اليهود السوريون.. رحلة العودة بعد 30 عامًا تبدأ في كنيّس دمشق

في أول حادثة من نوعها في سوريا منذ ثلاثة عقود، قرأ حاخام يهودي وابنه من مخطوطة التوراة في كنيس يهودي في العاصمة دمشق.
بدا الحاخام جوزيف هامرا وابنه هنري قلقين بينما كانا يمرران أصابعهما على نص موجود على مخطوطة الكتاب المقدس، وكأنهما لا يزالان خائفين من العودة إلى المنزل.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن الحاخام اليهودي وابنه غادرا سوريا في تسعينيات القرن الماضي بعد أن رفع الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد حظر السفر على اليهود في البلاد بعد عقود من القيود على العمل وتملك العقارات.
ويقول هنري الذي استقر في نيويورك مع ابنه بعد رحلة طويلة، إن اليهود في سوريا استغلوا رفع حظر السفر وغادروا البلاد، في حين فضل أقل من عشرة منهم البقاء في دمشق.
وتحدث جوزيف (77 عاماً) عن أسباب خروجه من سوريا في تلك الفترة وتساءل: “ألم نكن في السجن؟ لذلك أردنا أن نرى ما هو بالخارج. “كل من غادر سوريا معنا مات.”
ويشير الحاخام اليهودي إلى أن فكرة العودة إلى سوريا راودته وأفراد عائلته بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مضيفاً: “لم تخطر الفكرة على بالنا من قبل”.
ويقول جوزيف إنه بدأ التواصل مع فريق الطوارئ السوري، وهي جماعة ضغط مقرها الولايات المتحدة، كما التقت عائلته مع نائب وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة التي أطاحت بنظام الأسد.
وقد منحت تصريحات الحكومة الجديدة بأنها ستحمي جميع الطوائف السورية جوزيف وعائلته شعوراً بالأمن والاطمئنان، إلا أن عدة حوادث في الأماكن العامة أثارت القلق بين أفراد الأقليات السورية.
ويؤكد هنري حمرا، ابن جوزيف، أن مسؤولي وزارة الخارجية السورية وعدوا بحماية التراث اليهودي، قائلاً: “نحن بحاجة إلى مساعدة الحكومة وأمنها، وهذا سوف يحدث بالتأكيد”.
وبينما كانا يتجولان في أزقة المدينة القديمة، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، التقى جوزيف وهنري ببعض جيرانهم القدامى وانبهرا بالأحرف العبرية المنحوتة يدويًا في العديد من المعابد اليهودية.
وأعرب هنري عن أمله في أن يتمكن أطفاله من العودة لرؤية وتجربة “هذا الكنيس الجميل … إنه عمل فني”.
وقد لاحظ الحاخام اليهودي وابنه أن العديد من الأشياء قد ضاعت، بما في ذلك نسخة من التوراة مكتوبة بأحرف ذهبية كانت موجودة في أحد المعابد ومن المعروف أنها تم جلبها إلى إسرائيل عندما غادر الآلاف من اليهود البلاد خلال القرن الماضي.
وفي حين ظلت المدرسة والمعابد اليهودية في البلدة القديمة سالمة نسبيا، تعرض أكبر كنيس يهودي في سوريا في منطقة جوبر، وهي ضاحية شرقية من دمشق، للتدمير ونهبت محتوياته نتيجة للحرب الأهلية التي اندلعت قبل نحو 14 عاما.
ظلت منطقة جوبر موطنًا لليهود السوريين لمدة مئات السنين حتى القرن التاسع عشر.