السيلينيوم.. رصيد الخلايا لمقاومة الشيخوخة

إن الحوار بين الأطباء سيستمر ما دامت الحياة قائمة، ومع تراجع الشباب يميل الميزان قليلا نحو الشيخوخة. هل يمكننا أن نستمتع بخريف أطول يأكل بعضًا من توازن الشتاء القادم؟
< شيخوخة الخلايا هي نتيجة للعديد من العمليات الكيميائية والبيولوجية التي يبقى فيها عدد من المركبات الكيميائية في ما يسمى بعمليات الأكسدة. تنتج عمليات الأكسدة مركبات ضارة نسبيًا تلحق الضرر بالخلايا الحية، مما يجعلها عرضة إما للإصابة بالأمراض، بما في ذلك السرطان، أو للتحلل الطبيعي، مما يؤثر على الأنشطة البشرية بشكل عام.
وتسمى هذه المركبات بالجذور الحرة، ولأن كل جذر يتبعه امتداد، فإن الخلايا البشرية الحية تحتفظ بالحق في صد هذه الجذور الحرة ومحاربتها في معارك مشروعة. وللقيام بذلك، يستخدمون ما يسمى بالمركبات المضادة للأكسدة. ومن أهمها عنصر السيلينيوم الذي أعيد اكتشافه في أوائل ثمانينيات القرن العشرين عندما بدأ الناس يتحدثون عن دوره في مكافحة الجذور الحرة وتأثيرها المدمر على الخلايا، لأنه بالإضافة إلى دوره كمضاد للأكسدة، فإنه يشارك أيضًا في تنشيط وظيفة إنزيم مضاد للأكسدة مهم (الجلوتاثيون بيروكسيديز).
يساعد السيلينيوم أيضًا بشكل فعال على تقوية جهاز المناعة، وخاصة ضد الفيروسات التي تهاجم عضلة القلب. وهذا كان سبب اكتشافه في السابق، إذ ثبت أن نقصه يعود إلى غزو فيروس لعضلة القلب، مما يسبب الالتهاب وينتهي بانخفاض كفاءة ووظيفة عضلة القلب.
< هناك أيضًا دراسات سلطت الضوء على أهمية الوقاية من سرطان البروستاتا لدى الرجال. لذلك، ينصح كل من تجاوز عمره 60 عاماً بمراقبة مستويات السيلينيوم في الدم. إذا انخفض المستوى، فيجب عليهم تناوله كمكمل غذائي.
كما أن للسيلينيوم تأثير مماثل على الدم مثل فيتامين E، أي أن له تأثير مضاد للتخثر، لذلك يجب الحذر عند تناوله في نفس الوقت مع الأسبرين وفيتامين E.
لا يمكن ملاحظة نقص السيلينيوم الطفيف بشكل واضح، ولكنه يؤثر بشكل كبير على عمر الخلايا، حيث تتقدم في العمر بشكل أسرع، لذا فإن تناوله من حين لآخر أمر مهم. ومن ناحية أخرى، فإن نقص هذا الفيتامين بشكل كبير يمكن ملاحظته بوضوح، حيث يؤدي إلى أمراض عضلة القلب، وهشاشة الشعر والأظافر، وخشونة الجلد، وخدوش غير ضرورية على فروة الرأس، ورائحة الثوم في الفم والعرق.
يحدث نقص السيلينيوم الحاد عند كبار السن الذين يعانون من سوء التغذية، وعند النباتيين الذين لا يتناولون نظامًا غذائيًا متوازنًا، وعند المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد والكلى المزمنة.
أين نجد السيلينيوم الطبيعي؟
أغنى مصادر السيلينيوم هي الكاجو، حيث توفر ثمانية منها في وقت واحد القدر الذي تحتاجه من السيلينيوم، تليها المأكولات البحرية والمحاريات والبيض ومنتجات الألبان واللحوم والكبد والكلى ومنتجات الألبان والبقوليات المجففة والحبوب الكاملة مثل القمح والأرز والشعير والسمسم.
الجرعة المطلوبة من السيلينيوم في الظروف الطبيعية لا تتجاوز 30 ميكروجرام، ولكن يمكن زيادتها إلى 100 ميكروجرام في حالات الأمراض المرتبطة بالعمر أو للوقاية من السرطانات المحتملة مثل سرطان البروستات بعد سن الستين.
يتواجد السيلينيوم في العمليات الانتحارية لأنه يمتلك خاصية الارتباط بالمعادن الثقيلة السامة وعدم تركها إلا عندما تخرج هي من الجسم معه عن طريق الكلى. لذلك فهو يستحق أن يوضع على قائمة مضادات الأكسدة، فاهتمي به!