مصادر: غرامات الأرضية تدفع ذوي الإعاقة إلى ترك سياراتهم في الموانئ

– وفاء: الغرامات تجاوزت 350 ألف جنيه على السيارات التي لا يتجاوز سعرها 250 ألف جنيه – مستورد: البعض استغل الأزمة واشترى سيارات معطلة بأسعار «رخيصة»
وعلمت «الشروق» من مصادر مطلعة أن عدداً كبيراً من أصحاب مركبات ذوي الإعاقة المحتجزة بالموانئ سيضطرون إلى التخلي عنها عمداً بالجمارك بسبب عدم قدرتهم على سداد الغرامات، التي تتجاوز في بعض المركبات 350 ألف جنيه. وكانت الحكومة قد سمحت لهم في وقت سابق بالإفراج عن مركباتهم اعتباراً من اليوم الخميس.
وبحسب مصادر تحدثت لـ«الشروق»، بدأت الحكومة فعلياً الإفراج عن سيارات ذوي الإعاقة المحتجزة في الموانئ، أمس الخميس، بعد التنازل عن شرط إثبات تحويل ثمن السيارة من الحساب البنكي للشخص المعاق أو أحد أقاربه.
وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد وافق على إلزام ذوي الإعاقة بتقديم ما يثبت ملاءتهم المالية من خلال حساب بنكي أو بريدي أو عقد شراء عقار خاص في حالة عدم إمكانية تقديم إخطار يثبت تحويل الأموال من حسابهم أو حساب أحد أقاربهم إلى التجار. جاء ذلك في كتاب دوري من الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد بتاريخ 3 مارس 2025، اطلعت عليه الشروق.
وقالت وفاء محمد رئيسة جمعية الأشخاص ذوي الإعاقة (منظمة مجتمع مدني تحت الإنشاء) إنه تم التواصل بالفعل مع أصحاب السيارات المحتجزة في الموانئ لبدء إجراءات إطلاق سراحهم بعد احتجازهم لمدة 10 أشهر. وأشارت إلى أن متوسط الغرامات المفروضة على المركبات التي يتم شحنها بنظام “رو-رو” والمحتجزة منذ مايو/أيار الماضي تبلغ نحو 150 ألف جنيه مصري، بينما تتجاوز الغرامات المفروضة على المركبات التي يتم شحنها في “حاوية” 350 ألف جنيه مصري، في حين لا يتجاوز سعر السيارة نفسها 250 ألف جنيه مصري.
وأضافت وفاء لـ«الشروق» أن أغلب السيارات المعطلة في الموانئ موديلات قديمة، وتتراوح أسعارها بين 150 و300 ألف جنيه. وأشار إلى أن بعض أصحاب هذه السيارات يضطرون إلى تسليمها للجمارك لأن الرسوم والغرامات المترتبة عليها تفوق سعر السيارة نفسها.
وأضافت أن هناك عدد كبير من ذوي الإعاقة لا يملكون إلا ثمن السيارة المستوردة لتلبية احتياجاتهم الأساسية. “لماذا يتحملون أخطاء لا علاقة لهم بها؟”
الرسوم الأرضية هي الرسوم التي تُدفع لشركات النقل الدولية مقابل تخزين البضائع خلال فترة احتجازها من قبل الحكومة. لا يجوز للشخص المعاق أن يفرج عن سيارته إلا بعد دفع هذه الرسوم.
بدأت أزمة المركبات المعطلة عندما قررت الحكومة في مايو/أيار من العام الماضي تعليق التخليص الجمركي أو التسجيل المسبق لهذه المركبات لمدة ستة أشهر بهدف تحسين النظام وسد الثغرات في النظام الحالي وحتى استكمال نظام جديد يضمن وصول المساعدة إلى مستحقيها فقط.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت الحكومة عن تغييرات جديدة في ضوابط استيراد السيارات للأشخاص ذوي الإعاقة بهدف الحد من التلاعب بها. وتتضمن الضوابط الجديدة ألا تزيد سعة محرك السيارة على 1200 سي سي لسيارات البنزين أو الديزل أو الهجين، وألا يكون قد مضى على تاريخ تصنيع السيارة أكثر من 3 سنوات عند استيرادها، وأن يكون هناك مبلغ من المال في الحساب البنكي لا يقل عن كامل سعر السيارة عند المطالبة بالإعفاء الجمركي. بالإضافة إلى ذلك، يجب تقديم كشف حساب بنكي يثبت تحويل ثمن السيارة إلى المستورد. ومع ذلك، تم مؤخرا استبدال الشرط الأخير بتوفير إثبات الملاءة المالية.
يقول عمرو الكشكي، أحد مستوردي السيارات المعاقين في المنطقة الحرة ببورسعيد، إن حاويات السيارات المعاقين تتكدس في الموانئ منذ مايو/أيار الماضي. ويضيف أن بعض هذه الحاويات لم يتم تفريغها بعد في ساحات التخزين، ووصلت الرسوم المستحقة عليها إلى 44 ألف دولار.
الحاوية لديها مساحة لأربع سيارات فقط. ويعني هذا أن كل سيارة ستحصل على 11 ألف دولار، أو ما يعادل 561 ألف جنيه مصري، بشرط عدم إفراغ الحاوية في ساحات التخزين، بحسب ما قاله الكشكي لـ«الشروق».
وتابع: «لا يتم احتجاز أي سيارة معوقة في الموانئ، وهو ما يستحق هذه الرسوم الضخمة»، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً جداً من ذوي الإعاقة أبدوا للتجار نيتهم التنازل عن سياراتهم.
وأضاف أن هناك أشخاصا استغلوا هذه الأزمة وعرضوا على أصحاب السيارات المصادرة مبالغ مالية “رخيصة” وبسيطة جدا مقابل شرائها. وأشار إلى أن الشخص المعاق قد يفضل استعادة جزء صغير من أمواله بدلاً من خسارتها كلها.
وأوضح أن الحكومة منذ بداية الأزمة ومصادرة السيارات أرادت تنظيم هذا السوق وضمان وصول الدعم لمستحقيه. إلا أنه أشار إلى أن كل هذه الجهود الحكومية قد تذهب سدى بسبب الرسوم الأساسية وسيضطر الشخص المعاق إلى بيع السيارة لمشتر آخر دون الاستفادة منها.