بين قمة الرياض وحرب المعادن.. لماذا أصبحت أوكرانيا نقطة محورية لترامب؟

منذ 4 أيام
بين قمة الرياض وحرب المعادن.. لماذا أصبحت أوكرانيا نقطة محورية لترامب؟

في ظل الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا، تتجه الأنظار إلى القمة التي تعقد اليوم الثلاثاء في الرياض بين الوفدين الأميركي والروسي. وتركز المحادثات المباشرة الأولى بين البلدين على الحرب مع كييف وسبل إنهائها. وفي ظل رئاسة دونالد ترامب، تحاول واشنطن لعب أوراقها بطريقة تخدم مصالح موسكو مع استبعاد دور أوروبا وأوكرانيا.

ومع استمرار دونالد ترامب في البحث عن وسائل الضغط والحصول على أقصى قدر من الفائدة، برزت قضية المعادن النادرة في أوكرانيا، ومن المرجح أن تثار في اجتماعات اليوم، خاصة وأن واشنطن تسعى إلى زيادة نفوذها في هذه المنطقة الاستراتيجية. ولم يخف ترامب ذلك عندما طلب صراحة من أوكرانيا تسليمه حصة من المعادن النادرة التي تمتلكها.

منذ بداية الحرب، أثير سؤال حول ما إذا كانت المعادن النادرة في أوكرانيا يمكن أن تصبح رافعة استراتيجية، خاصة في ضوء الأزمة في سوق المعادن العالمية. إنها تشكل ركيزة أساسية للتكنولوجيا العالية وصناعة الأسلحة الحديثة، مما يجعلها موضوعا يحظى باهتمام متزايد من جانب القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة.

صورة 1_1

ما هي أهمية هذه المعادن؟

في الآونة الأخيرة، عرضت الولايات المتحدة على أوكرانيا 50% من احتياطيات البلاد من المعادن النادرة مقابل المزيد من الدعم المالي والعسكري. وأثار هذا العرض، الذي لم يقبله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في النهاية، جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية الأوكرانية، إذ أكد زيلينسكي أن العرض لم يتضمن بعد الضمانات الأمنية التي تحتاجها كييف، وخاصة حلم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

المعادن النادرة هي مجموعة من المعادن المستخدمة بشكل أساسي في تصنيع التقنيات الحديثة مثل الهواتف الذكية، والسيارات الكهربائية، والأسلحة، وأنظمة الطاقة المتجددة. وتشمل هذه المعادن عناصر مهمة مثل اللانثانوم والنيوديميوم والليثيوم والجرافيت والنيكل، والتي تلعب دوراً محورياً في صناعات الطاقة الخضراء والدفاع.

وفي هذا السياق، زاد الاهتمام العالمي بهذه المعادن بسبب الاتجاهات المتسارعة نحو الطاقة المتجددة وتقنيات الحوسبة المتقدمة. وبحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2023، من المتوقع أن يتضاعف الطلب على المعادن اللازمة للتحول في مجال الطاقة بأكثر من الضعف بحلول عام 2030، وهو ما يعادل مضاعفة القيمة السوقية لهذه المعادن.

صورة 2_2

أوكرانيا في قلب المعركة

قبل الحرب، كانت أوكرانيا واحدة من أكبر موردي المعادن النادرة في العالم، وكانت تمتلك احتياطيات ضخمة من المعادن الضرورية لإنتاج البطاريات والتكنولوجيا الحديثة. وبحسب المعهد الجيولوجي الأوكراني، تمتلك البلاد احتياطيات من 22 من أصل 34 معدنًا صنفها الاتحاد الأوروبي على أنها حيوية للأمن الوطني والتنمية الاقتصادية.

وتشمل هذه المعادن اليورانيوم والليثيوم والنيوديميوم، والتي تستخدم في تصنيع السيارات الكهربائية وطواحين الهواء والهواتف الذكية. وتتمتع أوكرانيا أيضًا باحتياطيات ضخمة من الجرافيت (20% من احتياطيات العالم) والتيتانيوم أيضًا، الذي بلغ إنتاجه قبل الحرب سبعة% من الإنتاج العالمي.

ولكن الصراع المستمر مع روسيا، التي تسيطر الآن على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، أعاق بشكل كبير قدرة أوكرانيا على استغلال هذه الموارد. وبحسب تقارير رويترز، فإن الخبراء يقدرون أن نحو 40 في المائة من الموارد المعدنية في أوكرانيا تقع حاليا تحت سيطرة القوات الروسية، مما يجعل عمليات التنقيب والاستخراج صعبة.

صورة 3_3

تعكس المناقشات الأخيرة بين واشنطن وكييف بشأن المعادن النادرة الأهمية المتزايدة لهذه الموارد مع سعي الولايات المتحدة إلى تقليل اعتمادها على الصين، التي تهيمن على معالجة المعادن النادرة في جميع أنحاء العالم وتشكل تهديدًا كبيرًا للولايات المتحدة بسبب هيمنتها المطلقة في هذا المجال. وتشير تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الصين تسيطر على نحو 70% من معالجة المعادن النادرة في العالم، وعلى هذه الخلفية، تعتبر أوكرانيا حلقة وصل مهمة في تأمين احتياطيات هذه المعادن.

صورة 4_4

وتنظر الولايات المتحدة إلى أوكرانيا باعتبارها فرصة لتعزيز أمنها الاقتصادي والعسكري، وخاصة في ضوء المنافسة العالمية المتزايدة على هذه الموارد. وبحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان، فإن واشنطن قد تكون مستعدة لتقديم المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي لكييف في مقابل الوصول إلى هذه الموارد. ومن شأن هذا أن يضيف بعدا جديدا للعلاقات الثنائية بين طرفي الصراع الدائر.

منذ بداية الحرب، خسر قطاع التعدين في أوكرانيا جزءًا كبيرًا من قدرته الإنتاجية. سيطرت القوات الروسية على العديد من المواقع الغنية بالمعادن في شرق وجنوب البلاد، بما في ذلك بعض أهم احتياطيات الليثيوم والجرافيت. ومع ذلك، لا تزال معظم الموارد الطبيعية في أوكرانيا موجودة في المناطق الغربية والوسطى، ويعكف الساسة الأوكرانيون على وضع خطط جديدة لاستعادة السيطرة على هذه الثروات.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تصريح لوكالة رويترز في وقت سابق من الشهر الجاري إن بلاده مستعدة لتوقيع اتفاقيات مع الدول الغربية تتضمن استغلال الموارد الطبيعية لأوكرانيا، بما في ذلك المعادن النادرة. وأضاف زيلينسكي أن أوكرانيا مستعدة للاستفادة من الشراكات مع دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لتحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد.


شارك