائية قولها إن فرض عقوبات على شخصيات بارزة داخل المؤسسة أمر صعب ولكن يمكن إدارته. ولكن الهجوم على المحكمة نفسها قد يهدد وجودها بأكمله.
وأضاف المصدر الذي لم تكشف الغارديان عن هويته، أن العقوبات الأميركية قد تعيق وصول المحكمة إلى الأنظمة المصرفية وأنظمة الدفع والبنية التحتية التكنولوجية، مما يمنع الشركات الأميركية من التعامل معها.
ومن بين أكبر المخاوف، حسب الصحيفة، اعتماد المحكمة بشكل متزايد على خدمات مايكروسوفت، خاصة بعد أن دخل المدعي العام كريم خان في شراكة مع الشركة لتطوير أنظمة المحكمة، مما قد يجعل المحكمة أكثر عرضة لتأثير العقوبات المحتملة.
وبعد انتهاء ولاية ترامب الأولى وتولي الديمقراطيين السلطة، سارع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن إلى رفع العقوبات التي فرضت على المحكمة عندما تولى منصبه في عام 2021. لكن التهديد بإعادة فرض هذه العقوبات قد يؤدي إلى مواجهة دبلوماسية وقانونية جديدة بين الولايات المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.