خالد صلاح كاتب سيناريو معاوية يدافع عن المسلسل: أردنا الاقتراب من إنسان وجد نفسه وسط زلزال لا يهدأ

منذ 21 ساعات
خالد صلاح كاتب سيناريو معاوية يدافع عن المسلسل: أردنا الاقتراب من إنسان وجد نفسه وسط زلزال لا يهدأ

خالد صلاح: الحياة أجبرت معاوية على لعب دور قيادي في صراعات لم يكن له خيار فيها.

أكد الكاتب الصحافي خالد صلاح، كاتب سيناريو وحوار المسلسل التاريخي “معاوية”، أن معاوية بن أبي سفيان لم يكن مجرد رجل دولة أو قائد عسكري يخوض معاركه على رأس الحربة، بل كان إنساناً تشكله الأيام كما تشكل النار الحديد: قاسياً عند الضرورة، ورقيقاً عند الضرورة ليكون صبوراً ومتفهماً.

وفي منشور على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أوضح بعض النقاط والأمور المتعلقة بالمسلسل المثير للجدل والذي كتب له السيناريو والحوارات: “عندما بدأنا هذا المشروع مع MBC Studios، لم يكن هدفنا صياغة قصة تضاف إلى الروايات المتضاربة، ولم نكن نريد أن تتغلب رؤية على أخرى. ولم نكن نريد أن ننظر إلى معاوية كخليفة نقش اسمه على مكاتب الحكم، بل كإنسان وجد نفسه في قلب زلزال عنيف، وأرغمته الحياة على أن يكون طرفاً رئيسياً في صراعات لم يخترها بل وضعها القدر بين يديه.

وأضاف: «فكروا معي فيما حدث في دراما التاريخ. تصوروا شاباً نشأ في بيت عظيم، وتحت سقف أغنى بيت في قريش، ثم فجأة تهتز الأرض من تحته. أما شقيقته رملة، الأقرب إليه، فتترك عائلتها وتهرب إلى الحبشة مع زوجها، تاركة وراءها إرثًا من الأسئلة والألم. وتسقط أمه هند، سيدة مكة بلا منازع، أمام عينيه من قمة الغطرسة إلى وادي الخسارة والهزيمة. لقد فقدت أباها وأخاها وعمها في بدر، وبقيت تعاني من جراحها حتى جاء يوم أحد، فتنفست الصعداء أمام الانتقام الإجرامي الشنيع. ولكن الرياح لا تهدأ لفترة طويلة. وبعد سنوات وقفت هي التي ملأت الدنيا عناداً، وقفت بين يدي النبي محمد بن عبد الله، ورفعت صوتها بالشهادة ودخلت في دين من كانت بالأمس تحاول النيل منه بالدم والنار.

وتابع: «كيف يفسر صبي صغير في ذلك الزمان، في سن معاوية، هذا المشهد؟ “كيف يفهم التغيرات الجذرية التي حولت قريش القوية إلى قريش المهزومة، ثم من قريش المهزومة بالأمس إلى القبيلة التي تقود الدين الجديد؟”

وتابع: “لم يكن معاوية رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا زاهداً كعلي بن أبي طالب، ولا حافظاً كعبد الله بن مسعود، ولا أقرب إلى النبي كحذيفة بن اليمان أو عمار بن ياسر، ولكنه كان رجل تفكير طويل وانتظار صامت”. منذ طفولته أدرك أن ليس كل الانتصارات تُحقق في ساحة المعركة، وأن الحرب ليست دائمًا الحل. بل إن الحرب في بعض الأحيان تكون الفخ الذي يقع فيه أولئك الذين يتصرفون على عجل. لقد تعلم أن النصر الحقيقي يكمن في الصمود عندما يسقط الآخرون والقتال بالعقل وليس بالغضب.

“ولكن أي حياة يمكن أن تستمر دون خسائر؟ لقد أحب وعرف مرارة الخسارة. لقد تركته زوجته الأولى التي كانت أقرب إليه من أي شيء آخر. مات ابنه عبد الرحمن فانطفأت شعلة الأبوّة فيه. لقد رأى أخاه يزيد ينهار أمامه تحت وطأة الطاعون، ولم يكن أمامه خيار سوى أن يشاهد الموت يأخذ أحباءه واحدًا تلو الآخر. ثم جاء حب آخر، ميسون بنت بهدل، لكن الحب وحده لم يكن كافيا. لم تكن تستطيع أن تتحمل الحياة في القصور. فلم تر في الذهب والحرير ما يغريها بالبقاء، فتركت كل شيء وعادت إلى الصحراء، إلى حياة البساطة التي لم يستطع معاوية أن يوفرها لها بكل ما يملك.

وأضاف: «ثم جاءت الضربة الكبرى، باغتيال ابن عمه وخليفة المسلمين عثمان بن عفان». وفجأة، لم يعد معاوية والياً يدير شؤون الشام عن بعد، بل أصبح المسؤول عن دم عثمان، والثأر، وإقامة العدل كما رآه من وجهة نظره. “لقد أصبح منتقمًا في عائلة طالبته بالانتقام من القتلة.”

وتابع: “الصراع مع علي بن أبي طالب لم يكن قراراً سهلاً، ولا كراهية للإمام العادل، لكنه وجد نفسه وسط معادلة لم يعد يملك رفاهية الانسحاب منها، معادلة تهيمن عليها السياسة بقدر ما تهيمن عليها الدماء”.

وتابع: “قصتنا في هذه السلسلة ليست قصة رجل يبحث عن السلطة من أجل السلطة، ولا هي قصة رجل خلق لينتصر أو يهزم، بل هي رحلة رجل تعلم كيف يتغلب على الريح، ويواجه العاصفة ليس بعناد المغامرين، بل بحكمة من يعرف أن البحر لا يخضع إلا لمن أتقن فن الإبحار؛ “لذلك كان معاوية شخصية درامية بامتياز، فهو لم يكن الزعيم الذي يقرر الأمور بحد السيف فقط، بل كان العقل الذي يحسب كل خطوة، ويدرك أن الزمن هو اللاعب الأكثر حكمة في النهاية.”

وأشار إلى أنه “في معاوية لم نكتب التاريخ بمنطق المنتصر والمهزوم”. ولم نبحث عن الحقيقة في صياغاتهم الجامدة، بل حاولنا أن نرى الرجل وراء السياسة، وأن نعيد قراءة التاريخ بعيداً عن ضجيج الروايات المتناقضة. ولم نعتبره حاكماً يُكتب اسمه في كتب التاريخ. بعض الكتب أشادت بسيرته، وبعضها الآخر لعنته بلا هوادة. بل رأيناه روحًا عاشت وعانت وانتصرت، روحًا قادت في بعض الأحيان إلى القيادة وفي أحيان أخرى إلى الخطيئة، ثم، مثل كل من سبقوه، ذهب للقاء مصيره. المسلسل لا يتحدث عن صراع بين رفاق تقاتلوا، بل عن رجل خاض صراعه الأول مع نفسه ثم دفعه طاحونة الصراعات طوعاً أو كرهاً إلى آخر حياته.

يشار إلى أن مسلسل “معاوية” أثار بعد عرضه تجارياً موجة من الجدل بين المشاهدين، كونه يصور حياة معاوية بن أبي سفيان وجيل من الصحابة، ويجسد شخصياته نخبة من الفنانين. على سبيل المثال، شخصية “معاوية بن أبي سفيان” جسدتها الفنانة السورية لجين إسماعيل.

ويلعب الفنان إياد نصار دور “علي بن أبي طالب”، فيما يلعب أيمن زيدان دور “عثمان بن عفان”، ويلعب سامر المصري دور “عمر بن الخطاب”، ويلعب وائل شرف دور “عمرو بن العاص”.

وأكد الأزهر الشريف، ممثلاً بهيئة كبار العلماء، أن موقفه من تصوير الصحابة واضح وثابت منذ سنوات، حيث سبق أن رفض أعمالاً سابقة تناولت شخصيات تاريخية إسلامية، مثل مسلسل “عمر بن الخطاب”. دكتور. أكد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العوري، أن تصوير شخصية معاوية بن أبي سفيان أمر مرفوض شرعا، خاصة أنه لا يمكن بحال من الأحوال تصوير الصحابة في الأعمال الدرامية.

 


شارك