تحقيق جديد يكشف مجزرة ارتكبها الاحتلال بحق 90 مدنيا في غزة دون مبرر

كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تفاصيل جديدة عن مجزرة مروعة ارتكبها جيش الاحتلال بحق عائلة “جحا”، راح ضحيتها نحو 90 مدنياً، بينهم 71 امرأة وطفلاً، وإصابة العشرات. وجاءت المذبحة نتيجة هجوم مستهدف على منزلهم دون سابق إنذار أو ضرورة عسكرية. ويأتي ذلك ضمن جريمة الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تحقيق نشره اليوم الاثنين، إن مبنى عائلة جحا استهدف ضمن هجمة عسكرية واسعة النطاق نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين في المناطق الشرقية لمدينة غزة مباشرة بعد انتهاء فترة التهدئة الأولى مطلع ديسمبر/كانون أول 2023.
وتركز هذا الهجوم على مناطق سكنية ذات كثافة سكانية عالية، بما في ذلك حيي الشجاعية والشعف، حيث يقع مبنى عائلة جحا.
أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصفت، صباح يوم 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، منزل عائلة جحا المكون من بنايتين متجاورتين في حي التفاح شرق مدينة غزة بقنبلة واحدة على الأقل، في هجوم مباغت دون سابق إنذار. وبعد ذلك تم تدمير المنزل بالكامل وتسويته بالأرض فوق رؤوس جميع سكانه. وكانت هذه واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وبحسب نتائج التحقيق، كان يعيش في المنزل وقت الهجوم نحو 117 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن. ومن بينهم كبار السكان وبعض أقاربهم الذين تم تهجيرهم قسراً من منطقة الزيتون المجاورة.
وفي الغارة الجوية، قُتل معظم الأشخاص الذين كانوا في المنزل، وأصيب آخرون. وأمكن انتشال بعضهم من تحت الأنقاض بصعوبة بالغة، في حين قذفت قوة الانفجار البعض الآخر إلى خارج المبنى.
وبلغ عدد الجرحى ما لا يقل عن 17 شخصا، وتراوحت إصاباتهم بين كسور وجروح وحروق وبتر الأطراف.
وأدى الانفجار الضخم إلى تمزيق جثث العديد من الشهداء وتناثر بقاياهم في الشارع. وتناثرت أجزاء منها على أسطح المباني المجاورة بفعل قوة الانفجار.
وتم انتشال جثث نحو 56 شخصا من تحت الأنقاض، فيما لا تزال جثث أكثر من 34 آخرين محاصرة تحت الأنقاض.
وشكلت جهود الإنقاذ تحديًا هائلاً للسكان، خاصة وأن خدمات الاتصالات والإنترنت كانت مقطوعة في ذلك الوقت، وكان التواصل مع فرق الحماية المدنية أو سيارات الإسعاف شبه مستحيل.
وفي ظل عدم صدور أي رد رسمي، اضطر أفراد عائلة جحا وأهالي المنطقة إلى التدخل بأنفسهم. حاولوا انتشال الضحايا من تحت الأنقاض بأيديهم وأدواتهم البسيطة.
وفي إطار تحقيقه، زار فريق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان موقع مجزرة عائلة جحا عدة مرات لتوثيق حجم الدمار ونوع الأسلحة المستخدمة، وجمع إفادات الشهود والناجين على الأرض، وتحليل سياق الهجوم في سياق هجمات أوسع في المنطقة.
كما أجرى الفريق مقابلات مع تسعة ناجين من المجزرة وشهود عيان محليين للحصول على معلومات دقيقة حول الحادثة وظروف وقوعها.
استخدم فريق المرصد الأورومتوسطي صورًا ومقاطع فيديو من شهود عيان، كما قام بتحليل صور جوية وصور عبر الأقمار الصناعية توثق حالة المبنى والمنطقة المحيطة به قبل الهجوم وبعده.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن تحقيقه لم يجد أي دليل على وجود أهداف عسكرية في منزل عائلة جحا أو في محيطه المباشر، بما في ذلك منشآت عسكرية أو عناصر مسلحة، سواء قبل أو أثناء الهجوم.
وتوصل التحقيق إلى أن الطريقة التي نفذ بها هذا الهجوم، وتوقيته، ونوع الذخائر المستخدمة، والقوة التدميرية الواسعة النطاق والعشوائية التي خلفها، خاصة وأنه لم يبرر أي ضرورة عسكرية، كل ذلك يجعله انتهاكاً خطيراً لقواعد القانون الدولي الإنساني. وعلى وجه الخصوص، تشكل هذه الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل خرقاً لمبادئ التمييز والتناسب وواجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة في جميع الظروف دون استثناء.
وبناء على ذلك، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الهجمات المستهدفة لعائلة جحا والإجراءات المرتبطة بها تشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي، وتمثل سلسلة من “جرائم الحرب” التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين والأعيان المدنية.
إنها لا تمثل فقط قائمة شاملة من “الجرائم ضد الإنسانية”، بل إنها تأتي أيضًا كجزء من الهجمات العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق والمنهجية ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وعلاوة على ذلك، فإن الهجوم على منزل عائلة جحا، إلى جانب الهجوم على 436 ألف منزل وتدميرها جزئياً أو كلياً، أي ما يقدر بنحو 92% من جميع المنازل في قطاع غزة، وقتل أكثر من 54 ألف فلسطيني، معظمهم كانوا يعيشون في تلك المنازل، يشير إلى نمط متكرر ومنسق من الهجمات العسكرية القائمة على خطة منهجية لا يمكن تبريرها بأي ضرورة عسكرية. وهو يتضمن مهاجمة وقتل المدنيين الفلسطينيين بشكل مباشر ومتعمد وجماعي، بالإضافة إلى التدمير الممنهج والواسع النطاق للمنازل والملاجئ، حيث أن هذه أدوات متكاملة تسعى إلى نفس الهدف. هو القضاء على الفلسطينيين في قطاع غزة.