مفتي الجمهورية: انتصارات العاشر من رمضان من المحطات التاريخية التي غيرت مسار الأمة

المفتي يحذر من المحاولات المتعمدة للتقليل من قيمة هذا النصر العظيم
الاستاذ الدكتور أكد سماحة مفتي الجمهورية الدكتور نذير عياد أن انتصارات العاشر من رمضان تعد من المحطات التاريخية العظيمة التي غيرت مسار الأمة الإسلامية وأعادت لها عزتها وكرامتها. وأشار إلى أن شهر رمضان المبارك ظل على الدوام بوابة للانتصارات في التاريخ الإسلامي والعربي القديم والحديث.
جاء ذلك خلال حواره مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «اسأل المفتي» على فضائية «صدى البلد»، حيث أكد على أهمية تذكير الناس بهذه الانتصارات العظيمة، وحذر من محاولات التقليل من قيمتها عبر حملات منظمة تهدف إلى إحداث حالة من الهزيمة النفسية لدى العرب والمسلمين.
وحذر المفتي من المحاولات المتعمدة للتقليل من قيمة هذا النصر العظيم، مشيرا إلى أن هناك حملات منظمة تهدف إلى خلق حالة من الهزيمة النفسية لدى العرب والمسلمين. وقال: “ليس سراً أننا نتعرض لمحاولات مستمرة لتشويه هذا النضال الذي شرف العرب والمسلمين، من خلال تقديمه في صورة ثانوية بعيدة كل البعد عن الحقيقة”.
وأضاف: إن مثل هذه المطالبات تأتي ضمن خطة ممنهجة لرفع الروح المعنوية للأمة. ويؤكد أن النصر لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة إعداد جيد وتنظيم دقيق، وهو ما يتوافق مع المبدأ الذي أقرته الشريعة الإسلامية بأن “الجزاء من مثل العمل”.
واستشهد بالآية الكريمة: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله}. “وقوله تعالى: {وَلْيَعْلَمُ اللَّهُ مَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18]، وبين أن (الغد) في هذه الآية لا يقتصر على يوم القيامة، بل يتضمن التخطيط لمستقبل الأمة في الدنيا، وهو ما تحقق بالفعل بالنصر في العاشر من رمضان.
وأشار إلى أن البعض أطلق على هذا النصر اسم “بدر الثاني” لما عبر عنه من أهمية الإيمان والعزيمة، وأشار إلى أن “حرارة الإيمان” هي التي دفعت المقاتلين في هذه المعركة إلى البذل والتضحية في سبيل الله والوطن.
وأكد أن تأييد الملائكة للمؤمنين في جهادهم حقيقة ثابتة في القرآن الكريم، مشيراً إلى أن الله تعالى نصر المسلمين في غزوة بدر الأولى وكرر هذا التأييد في العاشر من رمضان. واستشهد بقول الله تعالى: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} [الأنفال: 12] وأكد أن هذا الدعم الإلهي يعطي المؤمنين قوة تفوق قدراتهم البشرية.
وأوضح أن التكبيرات التي كان يرددها الجنود أثناء المعارك لم تكن مجرد هتافات، بل كانت تعبيراً عن الثقة بأن الله أكبر من أي قوة أو جيش. إنها الصرخة التي أثارت الرعب في قلوب الأعداء وأعادت للوطن كرامته وفخره.
وأشار أيضاً إلى أن حب الشهادة كان أحد أسرار انتصار المسلمين في معاركهم عبر التاريخ، مشيراً إلى أن الشهادة في سبيل الله تمثل أعلى درجات الإيمان، مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله).
وأضاف أن القرآن الكريم يؤكد المكانة العالية للشهداء بقوله: {وَهُمْ يَنفَعُونَ نَفْسَهُمْ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 171]، مما يجعل المسلم يتطلع إلى هذه المكانة العالية ويضحي في سبيلها بكل شيء ثمين وقيم.
في نهاية الحلقة؛ وأجاب سماحة مفتي الجمهورية على عدد من أسئلة الحضور. الأول يتعلق بظاهرة العزوف الاقتصادي لدى الشباب عن الزواج. وأشار سماحة المفتي إلى أن هذه المشكلة تمثل تحدياً كبيراً ولا بد من تدخل المؤسسات الدينية والعلمية والإعلامية لحل المشكلة.
وقال: إن انتشار هذه الظاهرة يؤدي إلى نتائج سلبية خطيرة، إما في شكل العودة إلى الفطرة والسلوك المنحرف، أو في شكل انتشار البكارة ورفع سن الزواج. “وكلاهما له آثار مدمرة على المجتمع، أخلاقياً واقتصادياً.”
وأوضح أيضاً أن الإسلام ييسر إجراءات الزواج ولا يفرض أية قيود أو أعباء مالية تثقل كاهل الشباب، مستشهداً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه). “إذا لم تفعل هذا، فسوف يكون هناك اضطرابات كبيرة ودمار على الأرض.”
وأوضح أن الزواج في الإسلام ليس مجرد رابطة اجتماعية، بل هو علاقة تحقق السكينة والمودة والرحمة، مستشهداً بقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
وأكد أن العادات والتقاليد الخاطئة هي التي خلقت رابطا بين الوالدين والأبناء، في حين أن الشريعة الإسلامية جعلت الزواج مسألة بسيطة ترتكز على الدين والأخلاق.
وتابع: “الزواج لا يتعارض مع الرزق، بل قد يكون باباً لتوسعته”، مستشهداً بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “ثلاثة حق عليهم أن يستعينوا بالله، وذكر منهم من تزوج ليعتق”.
وتابع: “لكننا للأسف نتجاهل هذه الأهمية الكبيرة، ونركز فقط على العادات والتقاليد التي أضرت بالشباب والشابات على حد سواء، وأصبحت عائقاً أمام تأسيس الأسرة”.
وعندما سئل عن أهمية التوافق الاجتماعي والاقتصادي في الزواج، أجاب المفتي أن كفاءة الزوجين من العوامل الأساسية لنجاح الزواج. وأشار إلى أن الخلافات الكبيرة بين الزوجين في هذه القضايا قد تؤدي إلى مشاكل تهدد استقرار الأسرة. وقال: “إن عدم المساواة يمكن أن يؤدي إلى حياة غير مستقرة وربما يؤدي إلى الانفصال بشكل أسرع ويعرض الأطفال لخطر الخسارة. وقد يؤدي هذا إلى سلوكيات غير صحية تؤثر على المجتمع ككل”.
وعن تكاليف الزواج والمهر، أوضح أن الإسلام لا يحرم المهور المرتفعة إلا إذا كانت تثني الشباب عن الزواج أو تثقل كاهلهم، وأضاف: إذا كان الله تعالى قد أعطى الناس أكثر مما يستحقون فلا حرج في إعطائهم أكثر مما يستحقون. ولكن لا ينبغي أن يكون هذا عائقاً أمام إتمام الزواج.