خبراء طاقة: الاكتشافات الجديدة تدعم عودة مصر لتصدير الغاز الطبيعي بحلول 2027

أسامة كمال: المناطق المجاورة لحقل ظهر والبحر الأحمر تشير إلى احتياطيات واعدة
– أبو بكر: ارتفاع الطلب المحلي قد يؤثر على توقيت العودة للتصدير
واتفق عدد من خبراء الطاقة الذين التقتهم الشروق مع توقعات الحكومة بأن تستعيد مصر مكانتها كمصدر عالمي للغاز الطبيعي بحلول عام 2027. ويأتي ذلك في ضوء الاكتشافات الواعدة في البحر المتوسط التي أعلنتها وزارة البترول بالتعاون مع شركاء أجانب، والتي تنبئ باحتياطيات ضخمة، فضلا عن استئناف الإنتاج من حقل ظهر.
وانخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بشكل كبير بنهاية العام المالي 2022-2023، ليبلغ 6.2 مليار قدم مكعب يومياً. وبالمقارنة، فقد وصل إلى أعلى مستوى قياسي بلغ 7.5 مليار قدم مكعبة يوميا بعد اكتشاف حقل ظهر في نهاية 2021-2020، ما جعل مصر مصدرا للغاز الطبيعي في ذلك الوقت.
وبحلول عام 2023، من المتوقع أن تستمر معدلات إنتاج الغاز الطبيعي في مصر في الانخفاض بسبب الضغوط الناجمة عن تأخير عمليات الاستكشاف والحفر لحقول جديدة نتيجة تأخر المدفوعات للخارج وانخفاض الإنتاج في حقل ظهر.
ويصل إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى نحو 4.8 مليار قدم مكعب في عام 2024، وهو أدنى مستوى منذ ثماني سنوات وبانخفاض 16% على أساس سنوي، في حين يبلغ معدل الاستهلاك 6.2 مليار قدم مكعب يومياً.
وتجد الحكومة نفسها مضطرة إلى سد الفجوة بين الاستهلاك المحلي والإنتاج من خلال الواردات من الخارج. وقد استأجرت نحو ثلاث سفن للغاز الطبيعي لاستقبال الغاز الطبيعي المسال وتحويله مرة أخرى إلى الحالة الغازية. ولكنها حاولت مؤخرا سداد مستحقاتها المتأخرة للشركاء الأجانب وطرح عطاءات لاستكشاف حقول الغاز الطبيعي. ودفع ذلك رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى التأكيد في يناير/كانون الثاني الماضي على أن الحكومة تريد استئناف تصدير الغاز الطبيعي بحلول عام 2027.
قال وزير البترول الأسبق أسامة كمال، إنه يتوقع بالفعل أن تستأنف مصر تصدير الغاز الطبيعي وفقاً للجدول الذي أعلنته الحكومة. ويتزامن ذلك مع الإعلان عن اكتشافات جديدة وتقديم وزارة البترول عروض استكشاف جديدة.
ويعتقد كمال أن أبرز المناطق الواعدة التي ستساعد مصر على استئناف صادراتها من الغاز الطبيعي هي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وخاصة المنطقة المجاورة لحقل ظهر، حيث يبدو أن مصر تمتلك احتياطيات واعدة من الغاز الطبيعي بعد استئناف إيني أنشطتها هناك.
وبحسب بيان لوزارة البترول، استأنفت شركة إيني الإنتاج بحقل ظهر بعد وصول سفينة الحفر سايبم 10000 في يناير/كانون الثاني الماضي.
حقل ظهر هو أكبر حقل للغاز الطبيعي في مصر ويمثل 35% من إجمالي الإنتاج. وبحسب مسؤولين تحدثوا لـ”الشرق” في وقت سابق، فقد انخفض الإنتاج إلى 1.6 مليار قدم مكعبة يوميا، مقارنة بحجم إنتاج قياسي بلغ 2.7 مليار قدم مكعبة في 2019.
وأضاف كمال أن مصر لديها فرص واعدة في منطقة كينج مريوط في غرب البحر المتوسط، بالإضافة إلى ساحل البحر الأحمر، بعد الاكتشافات التي أعلنت عنها السعودية هناك، ما يعطي مصر أملا بوجود كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في هذه المنطقة.
قال الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، إنه يرى أن منطقة شمال شرق البحر المتوسط تمثل الفرصة الأكبر لمصر لاستئناف تصدير الغاز الطبيعي. ويقدر حجم احتياطي الغاز الطبيعي في هذه المنطقة، بحسب دراسات عالمية، بنحو 387 تريليون قدم مكعب من الغاز يومياً، وهو ما لا تستغله تسع دول.
وأضاف أنه بناء على هذه الدراسات فإن حصة مصر تبلغ نحو 1.9 تريليون قدم مكعب يوميا. ويتعين على مصر الآن أن تتخذ عدة إجراءات لضمان العودة إلى تصدير الغاز الطبيعي. ويتضمن ذلك إعادة تقييم جميع الاستثمارات من قبل الشركاء الأجانب، واختيار الشركاء الذين سيعملون لصالح الدولة بناءً على الخبرة السابقة وضمان استكمال مشاريعهم.
وفي وقت سابق، أفادت شركة أباتشي كوربوريشن بأن إنتاج الغاز الطبيعي في مصر سيتعافى هذا العام، بحسب مجلة MESS المتخصصة في الطاقة. ويرجع ذلك إلى “النتائج الأولية الواعدة” الناجمة عن زيادة عمليات الحفر بعد تحقيق أسعار أعلى للإنتاج. وأعلنت شركة إكسون موبيل أيضًا عن الانتهاء من الحفر في بئر نفرتاري في منطقة شمال مراقيا. اكتشفت شركة “بي بي” البريطانية أربعة حقول محتملة للغاز على عمق نحو 2860 متراً، خلال أعمال الحفر في بئر الاستكشاف “الفيوم 5” بمنطقة امتياز شمال الإسكندرية البحرية.
يذكر أن مصر سددت بحلول يونيو/حزيران الماضي نحو 3.5 مليار دولار من الديون المتراكمة على الشركاء الأجانب، ليتبقى مليار دولار، بحسب تقرير لوكالة الشرق الأوسط بلومبرج.
وذكرت مجلة “ميس” المتخصصة في أخبار الطاقة، أن شركة أباتشي أكدت أن إنتاج الغاز الطبيعي في مصر سيتعافى خلال العام الجاري. ويرجع ذلك إلى “النتائج الأولية الواعدة” الناجمة عن زيادة عمليات الحفر بعد تحقيق أسعار أعلى للإنتاج.
وبحسب بيان سابق لوزارة البترول، من المنتظر أن تعلن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) والهيئة المصرية العامة للبترول، عن نتائج التقييم والعطاءات المقدمة للمناقصة التي تم طرحها في أغسطس/آب 2024 في 13 منطقة من المتوقع أن يصل حجم الاستثمار فيها إلى نحو 700 مليون دولار.
دكتور. من جانبه، قال تامر أبو بكر، رئيس غرفة البترول والتعدين بجمعية الصناعة، إنه رغم الجهود الحكومية لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي، إلا أن الإطار الزمني المستهدف لعودة مصر للتصدير ربما يمتد إلى ما بعد عام 2027 بسبب ارتفاع الطلب المحلي على الغاز الطبيعي.
وتابع أبو بكر: “إن إنتاجنا الحالي يبلغ في المتوسط 4 مليارات قدم مكعب يومياً، ونحن نتحدث عن استهلاك يتراوح بين 6 و7 مليارات قدم مكعب”. “نحن بحاجة إلى التفكير أولاً في كيفية تلبية الطلب المحلي ثم التفكير في الصادرات، خاصة وأن الطلب المحلي يتزايد، سواء في قطاع الطاقة أو القطاع الصناعي”.