من الفائز في الحرب عند انطلاق محادثات السلام الروسية الأوكرانية؟

ليس هناك شك في أن الظروف في منطقة الحرب سوف تؤثر على بدء محادثات سلام جدية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وفي نهاية المطاف، فإن المكاسب والموقع الاستراتيجي للأطراف المتحاربة هي القوة الحاسمة التي يجب استغلالها في المفاوضات، كما يقول ستافروس أتالامازوغلو، وهو صحفي عسكري متمرس ومتخصص في العمليات الخاصة ومحارب قديم في الجيش اليوناني.
وأضاف أتلاماز أوغلو، الحاصل على ماجستير في العلاقات الدولية المتقدمة من جامعة جونز هوبكنز، في تقرير بمجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، أن البيانات تصب في صالح الكرملين لأن الجيش الروسي في حالة هجوم. في المقابل، تنفذ القوات المسلحة الأوكرانية حملة دفاعية. إن روسيا تمتلك حاليا المبادرة الاستراتيجية وتتحكم إلى حد كبير في الأحداث على أرض المعركة. من ناحية أخرى، ترد أوكرانيا على تحركات الجيش الروسي وتحاول التصدي لتقدمه التكتيكي.
جولة ساحة المعركة
وبحسب أتلاماز أوغلو، هناك حاليا خمس جبهات حرب نشطة، حيث تتولى روسيا زمام المبادرة في أربع منها، وتسيطر أوكرانيا على واحدة.
وتتركز معظم جهود روسيا على شرق أوكرانيا، باتجاه خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا. وبحسب معهد أبحاث الحرب الأميركي، فإن هدف الكرملين على هذه الجبهة هو “سحب القوات الأوكرانية من الحدود الدولية مع منطقة بيلغورود ووضعها ضمن مدى مدفعية خاركوف”. في المراحل الأولى من الحرب، كان الجيش الروسي ضمن نطاق المدفعية لمدينة خاركوف، لكن الهجمات المضادة الأوكرانية الناجحة أنقذت المدينة في الخريف.
الجبهة الروسية الثانية تقع في منطقة لوغانسك في جنوب شرق أوكرانيا. هدف القوات المسلحة الروسية هو السيطرة على المنطقة بأكملها.
تقع الجبهة الروسية الثالثة مباشرة إلى الجنوب من الجبهة السابقة، في منطقة دونيتسك. وهنا أيضًا تسعى روسيا إلى السيطرة على المنطقة بأكملها. تشكل منطقتي لوغانسك ودونيتسك منطقة دونباس التي تتمتع بالموارد الطبيعية والإمكانات الصناعية.
وأخيرا، تدافع روسيا عن نفسها في الجنوب وتحاول الحفاظ على خط الاتصالات سليما. لقد قامت روسيا ببناء أكثر الدفاعات شمولاً هنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
من الجانب الأوكراني، تمتلك كييف زمام المبادرة في منطقة كورسك الروسية. منذ أغسطس/آب، سيطر الجيش الأوكراني على قاعدة عسكرية رئيسية في روسيا، مما أجبر روسيا على نشر عشرات الآلاف من جنودها للمقاومة. منذ بدء القتال، تمت استعادة بعض المناطق التي سيطرت عليها أوكرانيا بصعوبة، لكن أوكرانيا لا تزال تسيطر على جزء كبير منها، بما في ذلك مدينة سودزا.
تأملات حول القتلى والجرحى
والخسائر هي أيضا اعتبار مهم. وبحسب تقديرات غربية فإن متوسط عدد الخسائر العسكرية الروسية يوميا في المرحلة الحالية من الحرب يتجاوز 1500 قتيل. وبالمجمل، خسرت القوات المسلحة الروسية نحو 863 ألف رجل في القتال، بمعدل نحو 800 رجل يوميا منذ بداية الحرب.
ومن ناحية أخرى، يخسر الأوكرانيون عددًا أقل من الرجال لأنهم في موقف دفاعي. وبما أن كييف تلتزم الصمت بشأن عدد القتلى والجرحى، ولأن الغرب متردد سياسيا في الكشف عن التقديرات، فمن الصعب تحديد متوسط الخسائر اليومية في أوكرانيا بدقة. قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تقدير علني نادر إن القوات المسلحة الأوكرانية خسرت نحو 400 ألف قتيل وجريح منذ 24 فبراير/شباط 2022، أي حوالي 365 قتيل وجريح يوميا.
وبشكل عام، أصبح الجيش الروسي في وضع أفضل اليوم. يملك الكرملين الرجال والذخيرة والنفوذ السياسي اللازم للتعامل مع ارتفاع عدد القتلى.
ومن ناحية أخرى، تحظى أوكرانيا بدعم تحالف دولي قوي بقيادة الولايات المتحدة. ورغم أن هذا الدعم قد يكون موضع شك، فإن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة يبقي أوكرانيا في حالة حرب. علاوة على ذلك، يظل الجيش الأوكراني القوة العسكرية الأقوى مقارنة بالجيش الروسي. لكن كلا الجانبين منهك ويبدو أنهما يعتقدان أن تحقيق أهدافهما أكثر احتمالا من خلال حل تفاوضي. ولذلك، فإن موسكو وكييف تتعرضان لضغوط من أجل إيجاد حل دبلوماسي لإنهاء الحرب، بحسب أتلاماز أوغلو.