فقد كفه ولم يفقد شغفه.. العم يحيى عبدالمؤمن أكثر من 50 سنة شقى وغربة

منذ 2 ساعات
فقد كفه ولم يفقد شغفه.. العم يحيى عبدالمؤمن أكثر من 50 سنة شقى وغربة

في وسط ميدان أصلان بمنطقة الدرب الأحمر بمحافظة القاهرة، يقف العم يحيى عبد المؤمن (87 عاماً) منحنياً فوق ماكينة سن المنشار، يصنع زخارف خشبية للأبواب بأيدٍ مرتجفة تحمل آثار ويلات الزمن. إنه صانع زخارف من الطراز الأول، يحب مهنته وأعطى لها روحه، لكن هذه المهنة لم تخذلني وتركت علامات وندوبًا على جسده.

30 سنة في الخارج

وفي ثمانينيات القرن العشرين، سافر العم يحيى إلى بلاد الحرمين الشريفين، واستقر فيها وعمل فيها لمدة ثلاثين عاماً. وشهد خلال هذه الفترة حكم الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله بن عبدالعزيز. ولا يزال يحتفظ بصوره وجواز سفره في المملكة العربية السعودية. لتزيين جدران متجره.

وقال “عبدالمؤمن” في حوار مع “الشروق”: “عملت في السعودية 30 عاماً، وذقت طعم النجاح هناك، وحققت كل أحلامي، وأتقنت حرفتي، وشعرت بالحنين للعودة إلى وطني”. ولهذا قررت العودة إلى مصر في التسعينيات والاستقرار هناك؛ “لبدء رحلة جديدة مليئة بالتحديات مع عائلتي وأحبائي.”

كيف بدأت مسيرتك المهنية؟

وعلى صوت الآلة يتذكر العم يحيى ذكرياته ويفتح قلبه لنا. ويقول: “لقد تعلمت هذه المهنة عندما كنت طفلاً. عندما كنت في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية هربت من المدرسة وعملت في الورشة مقابل أجر يعادل خمسة مليمات أو نصف قرش، وعندما وفرت أربعة جنيهات كدت أطير من الفرح. كان هذا مبلغًا ضخمًا من المال في ذلك الوقت، وتمكنت من شراء كل ما أحتاجه به، من البيجامات إلى الطعام وأشياء أخرى”.

وتابع: “لكن عندما قررت العودة بعد سنوات من العناء والغربة في السعودية، بدأت من جديد البحث عن لقمة العيش، بل وأكملت رحلة المشقة، ولكن هذه المرة محاطاً بأهلي وأصدقائي”. لقد وجدت متجر صناعة الأحذية الخاص بوالدي مغلقًا بعد وفاته. وبعد مناقشات ومفاوضات مع إخوتي الخمسة، قمت فعلياً بتولي المحل.. وبدأت الرحلة بصوت البلبل عبد الحليم حافظ.

إصابة خطيرة

كان العم يحيى يعاني من مرض باركنسون، لكن كانت هناك ندبة عميقة في يده اليمنى جعلته يبدو وكأنه فقد كلتا يديه تقريبًا: “لقد تعرضت لحادث أثناء عملي كميكانيكي وسقطت يدي بالكامل فجأة في الماكينة أمام عيني”.

رفع إبهامه وأضاف: “هذا الإصبع ليس إصبعي، إنه إصبع قدمي الصغير. لقد قضيت 13 ساعة في غرفة العمليات وانتظرت 20 عامًا حتى أجرى أحد الأطباء ذوي الخبرة العملية.

وأوضح العم يحيى أنه لم يعد يستطيع حمل أي شيء بيده اليمنى، ولم يعد يستطيع تناول أي شيء، وكاد يفقد وظيفته ومصدر دخله إلى الأبد. ولكن رحمة الله كانت أعظم من حاجته فأجرى العملية. وتمكن الأطباء من علاجه وزرع أصبع القدم الكبير في قدمه اليسرى، وتم زرعه في يده اليمنى. وبعد ذلك عاد الأمل.

الاحلام والطموحات

وعن أحلامه أكد عبد المؤمن أنه بفضل الله تعالى حقق كل أحلامه وعاش النجاح والعمل والمشقة والشقاء والسفر والغربة وزوج بناته الثلاث. لم يعد لديه ما يحلم به لأنه يدعو الله دائمًا أن يحفظ عائلته ويعطيه الصحة والعافية. ويرد قائلاً: الحمد لله أننا نعيش بنعمته فقط وقد حققت كل ما حلمت به. الحمد لله.”


شارك