عام على التعويم.. كيف أنقذ اقتصاد مصر رغم قفزة التضخم؟

انتعشت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي بعد العام الأول من تحرير سعر الصرف والتغلب على أزمة النقد الأجنبي، رغم ارتفاع معدلات التضخم من مصادر مختلفة.
وأعطى قرار سعر الصرف حياة جديدة لموارد البلاد من الدولار. وشملت هذه التطورات تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، وعودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتحقيق مستوى قياسي مرتفع في احتياطيات النقد الأجنبي المصرية.
وفي 6 مارس/آذار الماضي، قرر البنك المركزي تحرير سعر الصرف بهدف القضاء على السوق السوداء لتداول النقد الأجنبي وسد فجوة النقد الأجنبي التي عانت منها مصر في عامي 2022 و2023 بسبب التأثير السلبي للحرب الروسية الأوكرانية.
وبما أن هناك سعرين لصرف الدولار – سعر رسمي في البنوك وسعر غير رسمي في السوق السوداء – فإن مصر تعاني من ارتفاع التضخم.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، وصل معدل التضخم في مدن مصر إلى مستوى غير مسبوق بلغ 38%، قبل أن يتراجع إلى 24% في يناير/كانون الثاني الماضي.
احتياطيات النقد الأجنبي
وارتفعت احتياطيات النقد الأجنبي في مصر بنحو 12.1 مليار دولار في العام الأول من تحرير سعر الصرف، لتصل إلى أعلى مستوى قياسي لها عند 47.4 مليار دولار في نهاية فبراير/شباط، ارتفاعاً من 35.31 مليار دولار في فبراير/شباط 2024.
وارتفعت احتياطيات النقد الأجنبي في مصر بشكل رئيسي بفضل دعم مشروع رأس الحكمة البالغة قيمته 35 مليار دولار بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة.
وبعد أن وقعت مصر اتفاقية تطوير مشروع رأس الحكمة مع الإمارات العربية المتحدة في فبراير/شباط 2024، حصلت مصر على 24 مليار دولار على ثلاث دفعات في فبراير/شباط ومارس/آذار ومايو/أيار 2024، كما قامت بتسوية 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية المستحقة على مصر.
تحويلات العمال المصريين
بعد اختفاء السوق السوداء ووفرة الدولارات في البنوك، عادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج للتداول في البنوك ومكاتب الصرافة.
وتنمو التحويلات المالية، المصدر الرئيسي للإيرادات الرسمية للبلاد، بنسبة 51.3% في عام 2024، لتصل إلى نحو 29.6 مليار دولار، مقارنة بنحو 19.5 مليار دولار في العام السابق 2023، بحسب البنك المركزي.
قبل تحرير سعر الصرف، واجهت مصر أزمة ناجمة عن تراجع تحويلات المصريين العاملين في الخارج بالبنوك ومكاتب الصرافة، الذين استخدموا بدلا من ذلك السوق السوداء لتداول النقد الأجنبي.
أموال ساخنة
وفي أعقاب قرار مارس/آذار الماضي، بسبب التأثير السلبي للحرب الروسية الأوكرانية والمخاوف من أزمة النقد الأجنبي في مصر، شهدنا تدفقا متجددا للاستثمار الأجنبي (باستثناء الاستثمار الأجنبي في أذون وسندات الخزانة)، بعد تدفق جماعي للخارج بنحو 22 مليار دولار في عام 2022.
حصلت الدولة المصرية خلال الأشهر الثمانية الأولى من تحرير سعر الصرف على نحو 24.5 مليار دولار أميركي، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ نحو 38.2 مليار دولار أميركي في نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
أموال وقروض الاتحاد الأوروبي
وبعد قرار تعويم سعر الصرف، حصلت مصر على دعم من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بهدف حماية الاقتصاد المصري من التداعيات السلبية للحرب الإسرائيلية على غزة.
قرر صندوق النقد الدولي زيادة قرضه لمصر بمقدار خمسة مليارات دولار، من ثلاثة مليارات إلى ثمانية مليارات دولار، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر.
حصلت مصر في شهري أبريل/نيسان وأغسطس/آب على نحو 1.64 مليار دولار ضمن الشرائح الثلاث الأولى من قرض صندوق النقد الدولي.
تنتظر مصر غداً الاثنين موافقة صندوق النقد الدولي على الشريحة الرابعة من قرض الـ1.2 مليار دولار. وبالإضافة إلى ذلك، هناك تمويل إضافي للمرونة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار.
كما حصلت مصر من المفوضية الأوروبية على الشريحة الأولى بقيمة مليار دولار من إجمالي 8 مليارات دولار مخصصة للبلاد، على أن يتم إنفاقها على مدى أربع سنوات حتى عام 2027.