المرحلة الثانية من صفقة غزة.. وتحديات “الحرب النفسية السخيفة”

منذ 5 أيام
المرحلة الثانية من صفقة غزة.. وتحديات “الحرب النفسية السخيفة”

تستعد إسرائيل وحركة حماس لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، رغم أجواء التوتر السياسي والخلافات بين الجانبين بشأن الشروط والمطالب. وفي هذه المرحلة، كان من الضروري إجراء عدة جولات من تبادل الأسرى والإفراج عنهم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم بين الطرفين.

نزع سلاح غزة وطرد حماس

ورغم نجاح المرحلة الأولى، فإن المرحلة الثانية تبدو أكثر تعقيداً نظراً للتباين الكبير في الشروط والمواقف، حيث فرضت إسرائيل شروطاً للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وفي مقدمتها المطالبة بنزع سلاح قطاع غزة لضمان عدم المساس بأمنه في المستقبل. وعلاوة على ذلك، تنظر إسرائيل إلى استمرار تسليح الجماعات الفلسطينية، وخاصة حماس، باعتباره تهديداً استراتيجياً لأمنها القومي، وبالتالي تسعى إلى تقليص قدراتها العسكرية كجزء من سياسة “الأمن أولاً” التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

وتطالب إسرائيل أيضاً بإبعاد حماس عن إدارة قطاع غزة، لكنها في الوقت نفسه ترفض نقل السيطرة إلى السلطة الفلسطينية. ويعكس هذا الموقف قلق إسرائيل من أن نقل السلطة إلى جماعات فلسطينية أخرى قد لا يحقق أهدافها الأمنية. ولذلك تسعى إسرائيل إلى تحقيق حالة أمنية تضمن الهدوء على حدودها الجنوبية دون سيطرة جماعة مسلحة على قطاع غزة.

صورة 1_1

وبالإضافة إلى ذلك، تولي إسرائيل أهمية كبيرة لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، بمن فيهم الجنود والمدنيون. وتعتبر البلاد هذا الشرط جزءا أساسيا من أي اتفاق مستقبلي، وهي مقتنعة بأن عودة جميع المواطنين يجب أن تكون الأولوية القصوى قبل تقديم أي تنازلات أخرى.

رفض مطلق للشروط الإسرائيلية

في المقابل، أكدت حماس رفضها القاطع لشروط إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بنزع السلاح وانسحاب الحركة من قطاع غزة. ووصف المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم المطالب الإسرائيلية بأنها “حرب نفسية سخيفة”، وأكد أن المقاومة الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية الفلسطينية وأن انسحابها من غزة أو نزع سلاحها أمر غير قابل للتفاوض.

وأكد قاسم أن أي ترتيبات مستقبلية للقطاع يجب أن تتم من خلال اجماع وطني فلسطيني بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية ومن دون ضغوط خارجية. واعتبرت حماس أن محادثات نزع السلاح هي محاولة من جانب إسرائيل لفرض شروطها بالقوة بعد أن فشلت في تحقيق ذلك عسكريا.

صورة 2_2

وترى الحركة أن المرحلة الثانية من الاتفاق يجب أن تشمل الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين، وخاصة الذين يقضون أحكاماً طويلة. وتطالب حماس أيضا بضمانات دولية بعدم التعرض لقادتها أو مقاتليها بعد تنفيذ الاتفاق.

لفتة حسن النية

من جهة أخرى، أعربت حركة حماس في بيان لها عن استعدادها للإفراج الفوري عن جميع الأسرى الإسرائيليين لديها في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار. وتلتزم باتفاق ينتهي بوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة ويضمن في الوقت نفسه الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع.

وأكدت حماس أن مضاعفة عدد الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم جاءت استجابة لطلبات الوسطاء من مصر وقطر، وأن حركة المقاومة أرادت أن تثبت أنها ستنفذ كافة بنود الاتفاق. وأكدت في الوقت نفسه أن كافة الترتيبات المتعلقة بمستقبل قطاع غزة يجب أن تتم على أساس توافق وطني.

صورة 3_3

وبموجب بنود اتفاق تبادل الأسرى، ستشهد المرحلة المقبلة إطلاق سراح 33 رهينة من قطاع غزة بحلول أوائل مارس/آذار من العام المقبل. وفي المقابل، سيتم إطلاق سراح 1900 أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وتتضمن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين وإنهاء الحرب المستمرة، فيما تركز المرحلة الثالثة والأخيرة على إعادة إعمار قطاع غزة. وقد قدرت الأمم المتحدة تكلفة هذا المشروع العملاق بأكثر من 53 مليار دولار.

التحديات في تنفيذ المرحلة الثانية

ويتضمن تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق العديد من التحديات. والأمر الجدير بالملاحظة بشكل خاص هو الاختلافات الكبيرة في أهداف الحزبين. في حين تريد إسرائيل ضمان أمنها بنزع سلاح قطاع غزة وطرد حماس منه، فإن الحركة ترى في هذه المطالب تهديداً لوجودها ودورها في المقاومة. ويجعل هذا التفاوت من الصعب التوصل إلى اتفاق سريع بشأن شروط المرحلة الثانية.

صورة 4_4

وفي تعليقه على المرحلة الثانية، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن المحادثات بشأن المرحلة الثانية، والتي من المتوقع أن تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين وانسحاب جميع قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة وإنهاء الحرب، يجب أن تؤكد على موقف تل أبيب الذي يرفض وجود حماس أو أي فصيل فلسطيني آخر في غزة. من ناحية أخرى، أوضحت حماس أنها لن تتراجع عن دورها في غزة، مما يجعل التوصل إلى اتفاق في هذه المرحلة أمرا صعبا.

وعلاوة على ذلك، يواجه الجانبان ضغوطا داخلية كبيرة: إذ تتعرض الحكومة الإسرائيلية لانتقادات من الدوائر السياسية اليمينية لفشلها في تحقيق المكاسب الأمنية الواضحة التي أعلنتها تل أبيب في بداية حرب غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. من ناحية أخرى، تتعرض حماس لضغوط لإنهاء الحرب التي يشهدها قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت عن استشهاد نحو 49 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين.


شارك