رسوم ترامب الجمركية.. لماذا يفرضها ومن الأكثر تضررًا؟ تحليل بالأرقام
![رسوم ترامب الجمركية.. لماذا يفرضها ومن الأكثر تضررًا؟ تحليل بالأرقام](https://www.egy-press.com/uploads/images/202502/image_870x_67acc200ac7b9.webp)
– جيران الولايات المتحدة الأقرب هم الأكثر عرضة للخطر.
مرة أخرى، يثير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القلق بين رؤساء الدول والحكومات في جميع أنحاء العالم بسياساته التجارية المتصاعدة. بعد فرض وتأجيل الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، وزيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية بنسبة 10% وتهديد الاتحاد الأوروبي، تتزايد المخاوف بشأن خطواته التالية.
وبحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن سياسة ترامب تأتي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة عجزاً كبيراً في ميزانها التجاري مع الدول الأخرى. يحدث هذا العجز عندما تشتري دولة ما أو تستورد من دول أخرى أكثر مما تبيع أو تصدر لها.
في عام 2024، من المتوقع أن تسجل الولايات المتحدة عجزا تجاريا في السلع يتجاوز 1.2 تريليون دولار (970 مليار جنيه مصري) مع بقية العالم، ولكنها ستحقق فائضا في الخدمات يقارب 300 مليار دولار.
ما هي الدول التي تستورد منها الولايات المتحدة؟
في عام 2024، أصبحت المكسيك والصين وكندا أكبر المصدرين إلى الولايات المتحدة؛ وبلغت واردات كل من هذه الدول أكثر من 400 مليار دولار أميركي.
بالإضافة إلى مصدري الطاقة والنفط، تعد المكسيك وكندا أيضًا من المصدرين المهمين للسيارات إلى الولايات المتحدة. وتشكل الآلات والمعدات الكهربائية أيضًا جزءًا كبيرًا من الصادرات المكسيكية، في حين تستورد الولايات المتحدة الإلكترونيات والآلات والسلع الزراعية، من بين أشياء أخرى، من الصين.
ومن بين الحلفاء الأوروبيين والآسيويين، تعد ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام من بين أكبر المصدرين للولايات المتحدة. بلغت قيمة واردات الولايات المتحدة من هذه الدول أكثر من 100 مليار دولار في العام الماضي. وبلغت قيمة الواردات من بريطانيا العظمى نحو 68 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
وعلى الرغم من معاملة الاتحاد الأوروبي ككيان واحد في السياسة التجارية والتعريفات الجمركية، فإن البيانات تقدم أرقاماً منفصلة لكل دولة عضو.
منذ عام 2009، بلغت القيمة الإجمالية للواردات الأميركية 5.2 تريليون دولار من كندا، و5.3 تريليون دولار من المكسيك، و7.2 تريليون دولار من الصين.
في حين أن الولايات المتحدة هي أكبر مستورد للسلع في العالم، فإن الصين هي أكبر مصدر لها. لكن بشكل عام، تعاني الولايات المتحدة أيضاً من أكبر عجز تجاري في العالم، إذ يتجاوز تريليون دولار، عندما نحسب القيمة الإجمالية للواردات مقارنة بالصادرات.
تصدر بعض البلدان إلى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد منها، مما يجعلها هدفًا رئيسيًا لسياسة ترامب التجارية. وتظهر بيانات إدارة التجارة الدولية الأميركية أن الصين والمكسيك تتصدران قائمة الدول التي تعاني الولايات المتحدة من أكبر عجز تجاري معها.
في عام 2024، سيصل العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين إلى 296 مليار دولار ومع المكسيك 172 مليار دولار، مما يجعل هاتين الدولتين من بين أوائل الدول التي تواجه تعريفات جمركية جديدة.
وتأتي بعد ذلك فيتنام، التي أصبحت بشكل متزايد بمثابة بوابة للشركات الصينية للالتفاف على الرسوم الجمركية الأميركية، تليها أيرلندا وألمانيا وتايوان.
ما هي الدول الأكثر تأثرا برسوم ترامب الجمركية؟
* كندا والمكسيك
كندا هي واحدة من أوائل الدول التي تتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب خلال ولايته الثانية. الصادرات الرئيسية إلى الولايات المتحدة هي الوقود الأحفوري والسيارات والآلات، بما في ذلك التوربينات النفاثة ومحركات المكبس. وتقوم الولايات المتحدة أيضًا بتصدير السيارات والمعدات الصناعية.
على الرغم من أن المكسيك تتمتع بفائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، فإن الولايات المتحدة لا تزال تشحن سيارات وآلات ومعدات إلكترونية بقيمة عشرات المليارات من الدولارات إلى الجنوب من الحدود، بما في ذلك الرقائق الدقيقة وكابلات الألياف الضوئية ومعدات الكمبيوتر.
وبشكل عام، تصدر المكسيك نفس المنتجات إلى جارتها الشمالية، على الرغم من أن صادراتها الرئيسية هي السيارات والشاحنات.
تتمتع المكسيك وكندا بعلاقات تجارية حرة مع الولايات المتحدة منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) في عام 1994، والتي تم استبدالها باتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) في عام 2020.
على أية حال، تصدر الولايات المتحدة كميات كبيرة من النفط إلى الدول المجاورة لها، ويبدو أن ترامب أخذ هذا في الاعتبار في إعلانه الأصلي عندما حدد معدل تعريفة أقل بنسبة 10٪ على موارد الطاقة.
* الاتحاد الأوروبي
هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي، لكنه لم يفعل ذلك بعد. وتظهر البيانات أن المنتجات الصيدلانية مثل اللقاحات، إلى جانب الآلات والسيارات، تمثل حوالي نصف صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.
ومن ناحية أخرى، تشمل الصادرات الأميركية إلى الاتحاد الأوروبي النفط والأدوية والمعدات الصناعية.
* الصين
وأخيرا، هناك الصين، التي ردت بفرض رسوم جمركية انتقامية على الولايات المتحدة. وتشكل الأجهزة الكهربائية مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف والبطاريات، وكذلك الألعاب، نصف الصادرات إلى السوق الأمريكية.
في المقابل، تشمل الصادرات الأميركية إلى الصين الأجهزة الإلكترونية مثل الرقائق الدقيقة، فضلاً عن النفط وفول الصويا. ورغم العلاقات التجارية الواسعة بين البلدين، فقد تراجعت التجارة بينهما بشكل كبير، حيث انخفضت حصة الصين من إجمالي الواردات الأمريكية من 21% في عام 2018 إلى 14% في عام 2023.
ما هي البلدان الأكثر عرضة للخطر؟
إن تحليل نسبة تجارة كل دولة التي تعتمد على السوق الأمريكية يكشف مدى تأثر اقتصاداتها بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة هي الوجهة الرئيسية للسلع المصدرة من كندا والمكسيك. وبحسب إحصائيات من كلا البلدين، فإن 80% من الصادرات المكسيكية و78% من الصادرات الكندية تذهب إلى الولايات المتحدة.
وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن الاتحاد الأوروبي والصين والمملكة المتحدة أقل تأثراً بشكل مباشر: إذ تمثل السوق الأميركية 19% من صادرات الاتحاد الأوروبي، و15% من الصادرات الصينية، و14% من الصادرات البريطانية.
وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، تتصدر ألمانيا قائمة المصدرين إلى الولايات المتحدة بما يزيد عن 160 مليار دولار أميركي في عام 2024. ومع ذلك، فإن هذا يمثل 10% فقط من إجمالي الصادرات الألمانية العالمية. ومن ناحية أخرى، تصدر أيرلندا ما يقرب من 100 مليار دولار إلى الولايات المتحدة، وهي تعتمد بشكل أكبر على السوق الأميركية: إذ يذهب أكثر من ربع صادراتها إلى هناك.
*الجميع يتأثرون
ولكن حتى لو انخفضت تجارتها المباشرة مع الولايات المتحدة، يحذر الخبراء من أن هذه الدول ستظل في مرمى النيران بسبب الطبيعة المترابطة للتجارة العالمية. تمتد سلاسل التوريد الحديثة عبر بلدان متعددة، ويجب على المكونات عبور الحدود عدة مرات لإنتاج المنتج النهائي.
على سبيل المثال، إذا فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على المنتجات الألمانية ولكن ليس على المنتجات البريطانية، فإن الشركات البريطانية قد تتأثر بشكل غير مباشر، وخاصة إذا كانت هذه الشركات تزود ألمانيا بمكونات تستخدم في تصنيع منتج مخصص للسوق الأمريكية.