الأزهر في ذكرى تأسيسه الـ1085.. تفاصيل عن المشيخة والتاريخ والخصوصية القانونية ومكانة وصلاحيات الإمام الأكبر

منذ 5 أيام
الأزهر في ذكرى تأسيسه الـ1085.. تفاصيل عن المشيخة والتاريخ والخصوصية القانونية ومكانة وصلاحيات الإمام الأكبر

احتفل الجامع الأزهر بمرور 1085 عاماً على تأسيسه بإقامة أول صلاة جمعة فيه في اليوم السابع من شهر رمضان عام 361 ميلادية.

وفي مايو 2018، قرر المجلس الأعلى للأزهر، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أصدر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف قراراً بإقرار هذا اليوم احتفالاً سنوياً بذكرى تأسيس الأزهر.

الجامع الأزهر منارة علمية وإسلامية عبر العصور

يعد الجامع الأزهر أقدم جامعة متكاملة في العالم وأحد أهم المساجد في مصر والعالم الإسلامي. وقد احتضنت قاعاتها ملايين الطلبة والعلماء، فكانت منارة للعلم ومصدراً للاعتدال ومنارة إسلامية عليا. منذ أكثر من ألف عام، لعب الأزهر دوره العلمي والديني والوطني والحضاري. وبحسب البوابة الإلكترونية للأزهر الشريف، فهو رمز حضاري ومرجع علمي مهم ومنبر للدعوة الصادقة، يعكس دور مصر الرائد في نشر المعرفة والدعوة الإسلامية. أسس الجامع الأزهر جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، في 24 جمادى الأولى سنة 359 هـ (4 إبريل 970 م)، أي بعد عام واحد من تأسيس مدينة القاهرة، واستغرق بناؤه نحو 27 شهراً. سمي الجامع الأزهر نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وزوجة الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والتي ينحدر منها الفاطميون حسب أصح الروايات.

تاريخ مشيخة الأزهر وتطور نظامها الإداري

منذ تأسيس الأزهر الشريف سنة 361م وحتى نهاية القرن الحادي عشر الميلادي لم يكن هناك منصب رسمي يسمى “شيخ الأزهر”. بل تم اختيار عالم متميز من بين كبار العلماء لتولي القيادة العلمية والدينية، كما جاء في كتاب الأزهر… أي مستقبل ينتظرهم؟ يُسمى. بقلم محمد عوض، نشر بواسطة وكالة الأنباء العربية. وبحسب الكتاب، ظل هذا النظام قائماً حتى صدور القانون رقم 103 لسنة 1961، المعروف بقانون تطوير الأزهر. وأتاح ذلك تعيين الإمام الأكبر شيخ الأزهر بقرار جمهوري ومنحه درجة وزير. وفي سبعينيات القرن العشرين، تم تغيير القانون بحيث أصبح يتم التعامل معه مالياً مثل رئيس الوزراء.

أول شيخ للأزهر وواجبات المشيخة

يعود تاريخ تعيين أول شيخ للأزهر إلى سنة 1101م، في العصر العثماني، عندما تولى الشيخ محمد عبد الله الخراشي هذا المنصب لأول مرة. وبحسب التشريعات المنظمة للأزهر، فإن واجبات شيخ الأزهر تشمل إمامة العلماء، والإشراف على الشؤون الإدارية للأزهر، وضمان الأمن والنظام داخل المؤسسة. وفي عام 1872 صدر أول قانون حدد شروط تولي منصب الشيخ واشترط أن يكون المرشح حاصلاً على شهادة عالمية. كما جاء في كتاب “الأزهر: أي مستقبل ينتظره؟” وكما ذكرنا فإن هذا القانون كان بداية لسلسلة من الإصلاحات التي تلتها القانون رقم 10 لسنة 1911م الذي صدر في عهد الشيخ سليم البشري، والذي ساهم في إعادة هيكلة الأزهر وتنظيم الدراسة فيه، وإنشاء هيئة كبار العلماء.

الإطار القانوني لمشيخة الأزهر وصلاحيات الإمام الأكبر

وبموجب القانون رقم 103 لسنة 1961 المعدل بالقانون رقم 250 لسنة 1975 فإن تعيين شيخ الأزهر يجب أن يكون من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية أو من بين العلماء الذين تتوافر فيهم شروط عضويته. كما جاء في كتاب “الأزهر: أي مستقبل ينتظره؟” كما هو موصوف، أنشأ هذا القانون أيضًا العديد من الشروط الأخرى. ومن بين الشروط التي يجب على المرشح أن يكون معروفاً بتقواه وإخلاصه، وأن يكون حاصلاً على درجة أكاديمية عالية من الأزهر الشريف، وأن يُظهر إنجازات أكاديمية بارزة في الدراسات الإسلامية. ويؤكد القانون ذاته أن شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب القرار في الشؤون الدينية والعلوم الإسلامية. وهو أيضًا رئيس المجلس الأعلى للأزهر وله كامل الصلاحيات في الإشراف على الدراسات الإسلامية داخل الأزهر وهيئاته.

بين الانتخاب والتعيين.. جدل مستمر حول منصب شيخ الأزهر

دكتور. ويرى عبد الله النجار، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن اختيار شيخ الأزهر ليس مطلقا، بل هو مقيد بجملة شروط يجب أن يلتزم بها رئيس الجمهورية عند تعيينه. وبحسب تصريحاته في كتاب «الأزهر: أي مستقبل ينتظره؟»، فإن من بين هذه الشروط أن يتمتع شيخ الأزهر بسمعة طيبة، وخالٍ من السوابق الجنائية، وأن يكون عضواً في مجمع البحوث الإسلامية، وألا يكون قد ارتكب أي أعمال من شأنها الإضرار بسمعته العلمية. وأكد النجار أن التعيين المباشر يحمي الأزهر من التشظيات والانقسامات التي قد تنشأ عن الانتخابات الداخلية بين العلماء، ويضمن ابتعاد الأزهر عن الصراعات السياسية والشخصية. دكتور. ويرى جلال بشار، أستاذ بكلية الدعوة الإسلامية، أن تعيين شيخ الأزهر هو الحل الأمثل، إذ يتطلب هذا المنصب مسؤولية رسمية تتوافق مع النظام الإداري بالجامعة. وفي الكتاب ذاته، أشار بشار إلى أن الخلفاء العثمانيين أولوا أهمية كبرى لتعزيز مكانة شيخ الأزهر، الذي حمل لقب «شيخ الإسلام»، واحتل منصباً أعلى من رئيس الوزراء العثماني في البروتوكول الرسمي.

مكانة شيخ الأزهر في التراث العثماني

وحسب التقليد العثماني، كان السلطان العثماني يستقبل شيخ الأزهر واقفاً على بعد سبع خطوات، ويسمح له بتقبيله على الكتف، بينما كان يسمح لرئيس الوزراء بثلاث خطوات فقط عند استقباله، ولا يسمح له بتقبيل طرف ثوب السلطان. كما جاء في كتاب “الأزهر: أي مستقبل ينتظره؟” وكما ذكرنا فإن العثمانيين أطلقوا على شيخ الأزهر لقب “الفاضل” تقديراً لدوره في نشر الفضيلة والأخلاق الحميدة، وهو اللقب الذي لا يزال مستعملاً حتى اليوم.


شارك