النائب العام: النيابة العامة تضطلع بدورها كمؤسسة مستقلة أصيلة لتنفيذ مبادرة الرئيس لبناء الإنسان المصري

خلال الحفل الذي حضره رئيس الوزراء د. وفي الاجتماع الذي حضره رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مساء اليوم بمناسبة إطلاق استراتيجية تدريب أعضاء النيابة العامة، ألقى النائب العام المستشار محمد شوقي كلمة بحضور عدد من الوزراء وعدد من وكلاء النيابة العرب ومجموعة من القضاة ورؤساء الهيئات والجهات القضائية، رحب فيها في البداية برئيس مجلس الوزراء والوزراء الحاضرين ووكلاء النيابة العرب بدول فلسطين ومملكة البحرين والسودان ورئيس محكمة النقض البحرينية والسادة القضاة ورؤساء الهيئات والجهات القضائية المصريين.
وقال النائب العام: “قبل أن أقف أمامكم اليوم وأتأمل هذا المشهد الرائع الذي كنت أعتبره حلماً وهدفاً، خطر ببالي أن أتوقف وأبحث عن الأسباب البعيدة والواقعية التي أدت إلى حدوثه وجعلته واقعاً”. وأشار إلى أن الرؤية والتخطيط والتنفيذ والمتابعة ـ بعد فضل الله أولاً وأخيراً ـ كانت بلا شك جانباً مباشراً وراءها، إلا أن السبب الأبعد كان لابد أن يكون أعمق وأسمى.
وأوضح شوقي أن السبب في ذلك هو أنه بعد النظر والتحليل الواضح للوضع العام في السنوات الماضية والتوصل إلى نتيجة صحيحة نطبقها في أحكامنا، نحن في مصر ونحن مصريون، في هذا الوطن المنيع الذي يعززه اتحاد رجاله وتكاتف أبنائه. فكانوا في حالة تتغير فيها حدود العالم من حولهم دون أن يتغيروا، وتشتعل فيها الصراعات من حولهم دون أن ينحرفوا أو يتزعزعوا، وتد مغروس بقوة في جذور التاريخ، يرسم خطوطه العريضة مهما حاول المخططون إخفاء المؤامرة وإعادة رسمها عبثاً.
وأضاف النائب العام: كانت فرصة لأبنائهم وبناتهم أن ينعموا بوطن يبدعون فيه ويفكرون، وجيشهم ورجال أمنهم وقضائهم يحرسون الوطن والعرض، ويمهدون الظروف التي تمكن الإبداع والثقافة والعلم. لذا لدينا الفرصة للالتقاء في حدث قيم مثل الذي التقينا به اليوم. هذا هو السبب الواقعي والبعيد المنال الذي كنت أفكر فيه وأريد أن أقدمه بصراحة لنفسي ولكم – كنعمة عظيمة من الله – وهبة لوطننا الحبيب مصر، حيث أعيش كإنسان ومواطن قبل أن أكون قاضياً أو وكيل نيابة.
وتابع: ومن هذا المنطلق الإنساني لم أستطع في كتابة خطابي إلا فضح ما يمليه علي ضميري القانوني ـ فيما يجري حولنا ـ من ارتداد إلى الأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية، بل وحتى إلى حقوق الإنسان البدائية التي رضيت بها الطبيعة البشرية قبل أن يوجد التشريع ويعرف القانون. لم يسود قانون الغاب على الأرض إلا في العصور القديمة، وهو ما تغلبت عليه البشرية ـ بلا مبالغة ـ منذ آلاف السنين. وأما كشف الظلم وشرح القمع وتعزيز تطبيع انتهاك القانون، فهو صدمة حطمت الآمال ودفنت قصة التطور الأخلاقي.
وقال: أنا أدرك جيداً أنني قاضٍ أولاً وأخيراً ولا علاقة لي بما قد يعتبره البعض عملاً سياسياً. لكن ما تحدثت عنه للتو هو في حد ذاته مسألة بعيدة كل البعد عن السياسة. بل هو من أهم واجبات الضمير القضائي الذي يجب عليه أن يقول الحقيقة في حالات العداء للإنسانية ومخالفة القوانين والاتفاقيات الدولية. لقد كانت السلطة القضائية معروفة دائما بأنها ضمير تلك الأمة التي عهد الله إليها بمصيرها ـ ليس فقط أن تكون حارسة للسلام في محيطها الإقليمي والقاري ـ بل كان مصيرها أن تمنح البشرية الحضارة والمعرفة وحماية كرامة الإنسان في كل أنحاء الأرض، ولو بالإنصاف في القول والفعل. إن الدعوة إلى الوقوف وراء الحقيقة هي السبيل الوحيد للقضاء على التمرد والقضاء على جرائم الحرب.
وأضاف: “لقد تعلمنا من التاريخ أن أحلك أوقات البشرية لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال الكلمة والمعرفة. ولذلك أعلن أن النيابة العامة المصرية، موطن المعرفة القانونية والقضائية، تتولى دورها كمؤسسة مستقلة وأصيلة من مؤسسات الدولة لتنفيذ مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبناء الإنسان المصري، وفقاً لرؤية مصر 2030، التي نعتزم متابعتها بكل عزم وإصرار كل في موقعه”.
وعن الجهود المبذولة في هذا الصدد، أوضح شوقي أننا بذلنا خلال الأشهر الأخيرة جهوداً كبيرة وركزنا بشكل مكثف على إطلاق مبادرة اليوم بعنوان “استراتيجية تدريب أعضاء النيابة العامة 2025-2030” بحضور النخبة المصرية ونخبة عربية من الإخوة والأكاديميين والطلاب الدوليين. وتتحمل المنظمة على عاتقها عبء المشاركة والمساهمة في أي عمل أو مبادرة تهدف إلى تقوية الأمم وتقدم العلم وإعلاء القيم الإنسانية.
وفي إشارة إلى الضمير الحي للعالم، وهو قاض يميل إلى الحقيقة -أرجو الله أن تصل كلماتنا إلى آذانهم- ليتأملوا، قال: “أفسحوا المجال للتكامل والعلم والثقافة، ولا ترجعوا للإنسانية، وكونوا أبطال العلم والسلام، واجتهدوا في ما نسعى إليه اليوم: التعليم والتدريب والتكامل والتنمية والأهداف الاستراتيجية المستنيرة”. وسأترك المجال لمراجعتها… بمعرفة أحد الكوادر المستنيرة في النيابة العامة”.