أعمال الشغب في بريطانيا: كيف ساد الهلع والخوف بين المسلمات؟

منذ 2 شهور
أعمال الشغب في بريطانيا: كيف ساد الهلع والخوف بين المسلمات؟

لم تمر سوى ساعات قليلة على أعمال الشغب التي اندلعت في العديد من المدن البريطانية يوم السبت الماضي على يد جماعات يمينية متطرفة قبل أن تغمر شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بالنساء العربيات المسلمات في بريطانيا نقاشات ساخنة عبرن فيها عن مخاوفهن من زيارة المدينة. خرجن إلى الشوارع بالحجاب وسألن… وناقشن إمكانية العمل من المنزل واقترحن أيضًا تمديد العطلة الصيفية خارج المملكة المتحدة. وبدأت هذه الأحداث في عدد من المدن البريطانية -أغلبها في شمال غرب إنجلترا- بعد انتشار أخبار مضللة مفادها أن الشاب الذي قتل ثلاث فتيات صغيرات بسكين الأسبوع الماضي هو مهاجر مسلم. وأوضحت الشرطة البريطانية لاحقا أن منفذ الهجوم من أصل رواندي وولد في بريطانيا العظمى، واستبعدت تصنيف الحادث على أنه هجوم إرهابي. وفي أكثر من مجموعة على فيسبوك وواتساب تضم نساء من مختلف الجاليات العربية، تنوعت التعليقات على الأحداث، لكن الغالبية العظمى منها تضمنت نصائح حول البقاء في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى. وفي منشور على إحدى المجموعات على فيسبوك، تساءلت إحدى المشاركات، التي تعيش على بعد أمتار قليلة من الأحياء التي شهدت اضطرابات، عما إذا كان من الخطر بالنسبة لها الذهاب إلى العمل في يوم من المفترض أن تكون فيه اضطرابات باعتبارها مناهضة جديدة. – جاءت مظاهرات المهاجرين، وقالت مجموعات المهاجرين إنها شعرت بالاختلاط ويغمرها القلق والاكتئاب.

وتم الرد على منشورها بنصائح تضمنت اقتراح العمل من المنزل أو ركوب سيارة أجرة لإيصالها من باب منزلها إلى العمل بدلاً من استخدام وسائل النقل العام، والتقدم بطلب للحصول على إجازة رسمية لإيصالها لضمان سلامتها.

وتحدثت بي بي سي إلى عدد من النساء اللاتي شعرن بالخوف من الأحداث، بما في ذلك ربة منزل رفضت الكشف عن هويتها. وقالت إن الظروف الحالية جعلتها تعتمد على سيارات الأجرة بدلاً من وسائل النقل العام للحصول على موعد طبي مهم. وتقول: “تقع هذه الأحداث بين الحين والآخر، لكن الحياة لن تتوقف. سوف أستقل سيارة أجرة إلى مواعيدي المهمة لأنها آمنة.

لكن آخرين اضطروا لاستخدام وسائل النقل العام، مثل أميرة -اسم مستعار- التي قالت لبي بي سي إنها شعرت بعدم الارتياح في المرة الأولى التي جلست فيها على متن حافلة عامة في مدينة سندرلاند، إحدى المدن التي شهدت أعمال شغب، قادت المنزل منذ يوم السبت. وأضافت: “اضطررت للذهاب إلى المتجر لشراء بعض الضروريات، وللمرة الأولى منذ انتقالي إلى المملكة المتحدة قبل حوالي سبع سنوات شعرت بعدم الارتياح أثناء جلوسي في الحافلة مرتدية الحجاب الإسلامي”. وتشير أم لطفلين إلى أنهما، كغيرهما من النساء المسلمات في منطقتهن، قررن عدم مغادرة المنزل إلا للضرورة. إلا أن الأمر ليس سهلاً، خاصة وأن الأطفال يرغبون في قضاء فترات طويلة خارج المنزل، خاصة خلال العطلة الصيفية. وقالت صاحبة حساب تدعى ليلي لبي بي سي إنها اضطرت لمرافقة حماتها، وهي من أصل إنجليزي، إلى موعد الطبيب لابنها المريض في عيادة الممارس العام في مدينة ميدلسبره، حيث هي أعمال عنف خطيرة جاءت نتيجة الخوف من الخروج إلى الشوارع بمفردها لأن ملامح وجهها توحي… بأنها مهاجرة. كما وزع المشاركون صورًا مع قائمة يُزعم أنها تتضمن مواقع وتواريخ المظاهرات المخطط لها من قبل الجماعات اليمينية. لكن هذه الصور مجهولة المصدر ولم يتم توثيقها من قبل أي جهة رسمية. لكن في الوقت نفسه، نشرت الصفحات الرسمية لحزب العمال، بما في ذلك موقع حزب العمال في منطقة هارو شمال غرب لندن.

“استبدال الحجاب بغطاء آخر للرأس”

يبدو أن ارتداء الحجاب هو أحد أكثر العوامل التي تخشاها النساء المسلمات اللاتي يعشن في المملكة المتحدة وسط هذه المظاهرات اليمينية المتطرفة المستمرة. واقترحت العديد من التعليقات من النساء العربيات ارتداء قبعات صيفية أو ربط حجابهن بشكل مختلف عن المعتاد لصرف الانتباه عنهن كمهاجرات مسلمات. وتقول مروة علي، وهي سيدة مصرية تعيش في منطقة إيلينغ شمال غرب لندن، إن ارتداء الحجاب يزيد من خطر استهداف النساء المسلمات في بريطانيا، على الرغم من المظاهرات اليمينية ضد المهاجرين بشكل عام وليس المسلمين فقط. وأشارت إلى أنها لن تغير طريقة ارتدائها للحجاب، إلا أن ثقل الأحداث الجارية قد يدفعها للتفكير في العودة الدائمة إلى مصر.

“سنمدد مدة العطلات خارج المملكة المتحدة.”

شاركت بعض النساء عائلاتهن في الخارج مخاوفهن بشأن العودة إلى المملكة المتحدة بعد انتهاء العطلة الصيفية، بما في ذلك امرأة قالت إنها حاولت بالفعل تغيير تاريخ تذكرة سفرها المقررة بعد حوالي أسبوعين ونقلها إلى بداية العام. الشهر المقبل خوفا من الاضطرابات الحالية. لكن التعليقات طمأنتها بأن ذلك ليس ضروريا وأن الشرطة البريطانية ستتعامل مع الأحداث بطريقة من شأنها حماية المجتمعات المسلمة في المناطق التي وقعت فيها المظاهرات. كما طلبت إحدى النساء عدم نشر أخبار الأحداث الجارية على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا تسبب المزيد من الارتباك والخوف بين النساء المسلمات المقيمات في المملكة المتحدة. قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن المشاركين في المظاهرات المناهضة للمهاجرين في بريطانيا قد يواجهون عقوبات قد تؤدي إلى صدور أحكام عليهم بالسجن لفترات طويلة. وفي الواقع، تمت إدانة 140 شخصًا متورطين في أعمال الشغب منذ الأسبوع الماضي. واستعدت الشرطة البريطانية أيضًا للرد على مزيد من الاضطرابات بعد اكتشاف نحو 100 دعوة للتظاهر في مواقع مختلفة مساء الأربعاء. وقالت الشرطة إنه تم إرسال أعداد كبيرة من الضباط إلى شمال إنجلترا للتعامل مع المظاهرات، وتم وضع حوالي 1300 ضابط في حالة تأهب لمواجهة أعنف موجة من المظاهرات التي شهدتها بريطانيا منذ سنوات. ومساء الأربعاء أيضا، خرجت مظاهرات حاشدة في أنحاء البلاد دعما للمهاجرين ومعارضة لكافة أشكال التمييز والعنصرية في بريطانيا.


شارك