الميكروبات.. تحفز المناعة وتصيبك بالمرض

منذ 16 ساعات
الميكروبات.. تحفز المناعة وتصيبك بالمرض

مثل العملة المعدنية، فإن العدوى لها وجهان: من المعروف أن العدوى بالميكروبات المختلفة قد تجعلك مريضًا إذا سيطرت على الجهاز المناعي. ومع ذلك، عندما تحدث العدوى بجرعات صغيرة، فإنها في الواقع تحفز الجهاز المناعي البشري، وخاصة عند الأطفال، مما يؤدي إلى بناء دفاعات طبيعية تعزز استجابتهم الطبيعية للهجمات اللاحقة من الميكروبات.

وتشير نتائج العديد من الدراسات العلمية إلى أن التعرض المستمر لكميات قليلة من الميكروبات يقوي مناعة الطفل ويحافظ على صحته ويحميه من الإصابة بأمراض المناعة والأمراض الموسمية. إن التعرض المستمر للعدوى بجرعات صغيرة يمثل تطعيما طبيعيا لأن خلايا دفاع الجسم تتعرف على التركيب الجيني عند التعرض المتكرر وبالتالي تستطيع تحييد تأثير الميكروب الممرض من خلال خلايا خاصة تنتج أجساما مضادة ضد الشفرة الجينية للميكروب وتدفع هجومه.

وتتحدد نتيجة هذه المعركة بين الميكروبات والجهاز المناعي لجسم الإنسان من خلال عدة عوامل.

• العوامل الخارجية: مثل تنوع البيئات المختلفة التي يتحرك فيها الميكروب بحرية. والحقيقة أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق الريفية، على سبيل المثال، يتمتعون بمناعة أفضل من الأطفال الذين يعيشون في المدينة: إذ يتعرض الأطفال الريفيون للعديد من أنواع العدوى بجرعات صغيرة، مما يحفز مناعتهم ولا يؤدي إلى الإصابة بالأمراض. بالنسبة للأطفال في المناطق الحضرية، يؤدي التعرض المستمر للمضادات الحيوية إلى إضعاف المناعة ويؤثر سلبًا على الميكروبيوم (بكتيريا الأمعاء المفيدة) ويساهم أيضًا في تطوير مقاومة لتأثيرات الأدوية.

• العوامل الداخلية: تشير إلى حالة جسم الإنسان، على سبيل المثال القدرة على إنتاج آليات الدفاع بكفاءة، مثل البروتين المناعي (الغلوبولين المناعي)، والذي يلعب دورًا مهمًا في مقاومة المرض والحفاظ على التركيب الجيني للميكروبات المسببة للأمراض لفترات طويلة من الزمن. بالإضافة إلى ذلك، فإن خلايا الدم البيضاء هي المسؤولة في المقام الأول عن المناعة، وكذلك العامل الوراثي والاستعداد الوراثي، والتي هي المسؤولة عن تطور الأمراض المناعية أو الدفاع ضدها.

ومن الواضح أن الفرق بين العوامل الداخلية والخارجية له آثار إيجابية وسلبية على مناعة الإنسان واستعداده للإصابة بالأمراض أو مقاومتها.

يعد نمط الحياة الحضرية وسهولة توفر التقنيات الطبية المختلفة من العوامل التي تحدد طبيعة المقاومة المختلفة للأطفال للأمراض المناعية. ومن الأمثلة المعروفة أن أغلب الولادات في المدن تتم في المستشفيات، وتفضل الأمهات في كثير من الأحيان الولادة القيصرية، بينما في المناطق الريفية يمكن للأم أن تلد بمفردها في المنزل، كما هو الحال في مصر، أو في أفضل الأحوال بمساعدة القابلة، وهي عادة امرأة ذات خبرة لا علاقة لها بالطب ولكنها تعتمد كلياً على تجربتها الشخصية المتكررة.

يؤكد العلم أن البيئة النظيفة والمعقمة تمامًا يمكن أن تشكل خطرًا على صحة الإنسان لأن الجهاز المناعي البشري لم يعد قادرًا على التعرف على الميكروبات في هذه البيئة وبالتالي لم يعد قادرًا على محاربتها بشكل فعال.

يجب على الإنسان احترام شروط النظافة العامة في البيئة التي يعيش فيها مع أطفاله. ومع ذلك، لا تفرط في شروط النظافة واستخدم المحاليل المعقمة والمبيدات الحشرية والمطهرات المختلفة. وهذا يمكن أن يؤذي الشخص ويحرم الطفل من مكونات جهازه المناعي.

ينبغي على الآباء إعطاء أطفالهم الفرصة للتعرف على الميكروبات بشكل تدريجي حتى تتوفر الفرصة الكافية للجهاز المناعي لتطوير مهاراته والتعرف على أنواع الميكروبات المختلفة الموجودة في البيئة.

إن غسل اليدين بشكل منتظم ومستمر هو بالفعل أفضل طريقة للحفاظ على ظروف النظافة العامة. لا يوجد أي ضرورة مطلقاً لاستخدام مختلف وسائل التعقيم والتطهير، إلا في حالات انتشار العدوى أو عند البقاء في المستشفيات أو الأماكن خارج المنزل والتي يوجد فيها خطر الإصابة بالعدوى.


شارك