علاء الغطريفي لـ”كلم ربنا”: كنت منتظر والدي من بلكونه بيتنا يعود من المرض.. رجعلي في “نعش”

منذ 28 أيام
علاء الغطريفي لـ”كلم ربنا”: كنت منتظر والدي من بلكونه بيتنا يعود من المرض.. رجعلي في “نعش”

كنت أنتظر عودة والدي بعد إجراء عملية جراحية خطيرة في القاهرة. بكل براءة دعوت الله أن يعيده إلينا سالماً معافى. لقد تعلمت هذه الصلاة من والدتي وعائلتي. لكن القدر اختار طريقا آخر، وعاد والدي إلينا جثة. لا تزال هذه الصورة محفورة في ذاكرتي عندما أنظر من نافذة منزلنا وأرى سيارة الإسعاف تتوقف أمام المنزل. يحمل في داخله لحظة الوداع الأخيرة وإدراكه أنه لن يراه مرة أخرى.

لا أنسى ذلك الدعاء الذي رافقني طوال حياتي، كان جزءًا مني حتى وأنا طفل صغير. كان إيماني بالله راسخًا، وكنت على يقين بأن الله سيعوضني مهما كانت الصعاب.

وتابع: “أنا واحد من ستة أشقاء، ومنذ ذلك اليوم، أصبحت أمي بمثابة الأم والأب. تحملت أعباء الحياة بشجاعة. ربتنا وعلمتنا ولم تدعنا نستسلم أو نسقط. أشعر أن الله قد أنار لنا قصتنا، نورًا يُظهر لنا كيف نستمد القوة من الإيمان، وكيف يمكن تحويل الصعوبات إلى مصدر إلهام وعزيمة”.

وتابع الغطريفي: “كنتُ أدعو الله وأنا طفل صغير، أدعوه بكل إخلاص وبراءة من أعماق قلبي. ذكّرتني هذه اللحظات بذكريات لا تُنسى مع والدي، والأماكن التي زرتها معه، وجميع زياراتنا لأولياء الله الصالحين في القاهرة. كل مشهد من هذه الذكريات ترك في نفسي أثرًا خاصًا، كأنه يُعيد إليّ جزءًا من روحي الضائعة. بعد جنازة والدي، ذهبتُ إلى الامتحانات وعدتُ للجنازة، لكنني كنتُ على يقينٍ داخلي بأن الله لن يتخلى عنا، وسيعوضنا خيرًا، وسيُخفف عنا فقدان رب الأسرة. وبالفعل، وجدتُ هذا التعويض في النجاحات التي أكرمني الله بها، حيث كنتُ المتفوق في مدرستي”.

قال عن حياته ونشأته: “كنتُ دائمًا طالبًا متفوقًا، لكن حلمي لم يكن أن أصبح طبيبًا أو ضابطًا أو مهندسًا كما هو متوقع في مجتمعنا الصعيدي. أردتُ أن أصبح صحفيًا، وكان هذا الشغف واضحًا في كل مرة أجد فيها صحيفة على الأرض وألتقطها لأقرأها”.

عندما دخلت المدرسة الثانوية، حثني الجميع على اختيار فرع العلوم، ولكن بعد شهرين فقط، اتخذت قراري بنفسي وقررت عدم متابعة هذا المسار. اخترت الفرع الأدبي، على الرغم من أنني كنت أعلم أن الجميع سيكون ضده. لقد قرأت نصف المنهج الدراسي للفرع الأدبي، بما في ذلك التاريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق، بمفردي، دون أي تعليم أو توجيه، بعد أن تم إعدادي من الصفر. كان من الصعب للغاية مواجهة والدي، خاصة عندما كانا مقتنعين بأنني أسير في الطريق الخطأ. لم يكن لي ملجأ إلا إلى الله، فلجأت إليه طالباً العون واليقين لمواصلة الطريق الذي أحببت.

أوضح الغطريفي: “علاقتي مع الله مبنية على مزيج من الحب والخوف، فالحياة مزيج من الصواب والخطأ. أخاف الله عندما أشعر بأنني أخطأت في حق أحد. يتسلل هذا الشعور إلى قلبي عندما أغضب من أحد، أو أستخدم ألفاظًا قاسية، أو آخذ الأمور على محمل الجد. في مثل هذه اللحظات، أتوقف لأتأمل في أفعالي، ثم أعود لأواسي من أخطأت في حقه وأصلح ما فسد”.

وأشار إلى أن الله عيّننا نواباً له في هذه الأرض لإعمارها وفق مبادئ ومعايير سامية. إن العمل بصدق هو جزء من هذا التمثيل. هذا الخوف يذكرنا بأن لا ننسى معنى وجودي ودوري في تنمية هذه الأرض لصالح الناس والمجتمع.


شارك