مفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مُجبر على المعصية باطل أسقطه الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب

منذ 14 ساعات
مفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مُجبر على المعصية باطل أسقطه الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب

الاستاذ الدكتور أكد سماحة الشيخ نذير عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لهيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم أن الابتلاء قانون إلهي وهو في الحقيقة اختبار وتهذيب وتأديب وليس عقابا في كل الأحوال. واستشهد بقول الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ}. وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون وسوف ينالون بركات من ربهم ورحمة. وأشار إلى أن هذه الآيات توضح أن البلاء قد يكون نعمة من الله وسبباً لفوز الجنة إذا صبر عليه العبد. والرضا.

جاء ذلك خلال خطبته الرمضانية اليومية على قناتي dmc والناس في برنامج “حديث المفتي”، حيث أشار إلى أن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الناس كثيرا: لماذا أنزل الله تعالى هذه البلاء؟ لماذا يكون العقاب أبدياً مع أن الجريمة محدودة بزمن؟

وأوضح المفتي أن الابتلاءات مختلفة ومتنوعة، وقد يراها الإنسان ظلماً أو شراً، ولكنها في نظر الله عدل وخير مطلق، وإن كانت حقيقتها غائبة عنا. وضرب مثلاً بما حدث بين موسى عليه السلام والخضر، حيث ظهرت أفعال الخضر غير مبررة في الظاهر، ولكن في النهاية انكشفت حقيقة الحكمة الإلهية.

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من أن الابتلاء من علامات القرب من الله، فقال: «إن أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل». “إن الإنسان يختبر حسب دينه.” وفي حديث آخر: «إذا أحب الله قوما ابتلاهم». من كان راضياً فسوف يرضى، ومن كان غير راضٍ فسوف يشعر بالسخط.

وتناول أيضا مسألة ما إذا كان العقاب أبدياً، حتى لو كانت الخطيئة مؤقتة. وأوضح أن العقوبة لا تقاس بوقت ارتكاب الجريمة، بل بجسامة الجريمة وعواقبها، كما أن بعض الجرائم في هذا العالم قد تحدث في لحظة واحدة ويحكم على مرتكبها بالسجن لمدة طويلة.

وأكد أن إرادة الكفر باقية على كل من كفر بالله أو كفر رسله من تلقاء نفسه، وأنه لو رجع إلى الدنيا لعاد إلى ما حرم عليه، كما قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ كَاذِبُونَ}. وأشار إلى أن هذا الكفر ليس إكراهاً، بل هو اختيار متواصل، وأن فاعله يستحق العذاب الأبدي، وهذا نتيجة كمال عدل الله تعالى، فالجزاء من جنس العمل، كما قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ خَيْراً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسْأَ فَلْعَلْهَا}. وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعِبَادِ}

ورداً على من يدعي أنه أُكره على ارتكاب المعاصي، أوضح أن هذا ادعاء باطل لا دليل عليه، لأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبين الطريق، وأعطى الإنسان العقل وحرية الاختيار، كما قال الله تعالى: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}. وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (سورة النساء الآية 165)

واختتم سماحة المفتي كلمته مؤكداً: “إن البلاء قد يكون نعمة، ولكن عذاب الآخرة عدل إلهي لا ظلم فيه، بناء على علم الله بما تخفيه القلوب وما تدل عليه الأعمال”. ودعا إلى الرضا بقضاء الله والتسليم لحكمته، فهو الرحمن العليم، الذي لا يظلم أحداً، ولا يحاسب أحداً إلا بعد البيان والتفويض.


شارك