في الذكرى الثالثة لاندلاعها.. ما أبرز محطات الحرب الروسية الأوكرانية؟

يصادف اليوم 24 فبراير/شباط ذكرى اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتي بدأت في عام 2022 عندما أعلنت روسيا بدء عملية عسكرية خاصة على الأراضي الأوكرانية بعد أن رأت تهديدًا لأمنها القومي بسبب التوسع المتزايد لحلف شمال الأطلسي شرقًا وتطلعات أوكرانيا للانضمام. ومن ناحية أخرى، كان ضم روسيا لجزيرة القرم الأوكرانية سبباً للقلق بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا.
وبحسب تقرير نشرته مجلة “لو بوان” الفرنسية، تواصل القوات الروسية في أوكرانيا تحقيق مكاسب على الأرض على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح التي تكبدتها منذ بدء الحرب في فبراير/شباط 2022.
وتشير المجلة إلى أنه بعد إحباط الهجوم المضاد الأوكراني في صيف عام 2023، تمكن الجيش الروسي من استعادة زمام المبادرة وشن عمليات هجومية واسعة النطاق منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى تقدم تدريجي في منطقة دونباس، حيث تسيطر القوات الروسية على مدن استراتيجية وتحولها إلى معاقل عسكرية.
وتؤكد المجلة أنه رغم التقدم العسكري فإن هذا الواقع يأتي بثمن باهظ. وبحسب تقديرات التقرير فإن خسائر الجيش الروسي منذ بداية الحرب تجاوزت 700 ألف جندي بين قتيل وجريح وأسرى ومفقود. وارتفع معدل القتلى اليومي أيضًا إلى ما بين 1500 و2000 جندي، مقارنة بـ200 جندي يوميًا في عام 2022، وهو ما يعكس تصعيد القتال وتكلفة العمليات العسكرية المستمرة.
وبحسب دراسة أجراها معهد كييف الاقتصادي بالتعاون مع البنك الوطني الأوكراني والوزارات المعنية، فإن الخسائر المباشرة الناجمة عن الحرب تجاوزت 88 مليار دولار. لكن هذا الرقم لا يأخذ في الاعتبار حجم الأضرار في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية والإسكان والتعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.
أما الخسائر غير المباشرة فقد تجاوزت تريليون دولار الذي توقعه البرلمان الأوكراني في بداية الحرب. وفي نهاية العام الماضي، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة 1.164 تريليون دولار، منها 170 مليار دولار من قطاع البنية التحتية وحده.
وبحسب تقديرات أوكرانية سرية نشرت مؤخرا، قُتل نحو 80 ألف جندي أوكراني وجُرح 400 ألف آخرين. إن حصيلة القتلى أكثر تدميراً بالنسبة لأوكرانيا، التي يبلغ عدد سكانها أقل من ربع عدد سكان جارتها العملاقة، والتي تعيش في حالة حرب منذ ثلاث سنوات.
– تمهيد للحرب.. حشود روسية وتحذيرات أميركية
وعلى المستوى الدولي، تصاعدت التوترات بين روسيا وأوكرانيا منذ أواخر عام 2021 بعد أن كشفت صور الأقمار الصناعية عن حشود عسكرية روسية على الحدود الأوكرانية، مما أثار مخاوف من غزو وشيك. وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حينها أن موسكو حشدت 100 ألف جندي بالإضافة إلى عدد كبير من الدبابات والمعدات الثقيلة بالقرب من حدود بلاده.
وفي ظل التحركات الروسية، عقد الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتن مؤتمرا عبر الفيديو في ديسمبر/كانون الأول 2021، دعا خلاله بوتن حلف شمال الأطلسي إلى وقف توسعه شرقا، في حين حذر بايدن من فرض عقوبات اقتصادية صارمة في حال غزو أوكرانيا. ومع استمرار التوترات، أرسلت موسكو قوات إلى شمال أوكرانيا في يناير/كانون الثاني 2022 بحجة إجراء تدريبات عسكرية مع بيلاروسيا، في حين ردت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتعزيزات عسكرية في أوروبا الشرقية.
-اندلاع الحرب. أصابع بوتن تسحب الزناد
في 24 فبراير 2022، أعلن بوتن بدء عملية عسكرية في أوكرانيا ودعا القوات المسلحة الأوكرانية إلى إلقاء أسلحتها. تمكنت روسيا بسرعة من السيطرة على مناطق واسعة من جنوب أوكرانيا، بما في ذلك خيرسون، ووسعت نطاق عملياتها العسكرية إلى مناطق مختلفة. وفي سياق القتال، انسحبت القوات الروسية من كييف في مارس/آذار 2022، بينما أعلنت أوكرانيا غرق السفينة الحربية موسكفا في البحر الأسود في أبريل/نيسان، وهي ضربة مؤلمة لموسكو.
– تصعيد الحرب… والخوف من كارثة نووية
في مايو/أيار 2022، سيطرت روسيا على مدينة ماريوبول ذات الأهمية الاستراتيجية، واستولت على سيفيرودونيتسك ولوغانسك في يونيو/حزيران ويوليو/تموز. ومع تزايد الضغوط العسكرية، بدأت أوكرانيا شن هجمات مضادة واستعادت السيطرة على عدة مدن في شرق البلاد بحلول سبتمبر/أيلول 2022. ودفع هذا التطور بوتن إلى إعلان التعبئة الجزئية واستدعاء قوات الاحتياط.
وسط المعارك العنيفة، تصاعدت المخاوف من وقوع كارثة نووية محتملة بعد أن تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بمهاجمة محطة زابوريزهيا للطاقة النووية. ونفذت القوات الأوكرانية أيضا هجمات على أسطول البحر الأسود في شبه جزيرة القرم، فيما اتهمت روسيا الغرب بمحاولة إطالة أمد الحرب من خلال تقديم الدعم العسكري إلى كييف، بما في ذلك إرسال دبابات أبرامز الأميركية ودبابات ليوبارد الألمانية. -فبراير 2023.. هجوم روسي واسع النطاق
وبحسب حلف شمال الأطلسي، شنت روسيا هجوما جديدا واسع النطاق، حيث سيطرت مجموعة فاغنر الروسية على مشارف مدينة باخموت شرق أوكرانيا.
بدأت كييف تعاني من نقص في الذخيرة بسبب انخفاض شحنات الأسلحة الغربية.
– مايو 2023.. سقوط باخموت
بعد أشهر من القتال الدامي، أعلنت روسيا سيطرتها الكاملة على مدينة باخموت.
ورغم أن كييف هددت بمواصلة المقاومة، فإن هذه السيطرة منحت موسكو دفعة معنوية واستراتيجية.
-يونيو-أغسطس 2023.. هجوم مضاد أوكراني
أطلقت أوكرانيا هجوما مضادا لاستعادة الأراضي المحتلة في شرق وجنوب البلاد. ومع ذلك، بسبب التحصينات الروسية، فإنهم يحرزون تقدما بطيئا.
وتم استخدام الأسلحة الغربية الحديثة، بما في ذلك الدبابات الألمانية من طراز ليوبارد ودبابات أبرامز الأمريكية. لكن النتائج على أرض الواقع لم تكن على مستوى توقعات الأوكرانيين.
تزايدت الهجمات الأوكرانية على الأراضي الروسية، حيث استهدفت القواعد العسكرية والمنشآت النفطية بطائرات بدون طيار. – ديسمبر 2023: شتاء قاسٍ على الجانبين
وتتعرض كييف لهجمات روسية عنيفة بطائرات بدون طيار وصواريخ، مما ألحق أضرارا كبيرة بالبنية التحتية.
وشهدت جبهات القتال حالة من الجمود النسبي حيث فشلت أوكرانيا في تحقيق أي اختراقات كبيرة بينما ركزت روسيا على تعزيز مواقعها الدفاعية.
وواصلت واشنطن وحلفاؤها تقديم المساعدات العسكرية، لكن الخلافات السياسية بشأن استمرار الدعم برزت إلى الواجهة في الغرب.
-عودة ترامب… صفقة لإنهاء الحرب عندما تولى منصبه، تغيرت السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا بشكل كبير. وانتقد ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لفشله في التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا واقترح أن تعيد أوكرانيا المساعدات الأمريكية السابقة. وأثار هذا الأمر مخاوف بشأن استمرار الدعم العسكري والاقتصادي لكييف.
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “واثق للغاية” من قدرته على التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ربما هذا الأسبوع.