مفتي الجمهورية يتحدث عن مراعاة حقوق الجار: الشريعة الإسلامية أكدت قدسية هذه العلاقة

وتزخر مصر بصور المحبة الشعبية التي تعكس روح التعايش بين المسلمين وغيرهم.
الاستاذ الدكتور أكد فضيلة الشيخ الدكتور نذير عياد، مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور ومؤسسات الإفتاء في العالم، على أهمية مناقشة حقوق الجوار في هذه الفترة. وأكد أن الشريعة الإسلامية تؤكد على قدسية هذه العلاقة وضرورة احترام حقوق الجوار. وأكد أيضاً أن الشرائع السماوية والحضارات الإنسانية المتعاقبة أجمعت على احترام هذا الحق.
وأكد خلال لقائه اليومي في رمضان مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج “اسأل المفتي” على قناة صدى البلد، أن حب الجار قيمة عالمية في كل الأديان، ونقل قول الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}. وبالوالدين إحسانا، وبذي القربى، واليتامى، والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل.
وأشار أيضاً إلى أن حب الجار من الوصايا العشر في التوراة، وأن حضارة مصر القديمة أكدت على ذلك في محاكم الآخرة، حيث كان المتوفى يعلن براءته من الأذى الذي يلحق بجاره.
دكتور. وأوضح نذير عياد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب في توصيته بالجار خيراً حتى ظن أصحابه أنه يورثهم. قال: أوصاني جبريل أن أحسن إلى نفسي حتى ظننت أنه سيجعلهما وريثين. وأكد أن إيذاء الجار قد لا يكون جسدياً فقط بل قد يكون معنوياً، مثل النظرة الاستهزائية أو الرغبة في فقدان نعمة.
وضرب مثلاً من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما آذاه جاره اليهودي. وعندما مرض جاره اليهودي زاره النبي واعتنى به، مما يدل على أن هذه الأخلاق الكريمة تمتد إلى التعامل مع كل الجيران بغض النظر عن دينهم.
وأوضح أن الإسلام حدد ثلاثة أنواع من حقوق الجوار: الأول: الجار غير المسلم الذي له حق الجوار. ثانياً: الجار المسلم الذي له حق الجوار وشرع الإسلام. ثالثاً: الجار المسلم الذي هو قريب، وله ثلاثة حقوق: الجوار، والإسلام، والقرابة. وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بإطعام الجيران، بل أمر بإكثار المرق عند طبخ اللحوم لإطعامها للجيران. ونهى أيضًا عن التفاخر أمام الجيران بامتلاك شيء قد لا يستطيعون تحمله.
وأكد مفتي الجمهورية أن هناك العديد من صور المحبة الشعبية في مصر والتي تعكس روح التعايش بين المسلمين وغير المسلمين. وأشار إلى أن الوعي والتنوير يعززان هذه الروح ويؤكدان أن التعددية والتنوع لا يتعارضان مع التعايش والحوار، مستشهداً بقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [النور: 11]. ولكن اختلافهم لن ينتهي.
وفي سياق مماثل ذكر صحيفة المدينة المنورة التي أصدرها النبي صلى الله عليه وسلم عند وصوله المدينة. وأقامت العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين على أساس الحقوق والواجبات، وأكدت على أن على المسلمين أن ينقلوا صورة إيجابية عن الإسلام في تعاملهم مع غير المسلمين. واستشهد بقول الله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَّ دِينُكُمْ).
وفي نهاية الحلقة أجاب المفتي على أسئلة المشاهدين حول مواضيع مختلفة. وأما مسألة التبرك بقبور الأنبياء والصالحين، فقد بين أن الأصل في مثل هذه الأمور جوازها ما دامت في حدود المباح، ولم تؤدي إلى اعتقاد أن هؤلاء الصالحين لهم القدرة على جلب النفع أو الضر. وأضاف أنه يجوز التبرك بآثار الصالحين أو زيارتهم بقصد الاقتداء بهم وتكريم حياتهم. ومع ذلك، يجب الحرص على عدم تجاوز الإطار القانوني.
وحول تسمية الأبناء بأسماء مثل “عبد الرسول” أو “عبد النبي”، أوضح سماحة المفتي أنه لا حرج في هذه الأسماء ما دامت تعبر عن محبة وتعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس المقصود بها التقديس بحيث لا يقدس إلا الله عز وجل. وأكد أن العبودية لله وحده، ولكن هذه الأسماء تعبر عن المحبة والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن هذه أمور مباحة.
وتحدث أيضًا عن مفهوم الابتكار، وأوضح أن هناك ابتكارات جيدة وأخرى سيئة. يعتمد الأمر على ما إذا كان هذا الابتكار يساهم في الدين أم لا. ونقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جمع الناس لصلاة التراويح في المسجد، ووصفها بأنها «بدعة حسنة»! وأكد أن البدعة الحسنة هي التي تثير الاهتمام وتحيي السنة، والبدعة السيئة هي التي تحدث في الدين وتحيد عن مقصوده.