آكلات لحوم شرسة في غابات مصر.. ما تفاصيل اكتشاف جامعة المنصورة الجديد؟

تمكن فريق من مركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة بقيادة د. تمكن الدكتور هشام سلام من اكتشاف وتسمية جنس جديد من الثدييات المفترسة التي عاشت في مصر منذ 30 مليون سنة، وإعادة تسمية جنس آخر اكتشف منذ 120 عاما، وذلك بعد نشر نتائج البحث في المجلة الدولية لعلم الحفريات الفقارية للباحثة شروق الأشقر، المؤلف الرئيسي للبحث المنشور.
دكتور. وقال الدكتور شريف يوسف خاطر رئيس جامعة المنصورة، اليوم الاثنين، إن العمل على هذا الاكتشاف الجديد تم بدعم واسع من إدارة الجامعة بالتعاون مع هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والجامعة الأمريكية بالقاهرة.
دكتور. وأوضح هشام سلام أن الاكتشافات بدأت في ربيع 2020، خلال رحلة استكشافية قام بها فريق معمل سلام إلى منخفض الفيوم. وقد أمضت البعثة عدة أيام في استكشاف طبقات الصخور التي يبلغ عمرها حوالي 30 مليون سنة. خلال الرحلة البحثية، لاحظ بلال سالم، أحد أعضاء الفريق، بعض الأسنان البارزة وبدأ في استعادة الأحفورة. وكشفت الحفرية عن جمجمة كاملة ثلاثية الأبعاد، محفوظة في حالة جيدة للغاية وخالية من أي تشوه. ويعتبر هذا اكتشافًا نادرًا وحلمًا لكل عالم حفريات.
عملت لمدة 5 سنوات
وتابع “سلام” أن العمل استمر بهدوء لمدة 5 سنوات لاستكمال اكتشاف وتسمية نوع جديد من الثدييات المفترسة التي عاشت في مصر وإعادة تسمية نوع آخر اكتشف قبل 120 عاما. وفي إطار التعاون الدولي الذي تقوده مصر، تمكن باحثون من الكشف عن هوية الكائن الذي تنتمي إليه هذه الجمجمة، حيث أظهرت الدراسات التشريحية وكذلك التحليلات الإحصائية والمورفولوجية أن الجمجمة تنتمي إلى نوع جديد من الحيوانات آكلة اللحوم المنقرضة المعروفة باسم “هينودونتس”، والتي تطورت قبل فترة طويلة من ظهور القطط والكلاب والضباع وبقية الحيوانات آكلة اللحوم التي تعيش بيننا اليوم وكانت الحيوانات المفترسة السائدة في موائل القارة الأفريقية العربية بعد انقراض الديناصورات، حتى انقرضت هي الأخرى.
وقال سلام إن “المهمة جرت في ظل ظروف استثنائية تسود العالم أجمع”. “لقد اخترنا قضاء فترة الحجر الصحي في الصحراء، وهو ما يعد من ناحية أفضل وسيلة لتجنب أي ملوثات خارجية، ومن ناحية أخرى ننطلق في مغامرة لاستكشاف الماضي البعيد، لأن منخفض الفيوم في مصر يقدم فترة 15 مليون سنة من التاريخ التطوري للكائنات الحية، وهي الفترة من 45 إلى 30 مليون سنة مضت والتي ربطت الأنواع القديمة بأسلاف الثدييات الحديثة”.
تمت تسمية القطعة المكتشفة على اسم إلهة مصرية قديمة.
وقال الدكتور رافائيل جوردان، أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة هارفارد: “أطلق الباحثون على هذا الجنس الجديد اسم باستيتودون، نسبة إلى الإلهة المصرية القديمة باستيت، التي كانت رمزا للحماية والفرح والصحة، وتم تصويرها برأس قطة”. شروق الأشقر، عضو الفريق البحثي المصري “معمل السلام” والمؤلف الرئيسي للدراسة. وأوضح الباحثون أن هذا الحيوان المفترس، مثل القطط، ليس له أسنان، ومن هنا جاء اختيار باستيت. كلمة “أودون” تعني “سن” في اللغة اليونانية القديمة.
ومن خلال تحليلات الانحدار الإحصائي الدقيقة، قدر العلماء أن وزن الباسيتودون كان حوالي 27 كيلوغراما. وهذا يضعه في فئة الحجم المتوسط مقارنة بنظائره من فصيلة الضبع ذو الأسنان، وهو قريب في الحجم من الضبع أو النمر الحديث.
يتميز الباسيتودون بأسنانه الحادة التي تشبه السكين، وعضلات رأسه القوية والعضلات التي تربطه بالفك، والتي تشير إلى قوة عض هائلة، مما يجعله من الحيوانات المفترسة في الغابات الغنية بتنوع كبير من الحياة، من القرود وأسلاف أفراس النهر إلى أسلاف الفيلة والوبر الصخري، مما يزيد من فرص صيده وتنوعها.
إعادة تسمية البتروداكتيل
وسلطت الدراسة أيضًا الضوء على الوضع التصنيفي لجنس البترودون. على الرغم من الاعتقاد السابق بأن هذا الجنس انتشر عبر أوروبا وأفريقيا وكان هناك تشكك حول هذا الأمر، إلا أن الأبحاث أكدت أن البترودون كان موطنه الأصلي أوروبا فقط. ولذلك قام فريق البحث بإعادة تسمية جنس آخر تم اكتشافه سابقًا ويعيش أيضًا في غابات الفيوم في نفس الفترة، وهو سخمتبس بدلًا من بترودون، تكريمًا للإلهة سخمت. كلمة “ops” تعني “وجه” باللغة اليونانية. ومن الجدير بالذكر أنه في الحضارة المصرية القديمة ارتبطت الإلهة باستيت بالإلهة سخمت التي صورت برأس أسد وترمز إلى الغضب والحرب.
أظهرت التحليلات المورفولوجية والإحصائية باستخدام طريقة التحليل التطوري أن Basitodon و Schemtops ينتميان إلى فصيلة Hyaenodontidae ضمن عائلة Hyaenilorinae. وتؤكد الدراسة الأصل العربي الأفريقي لهذه العائلة، الذي تلته عدة هجرات متتالية في عدة موجات إلى آسيا وأوروبا والهند وأميركا الشمالية.
ويقول أشقر: “يعد اكتشاف باسيتودون إنجازًا مهمًا لفهمنا للتنوع والتطور والتوزيع الجغرافي للضباع العملاقة في جميع أنحاء العالم”. ويتطلع أشقر إلى المزيد من البحث والاستكشاف لفهم العلاقات بين الضباعيات العملاقة المنتشرة في جميع أنحاء العالم وتطورها بمرور الوقت وفي أماكن مختلفة.
وأضاف سلام أن “الاكتشاف الجديد يؤكد الدور الحاسم الذي لعبته هذه التغيرات المناخية في تشكيل النظم البيئية التي لا تزال موجودة اليوم”. “من المثير اكتشاف كيف ساهمت الأحداث الماضية في تشكيل عالمنا والتفكير في الدروس التي يمكن أن تعلمنا إياها لفهم تغير المناخ في المستقبل.”
ومن الجدير بالذكر أن مركز الحفريات بجامعة المنصورة هو أول مركز متخصص للحفريات الفقارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويحتوي على العديد من حفريات الفقاريات من العصور الجيولوجية التي يعود تاريخها إلى عشرات أو حتى مئات الملايين من السنين، بما في ذلك حفريات السلاحف والديناصورات والقرود والحيتان والتماسيح والأسماك والقوارض والفقاريات المختلفة. يهتم المركز بالبحث في التراث الطبيعي لحفريات الفقاريات.