بين التهدئة والتصعيد.. هل تعود إسرائيل لاستئناف الحرب في غزة؟

منذ 3 ساعات
بين التهدئة والتصعيد.. هل تعود إسرائيل لاستئناف الحرب في غزة؟

بدأ العد التنازلي لانتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وإسرائيل. وتظل الخلافات قائمة حول بدء مفاوضات المرحلة الثانية أو تمديد الأولى، مما يعرقل التوصل إلى اتفاق جديد ويزيد المخاوف من استئناف العمليات العسكرية، خاصة بعد تأجيل تل أبيب الإفراج عن أكثر من 600 أسير فلسطيني بموجب الجولة السابعة، والتي كانت مقررة السبت الماضي.

وفي الأيام الأخيرة، تصاعدت حدة التهديدات الإسرائيلية. في الوقت الذي تنطلق فيه عملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية، تجري عملية عسكرية جديدة في قطاع غزة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول كبير قوله إن استئناف الحرب مسألة وقت فقط. وأشار إلى أن هناك اتفاقات مع الولايات المتحدة بهذا الخصوص. وأوضح أن تشكيل قيادة جديدة لهيئة الأركان العامة الإسرائيلية قد يمهد الطريق لتنفيذ هذه العملية العسكرية التي وصفها بـ”الحتمية”.

وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش: “ستدهشون من قوة ودقة وقوة العملية العسكرية لاحتلال غزة عندما نحدد الوقت المناسب لاستئنافها”، مشيرا إلى أن الجيش بقيادة رئيس الأركان الجديد إيال زامير وبدعم سياسي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستعد لعملية أكثر فتكاً في غزة.

جاء ذلك بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي مستعد لاستئناف القتال المكثف في قطاع غزة في أي وقت، وقال إن الخطط العملياتية وضعت بالفعل لهذا الغرض. كما أعرب عن دعمه لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، قائلاً: “نحن ندعم خطة ترامب التي تهدف إلى منح سكان غزة الحرية لمغادرة البلاد وإنشاء غزة الجديدة”.

1

في الوقت نفسه، يصعد جيش الاحتلال عملياته في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق. وأعلنت عن استخدام الدبابات لأول مرة منذ 23 عاما، منذ عملية السور الواقي عام 2002 قرب مدينة جنين بالضفة الغربية. كما أرسلت قوة مكونة من ثلاث دبابات إلى منطقة جنين في الضفة الغربية. وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، فإن قرار استخدام الدبابات في القتال في شمال الضفة الغربية جاء نتيجة ضغوط من القيادة السياسية، رغم عدم وجود ضرورة مهنية لهذا القرار. وكان الهدف من ذلك أيضًا منع الاضطرابات في الضفة الغربية.

استئناف الحرب أو السلام

ويقول الخبير الإسرائيلي د. ويرى علي الأعور أن السياسة الإسرائيلية تشهد حاليا تصعيدا في الخطاب تجاه قطاع غزة، حيث يواصل سياسيون بارزون، ومن بينهم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، طرح إمكانية استئناف العمليات العسكرية رغم اتفاق وقف إطلاق النار. وتأتي هذه التصريحات على خلفية الانقسامات الداخلية بين مؤيدي الاتفاق وضغوط من أوساط اليمين المتطرف الداعية إلى استمرار الحرب، وسط تساؤلات حول جدية هذه التهديدات وإمكانية تنفيذها على أرض الواقع.

دكتور. وقال علي الأعور في حديثه لموقع ايجي برس، إنه قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ وتوقيع الإعلان، دعت إسرائيل ومعها عدد كبير من أعضاء الكنيست من اليمين المتطرف وحزب الليكود، إلى العودة للحرب واستئناف القتال بهدف تدمير غزة بالكامل. ولم تتوقف هذه المطالب حتى بعد توقيع الاتفاق، إذ استمرت التصريحات المتصاعدة من شخصيات بارزة مثل سموتريتش ووزير الأمن القومي السابق إيتمار بن جفير، الذي استقال احتجاجا على وقف الحرب. ونسي أن وقف إطلاق النار هو الثمن لعودة الأسرى الإسرائيليين أحياء إلى تل أبيب.

وفي تطور جديد، بدأ وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يهدد مجددا باستئناف الحرب بوحشية غير مسبوقة. لكن يبقى السؤال: ماذا سيبقى من غزة قبل استئناف القتال؟ لقد عاش سكان غزة أهوال الحرب، لكن إرادتهم وصمودهم في وطنهم أحبط مشاريع التهجير، كما فشلت خطة ترامب لترحيل الفلسطينيين. والدليل على ذلك عودة نحو نصف مليون نازح فلسطيني إلى مناطقهم المدمرة ليؤكدوا أنهم أصحاب هذه الأرض رغم الدمار الهائل، بحسب تقرير الخبير الإسرائيلي.

2

الحرب لم تعد خيارا.

ويوضح الخبير الإسرائيلي علي الأعور أنه في ظل هذه الظروف فإن بعض الوزراء وأعضاء الكنيست الإسرائيليين يطالبون مرة أخرى بتدمير ما تبقى من غزة والقضاء على حماس. لكن الواقع على الأرض يطرح معادلة مختلفة: إما إعادة الأسرى الإسرائيليين في توابيت، أو إبرام الاتفاق والانتقال إلى المرحلة الثانية. وهذا هو الخيار الحقيقي الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية.

وبحسب الأعور فإن خيار الحرب لم يعد مطروحاً للنقاش، ليس فقط بسبب الضغوط الدولية، بل أيضاً بسبب التحولات في الشارع الإسرائيلي، الذي بات يدير المرحلة المقبلة وليس نتنياهو أو وزرائه. ويمارس الشارع الإسرائيلي ضغوطا لتطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق، ما يقلل احتمالات العودة إلى الحرب.

ويبدو أن نتنياهو غير قادر على تحمل مسؤولية استمرار احتجاز السجناء الإسرائيليين في غزة، وحتى إدارة ترامب غير قادرة على مواجهة العواقب. ولذلك فإن الاتجاه العام هو نحو تنفيذ الاتفاق، رغم محاولات نتنياهو الالتفاف عليه وتأخير تنفيذه عبر المناورات السياسية. لكن بحسب الخبير الإسرائيلي فإن كل شيء يشير إلى أن القرار النهائي سيكون الاستمرار في الاتفاق وعدم العودة إلى التصعيد العسكري.

في الوقت نفسه، أصدر زعماء المعارضة الإسرائيلية بيانا مشتركا دعوا فيه حكومة نتنياهو إلى استكمال تنفيذ اتفاق التبادل على الفور. وجاء هذا الموقف على خلفية الانتقادات المتزايدة في إسرائيل لطريقة تعامل الحكومة مع ملفات الأسرى، وخاصة في ضوء الضغوط المتزايدة من عائلات الأسرى.

3

العودة إلى الحرب

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن استراتيجية إسرائيل الحالية في مفاوضات وقف إطلاق النار مع حماس تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسيين. الهدف الأول هو تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق للحصول على المزيد من السجناء وتعزيز موقف البلاد التفاوضي. أما الهدف الثاني فهو تطبيق شروط المرحلة الثانية، والتي تشمل نزع سلاح حماس وإنهاء حكمها في قطاع غزة، من بين شروط أخرى من المرجح أن ترفضها الحركة، وهو ما قد يعطي تل أبيب ذريعة لاستئناف العمليات العسكرية.

وأضاف مطاوع في حواره مع ايجي برس أن هذه التوجهات تحظى بدعم واضح من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يدعم نتنياهو في كل قرار يتخذه، وهو ما يزيد من احتمالات التصعيد العسكري. لكن في الواقع تظل الضفة الغربية الهدف الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، وخاصة أنها تشكل إحدى أولويات الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية. وهذا ما يفسر التصعيد الإسرائيلي غير المبرر هناك، والذي لم يكن رد فعل على تطورات أساسية على الأرض، بل جاء في إطار رؤية أيديولوجية تهدف إلى خلق أمر واقع.

وأكد أنه في ضوء هذه الحقائق فمن المتوقع أن يتم تعديل الاتفاق الحالي وفرض شروط جديدة لكل مرحلة مستقبلية. وإذا رفض الجانب الفلسطيني هذه الشروط فإن البديل ــ بحسب ما تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية ــ سيكون العودة إلى الحرب.


شارك