بعد 6 أشهر من نشر تحقيق مصراوي “الفخ الروسي”.. مصريون في الأسر الأوكراني يستغيثون

بعد نحو ستة أشهر من نشر موقع ايجي برس تحقيقا استقصائيا بعنوان «الفخ الروسي.. تجنيد المصريين بإغراء المال والجنسية»، ظهر مقطع فيديو يظهر شاب مصري وقع في قبضة الجيش الأوكراني. يسلط هذا الفيديو ضوءًا جديدًا على قضية تجنيد المصريين للقتال في صفوف الجيش الروسي. وكان التحقيق الذي نشره موقع ايجي برس قد تتبع على مدى عدة أشهر شبكة روسية قامت بتجنيد الشباب العرب، معظمهم من المصريين والسوريين، بوعود مالية مغرية واحتمال الحصول على الجنسية الروسية بعد عام واحد فقط من القتال على الجبهة الأوكرانية.
وخلال التحقيقات، كشفت الأدلة عن مصير العشرات من المصريين الذين وقعوا في الفخ الروسي، بينهم قتلى ومفقودون وسجناء محتملون، لكن لم تظهر أدلة قاطعة على وجود سجناء. لكن بعد نحو 6 أشهر من نشر تحقيق ايجي برس، ظهر مقطع فيديو للشاب المصري “محمد”، وهو من أبناء صعيد مصر، وسقط في أيدي الجيش الأوكراني بعد انضمامه للجيش الروسي مقابل الحصول على الجنسية.
التحقيق في الفخ الروسي. تجنيد المصريين بوعد المال والجنسية
في زنزانة سجن أوكراني، يواجه محمد، وهو شاب مصري من قنا، مصيرًا لم يكن ليتخيله أبدًا. وصل إلى روسيا في ديسمبر 2021 وهو يحلم بدراسة الطب، لكن القدر شاء له طريقًا مختلفًا: انتهى به الأمر في الجبهة في أوكرانيا، ليس كطالب ولا كعامل، بل أسير حرب.
عندما وصل محمد إلى روسيا، كانت خطته واضحة: تعلم اللغة لمدة عام ثم الالتحاق بجامعة قازان الفيدرالية الطبية. ولكنه واجه حقيقة ارتفاع التكاليف وقرر تغيير مسار دراسته ومحاولة دراسة الاقتصاد بتكلفة أقل. ولكن هذا لم يكن سهلاً أيضاً، لذلك قرر البحث عن عمل لدعم نفسه.
لقد وجد محمد وظيفة كرسول براتب يبدو مناسبًا لشاب يحاول فقط أن يضع قدميه على الأرض. لم يكن يعلم أن هذه الوظيفة ستؤدي إلى واحدة من أسوأ لحظات حياته. في إحدى الرحلات طُلب منه نقل طرد من مدينة إلى أخرى. لم يسأل، ولم يشك، فقط فعل ذلك. ولكن عند وصوله تعرض لكمين من قبل قوات الأمن واتهمته بحيازة 100 كيلوغرام من المخدرات، رغم أنه لم يكن يعرف حتى ماذا كان يحمل.
حُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف، وقضى عامًا في زنزانته، وهو ما كان بمثابة كابوس حقيقي. ووصف الشاب نفسه وقته في السجن الروسي بأنه “جحيم”. لم يبق أمامه سوى خيارين: إما أن يقضي عقوبته في ظروف قاسية أو أن يلتحق بالخدمة العسكرية مقابل الوعد بالحصول على الجنسية الروسية. لقد اتخذ القرار بسرعة: اختار الحرب بدلاً من السجن.
أمضى 10 أيام فقط في التدريب قبل أن يجد نفسه فجأة في الجبهة. ولم يكن لديه حتى الوقت الكافي لاستيعاب ما كان يحدث. أمضى الشاب المصري أربعة أيام فقط على جبهة الحرب في أوكرانيا قبل أن تنتهي رحلته العسكرية بالقبض عليه من قبل القوات الأوكرانية. جلس الآن أمام الكاميرا وأخبر قصته التي لم يكن ليتخيلها حتى في أسوأ كوابيسه.
الشاب المصري الذي قرر التخلي عن جنسيته الأصلية للاستسلام لإغراء الجنسية الروسية، أصبح الآن سجيناً في السجون الأوكرانية ولا يعرف ماذا يخبئ له الغد. ولكنه يعرف شيئًا واحدًا: لم يكن هذا طريقه، ولم يكن هذا هو المصير الذي حلم به عندما اتخذ خطواته الأولى نحو روسيا.
ولم يكن محمد المصري الوحيد الذي وقع في قبضة الجيش الأوكراني وأجبرته الظروف على السفر والمشاركة في الحرب في أوكرانيا مع الجيش الروسي. في نوفمبر 2024، أعلن الجيش الأوكراني القبض على طالب مصري تم تجنيده في الجيش الروسي فور حصوله على الجنسية الروسية.
الطالب المصري الذي جاء إلى روسيا لدراسة تكنولوجيا المعلومات، تم تجنيده في الجيش الروسي وحتى إرساله للقتال بالقرب من مدينة كوراخوف الأوكرانية، ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يتم القبض عليه من قبل الجنود الأوكرانيين.
وذكرت وسائل إعلام أوكرانية حينها أن الشاب المصري، الذي لم يتم الكشف عن اسمه، هو الناجي الوحيد من القوات الروسية التي تقاتل في المنطقة، وقد قتل على يد القوات الأوكرانية. ووصف قائد عسكري أوكراني الشاب المصري بأنه شخص مثير للاهتمام، خاصة بعدما علم أنه يتحدث أربع لغات. وأشار أحد القادة بعد ذلك إلى أنهم قد يتمكنون من مبادلته بالسجناء الأوكرانيين المحتجزين في روسيا.
وبحسب تقرير صادر عن قناة RBC-أوكرانيا، فإن عمليات تجنيد الأجانب، وخاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات مالية، في الجيش الروسي زادت منذ يناير/كانون الثاني 2024. وتستخدم القوات الروسية هذا التكتيك بشكل متزايد لخداع الأجانب وإجبارهم على القتال، حيث يتم إرسالهم في كثير من الأحيان إلى الخطوط الأمامية لتعويض الخسائر البشرية الفادحة التي تتكبدها روسيا في عملياتها الهجومية المستمرة. ومن بين هؤلاء الأجانب هناك مصريون أيضاً.