رئيس النيابة بمكتب النائب العام تستعرض تفاصيل وأهداف استراتيجية النيابة العامة للتدريب

منذ 4 أيام
رئيس النيابة بمكتب النائب العام تستعرض تفاصيل وأهداف استراتيجية النيابة العامة للتدريب

– المستشارة القانونية داليا محمود: الاستراتيجية ليست مجرد خطة عمل بل وعد بقضاء أقوى وأكثر كفاءة في المستقبل.

 

خلال مشاركة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء خلال إطلاق استراتيجية تدريب أعضاء النيابة العامة مساء اليوم والمستشار الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قدمت الأستاذة داليا محمود رئيس النيابة العامة بمكتب النائب العام عرضاً حول “استراتيجية تدريب أعضاء النيابة العامة”.

وخلال عرضه، وصف محمود الاستراتيجية بأنها ترتكز على تطوير الكوادر البشرية في عصر تشهد فيه أنظمة المعلومات والتحول الرقمي طفرة متزايدة، مضيفاً أن النيابة العامة كانت دائماً درع المجتمع وأداته الفعالة في تحقيق العدالة وحفظ الحقوق والحريات.

وقال محمود: «انطلاقاً من هذا الدور الرائد نجحت هذه الاستراتيجية في تفعيل رؤية مصر 2030». وسيضمن هذا توفر التعليم والتدريب عالي الجودة للجميع، دون تمييز وضمن نظام مؤسسي فعال وعادل ومستدام. ويُذكر أن هذه الإستراتيجية تتوافق مع رؤية الدولة المصرية: “بداية جديدة لبناء الشعب المصري”، مبادرة رئيس الجمهورية. بهدف تنمية القدرات البشرية وتحسين مهارات الشباب في مختلف المجالات.

وفي كلمتها، أكدت محمود أن منظومة العدالة الفعالة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الأذرع القوية والعقول المستنيرة ونظام قضائي متقدم قادر على مواجهة التحديات العصرية. ونظرا لتسارع التطورات القانونية والتكنولوجية، لم يعد من الممكن الاعتماد على الأساليب التقليدية وحدها. بل أصبح التعلم المستمر والتطوير المنهجي ضرورة لا غنى عنها. ومن ثم، فقد تم تصميم استراتيجية تدريب النيابة العامة كإطار متكامل الأهداف؛ لا يمكن تحقيق أي هدف بمعزل عن هدف آخر.

وأضافت أن النيابة العامة تدرك أن ثروتها الحقيقية تكمن في أعضائها. لأنهم هم من يتحملون مسؤولية تطبيق القانون وإقامة العدل وحماية الحقوق والحريات. ولذلك، سلطت الأولوية الأولى الضوء على أهمية زيادة كفاءة أعضاء النيابة العامة. ويجب تمكينهم من استخدام أحدث الأدوات التكنولوجية والقانونية وتحسين مهاراتهم التحقيقية والتحليلية حتى يتمكنوا من معالجة المشاكل الناشئة بأعلى مستوى من الاحتراف.

وأشار محمود إلى أن تطوير مهارات أعضاء النيابة العامة لا يقتصر على المعرفة القانونية المجردة، بل يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع تطوير قدرتهم على الجدال، وهو الهدف الثاني. لا يمكن لأي شخص أن يكون ناجحًا في الدعوى إلا إذا كان قادرًا على تحليل الأدلة بشكل شامل، وفهم الأبعاد القانونية المختلفة للقضايا، واستخدام البحث العلمي لدعم حججه القانونية. وهذا يدل على الارتباط الوثيق بالهدف الثالث الذي كان مرتبطاً بتنمية المستوى الأكاديمي ومهارات البحث العلمي لدى الأعضاء.

وفيما يتعلق بالبحث القانوني أوضح محمود أنه لا يقتصر على القضاة وأعضاء النيابة العامة، بل يجب أن يمتد إلى ضباط الشرطة الجنائية الذين يجمعون الأدلة ويقومون بالتحقيقات. وبما أن قوة القضية الجنائية تعتمد إلى حد كبير على دقة الخطوات الأولية التي يتخذونها، فمن الضروري تحسين قدرتهم على إجراء التحقيقات بطريقة كفؤة وتزويدهم بالمعرفة القانونية اللازمة. وهذا هو بالضبط ما تسعى الاستراتيجية إلى تحقيقه من خلال هدفها الرابع.

وقالت محمود خلال عرضها: “بما أن العدالة لا تتحقق في قاعات المحاكم فقط، بل تبدأ بوعي المجتمع بحقوقه ومسؤولياته، فقد حددت النيابة العامة الهدف الخامس الذي يتضمن نشر الوعي القانوني من خلال البرامج التوعوية والمحتوى التعليمي المتاح للجميع”. وأضافت أنه لكي يكون هذا الوعي فعالا، لا بد من التعلم من التجارب العالمية والاستفادة من الخبرات الدولية، من أجل خلق مجتمع أكثر وعيا بالحقوق. ومن ثم، سلط الهدف السادس الضوء على ضرورة بناء شراكات قوية بين النيابة العامة والمؤسسات القانونية الإقليمية والدولية.

ووصف محمود هذه الاستراتيجية التي تقوم على تكامل أهدافها ليس كخطة تدريبية فحسب بل كمشروع وطني لبناء نظام عدالة قوي، مستعرضاً كيفية عمل هذه الأهداف وتكاملها ضمن الاستراتيجية. وعلى هذه الخلفية، استعرضت المحاور الرئيسية لاستراتيجية النيابة العامة، المحددة في ستة أهداف متكاملة لتطوير مهارات أعضاء النيابة العامة، وتحسين قدراتهم اللازمة لأداء مهامهم بكفاءة وفعالية والمساهمة في تحسين معارفهم القانونية بشكل خاص والمجتمع بمختلف فئاته بشكل عام، بما يضمن تحقيق العدالة بسرعة في غضون خمس سنوات، من 2025 إلى 2030.

وأوضحت أن الهدف الأول هو تنمية مهارات أعضاء النيابة العامة. وهذا هو حجر الأساس في الاستراتيجية التي ترتكز على الدور المركزي للنيابة العامة في إنفاذ العدالة.

كما هدفت الاستراتيجية إلى تحسين مهارات أعضاء النيابة العامة فيما يتصل بمهاراتهم القانونية. وكان الهدف الثاني هو تفعيل دور المحامين لتحقيق العدالة السريعة. وقد تم تحقيق هذا الهدف استجابة لاحتياجات التدريب التي رصدها قسم التدريب والمرافعة، والتي انعكست في انخفاض معدل المحامين في القضايا، مما استلزم إعادة هيكلة الإدارات القانونية في جميع مكاتب النيابة العامة. ودعماً لهذا الاتجاه، تم تنظيم دورات تدريبية خاصة ونشر “دليل الترافع أمام النيابة العامة في المحكمة” ليكون بمثابة مرجع ومساعدة الأعضاء على تحسين أدائهم في الترافع. وأوضح محمود أنه لتحقيق هذا الهدف سيتم إنشاء منصة إلكترونية تحتوي على مواد تدريبية وتثقيفية خاصة بفن المناصرة وتوفر للأعضاء فرصة التعليم المستمر.

وقالت: إن النيابة العامة تدرك أن تحقيق العدالة لا يقتصر على تطبيق القوانين، بل يتطلب مواكبة التطورات السريعة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية وتداعياتها القانونية. وأصبح من الضروري بالنسبة لهم تطبيق أحدث أساليب البحث العلمي لرفع كفاءة أعضائهم.

وتابعت: “ومن هذا المنطلق كان لا بد من صياغة إطار متكامل يهدف إلى رفع المستوى الأكاديمي لأعضاء النيابة العامة بما يضمن سرعة الإنجاز في عالم متغير بشكل متسارع، حيث أن تحقيق سرعة الإنجاز لا يتوقف فقط على تطبيق القوانين بل يتطلب القدرة على إجراء التحليلات النقدية والتعامل مع التطورات القانونية بشكل علمي منهجي، وهو ما ينعكس في الهدف الثالث من الاستراتيجية وهو تطوير المستوى الأكاديمي والقدرات البحثية العلمية لأعضاء النيابة العامة”.

وتحدث محمود أيضاً عن الهدف الرابع وهو تعزيز دور النيابة العامة في تدريب ضباط الشرطة الجنائية. بدون تدريب وتأهيل ضباط الشرطة الجنائية، لا يمكننا الحديث عن نظام عدالة فعال. ولهذا السبب تولي النيابة العامة أهمية كبرى لتأهيلهم وتدريبهم على تنفيذ القوانين الخاضعة لهم. كما أنها توفر لهم الفرصة للتعرف على بيئة العمل في نظام العدالة عن قرب. ولتحقيق هذه الغاية، يتم إشراكهم في دورات تدريبية عملية يصبحون من خلالها أكثر وعياً بآليات عمل النيابة العامة ويتعرفون على التحديات التي يواجهونها في ممارسة مهامهم. ويتم تعليمهم نظرية “التعايش المهني”.

وأوضحت أن الهدف الخامس من الاستراتيجية هو نشر الوعي القانوني. تولي النيابة العامة أهمية كبيرة لتعزيز الوعي القانوني لدى مختلف فئات المجتمع. وتؤمن بأن نشر الوعي القانوني ليس ترفا معرفيا بل هو أداة ضرورية لتعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة. كلما زاد الوعي القانوني كلما زاد الالتزام بالقانون مما يساهم بدوره في بناء مجتمع أكثر عدلاً وانضباطاً. ومن هنا فإن استراتيجية النيابة العامة تهدف إلى تقديم المعلومة القانونية بشكل مبسط وبسيط بحيث يمكن أن يفهمها جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية والتعليمية.

الهدف السادس يتعلق بتطوير الشراكات المحلية والإقليمية والدولية. لم تعد العدالة مقتصرة على بلد معين، بل تطورت إلى نظام عالمي يتطلب التعاون والانفتاح. ومن خلال بناء الشراكات الاستراتيجية، تعمل النيابة العامة على ضمان نظام عدالة أكثر كفاءة ومجتمع أكثر أمنا ونظام عدالة أقوى وأسرع، الأمر الذي يتطلب التعاون الدولي وتبادل الخبرات القانونية. وفي إطار هذه الجهود، تم إطلاق برنامج بعثات المدعين العامين، وهو إحدى المبادرات الرئيسية لتحسين التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين البلدان في مجال العدالة الجنائية.

وفي كلمتها، اختتمت محمود بالتأكيد على أن هذه الاستراتيجية ليست مجرد خطة عمل، بل هي وعد بقضاء أقوى وأكثر كفاءة في المستقبل، حيث يمكن تنفيذ الحقوق بشكل أسرع. كما أنها تمثل رؤية مبنية على المعرفة العلمية، مدعومة بالخبرة، ومسترشدة بإرادة لا تعرف الكلل. وأضافت أن النيابة العامة لا تعمل على تنفيذ القانون فحسب، بل على تطويره أيضا، وأنها لا تعمل على ضمان العدالة فحسب، بل تحاول أيضا تعزيز ثقة الجمهور بها.


شارك