درس التراويح بالجامع الأزهر: القرآن لا يُنتفع به إلا إذا كان القلب سليما مستعدا لاستقباله

منذ 9 ساعات
درس التراويح بالجامع الأزهر: القرآن لا يُنتفع به إلا إذا كان القلب سليما مستعدا لاستقباله

دكتور. أكد الدكتور فؤاد عبد المنعم فؤاد المشرف العام على القاعات العلمية بالجامع الأزهر، أن القرآن الكريم فيه الموعظة والشفاء والرحمة والهداية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وشفاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}.

وأوضح أن هذه الآية جاءت على هيئة خطاب عام “يا أيها الإنسان” كما أنها موجهة إلى الناس كافة مؤمنين وكافرين، ليدركوا أن هذا الكتاب العظيم هو الموعظة الحقة والعلاج الحقيقي لكل الشكوك والظلام في القلوب. ولكن في نهاية الآية بين أن هذا الشفاء والنعمة لا تعطى إلا للمؤمنين الصادقين، أي الذين يتأملون آياته ويعملون بمقتضاها.

جاء ذلك خلال درس التراويح في الليلة السابعة من رمضان بالجامع الأزهر، والذي ركز على هدى القرآن الكريم وفضله وأثره على القلوب. وقد أشير إلى أن القرآن الكريم هو أعظم هبة من الله للبشرية فهو يهدي الإنسان إلى طريق الخير، وينير له سبل الحياة، ويغرس الثقة في قلبه، ويجلب له الشفاء والنعمة إذا تعامل معه بإيمان صادق وقلب مفتوح. واستشهدا بقول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَصْلَحُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}. وهذا الكتاب العظيم هو منهاج حياة لكل من أراد النجاح في الدنيا والآخرة، ومن عمل بما فيه نال من الله الأجر العظيم.

وأوضح فؤاد أن الله عندما يخاطب الناس كافة فإنه يدعوهم إلى الإيمان دون أن يفرض عليهم أي التزامات، أما عندما يخاطب المؤمنين فإنه يفرض عليهم الأوامر والنواهي، ولهذا قال في المواضع التي نطق فيها بالأحكام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}. وهذا يدل على أن الإيمان بالله واختيار طريق الحق ليسا إجباريين، بل هما قرار ينبع من داخل الإنسان، وأن من اختار طريق الله هو من وجد في القرآن الشفاء والرحمة والهداية.

وأكد أنه لا يمكن الاستفادة من القرآن الكريم إلا إذا كان القلب سليماً ومستعداً لتلقيه، كما قال الله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً) أي أن هذا النور الإلهي لا يزيد المنافقين والكافرين إلا بعداً وضلالاً، بينما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. وضرب مثالاً بالمتلقي، وأوضح أن العيب ليس في نقل القرآن، وإنما في القلب الذي يتلقاه. إذا كان القلب نقياً واثقاً منفتحاً على نور القرآن فإنه يرى أثره وبركاته. ولكن إذا كان مليئا بالحقد والشك والأنانية، فلن يستطيع الاستفادة منه.

وفي الختام أكد أن القرآن هو الشفاء الحقيقي للمؤمنين، والنور الذي ينير طريقهم، والرحمة التي تطمئن قلوبهم. من أراد أن ينتفع به فليتلقاه بقلب مؤمن ونفس نقية، فإنه لا ينفع من في قلبه حقد أو غل أو ضغينة. القرآن ليس مجرد كلمات نتلوها، بل هو حياة كاملة لمن قرأها وعمل بما فيها. إنها الرسالة الإلهية الخالدة التي تقود الإنسان إلى السلام في الدنيا والسعادة في الآخرة.


شارك