كيف علقت وسائل الإعلام الأميركية على خطاب ترامب أمام الكونجرس؟

ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابا أمام الكونجرس الليلة الماضية استغرق ساعة و40 دقيقة وكان أطول خطاب لرئيس أمريكي منذ 61 عاما. وعكست التغطية الإعلامية الأميركية انقسامات حادة في الدوائر السياسية والإعلامية الأميركية بشأن الخطاب، والتي استندت إلى المبادئ الإيديولوجية الإعلامية والمراجع السياسية.
إن نظرة سريعة على التغطية الإعلامية تظهر أن وسائل الإعلام الكبرى ركزت على الانقسامات والصراعات الداخلية، في حين أشادت وسائل الإعلام المحافظة بالخطاب باعتباره علامة على القيادة القوية والفعالة.
مواقف حرجة
ردت وسائل الإعلام الأميركية الكبرى مثل “سي إن إن” و”إيه بي سي” بشكل انتقادي على خطاب ترامب. ووصفوها بأنها “مثيرة للانقسام والمواجهة”، أي أنها أثارت الانقسام والمواجهة. وأشاروا إلى أن الخطاب كان يهدف إلى حشد قاعدة ترامب الانتخابية وليس محاولة توحيد الأميركيين.
وفي خطابهما، ركزت شبكتا CNN وABC على “سياسة المظالم” التي ينتهجها ترامب، وهي استراتيجية مثيرة للجدل تهدف إلى تعميق الانقسامات الثقافية والسياسية.
وسلطت الشبكتان الضوء على الاستجابة غير المسبوقة من جانب الديمقراطيين في الكونجرس، والتي تراوحت بين التصفيق والاحتجاجات الصاخبة وحتى استقالة جماعية من المجلس.
وذكرت شبكة “سي إن إن” أن العديد من ادعاءات ترامب بشأن التغيير الاقتصادي والتفاؤل العام أصبحت موضع تدقيق. وقد تم تصنيف بعضها على أنها مضللة أو مبالغ فيها.
وأشار محللو شبكة CNN أيضاً إلى أن خطاب ترامب لم يتضمن خطاً واضحاً للسياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية. والاستثناء الوحيد هو رد الرئيس الأوكراني في رسالته إلى ترامب، والذي أعرب فيه عن استعداده للتفاوض مع روسيا بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا وتوقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة بشأن الحق في استغلال المعادن النادرة.
وانتقدت فشل ترامب في الإشارة بشكل كاف إلى الدور الأميركي في العالم أو استراتيجيته المستقبلية في السياسة الدولية، وهو ما يثير تساؤلات حول استقرار العلاقات الأميركية مع حلفائها.
كما احتفلت وسائل الإعلام اليمينية مثل نيوزماكس بخطاب ترامب ووصفته بأنه قوي وتعبير عن روح القيادة القوية في الولايات المتحدة.
وركزت الصحف على إنجازات ترامب، مثل القبض على العقل المدبر لتفجيرات آبي جيت في أفغانستان وزعمه أنه لعب دورا فعالا في استعادة القيادة الأميركية. وتعرض سلوك الديمقراطيين لانتقادات سلبية أيضا، حيث اتُهموا بعدم الرغبة في دعم الإنجازات الوطنية.
خطاب قوي يعكس صفات القيادة
وكانت قناة فوكس نيوز واحدة من وسائل الإعلام التي علقت بشكل إيجابي على خطاب ترامب. ووصفتها المذيعة بأنها قوية ووطنية وتعكس قيادة شجاعة في قضايا الأمن القومي والهجرة.
وركزت تغطية القناة على النجاحات التي ذكرها ترامب في خطابه، مثل اعتقال العقل المدبر لتفجير آبي جيت في العاصمة الأفغانية كابول عام 2021. واعتُبرت هذه العملية بمثابة إشارة إلى أن الولايات المتحدة تستعيد دورها القيادي على الساحة الدولية.
وتحدثت تقارير المحطة عن نجاح ترامب في مكافحة الهجرة غير الشرعية، إذ أدت سياساته الحدودية إلى تراجع كبير في عمليات عبور الحدود غير الشرعية.
قللت قناة فوكس نيوز من المخاوف الاقتصادية التي أثارتها التقارير التي أوردتها بعض وسائل الإعلام الكبرى بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات. وفي حين أكد أن السياسات الاقتصادية التي انتهجها كانت في مصلحة أميركا، فقد تم التأكيد أيضا على أن هذه السياسات عززت النمو الاقتصادي المحلي وحمت مصالح الولايات المتحدة في مواجهة التحديات العالمية.
تحليل الحقائق والارقام
وركزت الصحف الأميركية الكبرى مثل نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال على تحليل الأرقام والحقائق التي ذكرها ترامب في خطابه.
ووصفت صحيفة نيويورك تايمز الخطاب بأنه دراماتيكي وتاريخي، مشيرة إلى أن معظم الوعود الاقتصادية التي أطلقها ترامب لم تتطابق مع الأرقام الفعلية. وركزت الصحيفة على التناقضات الواضحة بين وعود ترامب بخفض الضرائب وتقليص العجز والمخاوف المتزايدة بشأن ارتفاع الدين الوطني.
وأولت صحيفة وول ستريت جورنال المزيد من الاهتمام للتداعيات الاقتصادية والتجارية لخطاب ترامب، محذرة من أن التخفيضات الضريبية التي اقترحها قد تؤدي إلى زيادة عجز الموازنة بشكل كبير، وبالتالي عرقلة تحقيق أهدافه المالية.
وأعربت الصحيفة أيضا عن قلقها بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الواردات. وتخشى المنظمة من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زعزعة استقرار التجارة وزيادة التضخم.
ولكن الصحيفة لم تفوت الإشارة إلى أن بعض التدابير، مثل تعزيز أمن الحدود، قد تكون مفيدة على المدى الطويل.
ولم تقتصر التغطية الإعلامية على التحليل السياسي لخطاب ترامب، بل سلطت الضوء أيضا على الأجواء الحزبية التي سادت خلال الخطاب، والتي بدت متوترة للغاية.
وسلط تقرير لموقع بوليتيكو الضوء على نبرة الخطاب ووصفها بأنها “جريئة وعدائية ومواجهة وحزبية للغاية”. وكانت هناك مؤشرات واضحة على أن ترامب يحرض على الكراهية ضد الديمقراطيين، مما أدى إلى خلق أجواء عدائية في الكونجرس.
وكان المشهد الأكثر إثارة للاهتمام هو عندما غادر العديد من الممثلين الديمقراطيين قاعة الكونجرس أثناء الخطاب. وقد وجد بعض الناس هذا الأمر غير محترم وغير بناء.
وزعم البعض أيضًا أن ترامب مهتم بتعميق الانقسامات السياسية في البلاد أكثر من اهتمامه بتعزيز وحدة البلاد.
تعكس تغطية الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية الكبرى الانقسامات الحادة داخل السياسة الأمريكية وتظهر أن الرئيس ترامب يواجه تحديات كبيرة إذا أراد قيادة البلاد إلى مرحلة الوحدة الوطنية في المستقبل.